مقالات وآراء

الثلاثاء - 16 أبريل 2024 - الساعة 12:36 ص بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/مقال لـ"أحمد السلامي"

في نوفمبر عام 1985م كانت بداية عملي في تحرير الأخبار بتلفزيون عدن بعد تخرجي في جامعة عدن وحصولي على البكالوريوس في التربية والعلوم الاجتماعية تخصص فلسفة ، انتقلت من القسم الفني الى دائرة الاخبار ، وحينها اشعرني مدير الدائرة بضرورة العمل اولاً في قسم الاستماع السياسي ، لكني طلبت منه معاملتي كما جاء في أمر النقل (محرر أخبار) ومن خلال عملي في التحرير سأقوم بعملية الاستماع وتسجيل الاخبار وتفريغ ما يلزم منها وإعادة صياغتها ..

مر اسبوعان  وانا اداوم في الصباح ضيف فقط ، شعرت بالملل واقترحت على مديري الجديد ان اخرج مع الزملاء محررين التغطيات الخبرية للتدرب على كتابة الأخبار واعرضها عليه فقط وهو الذي يقوم بتحديد مكامن الاخطاء والاخفاقات الالتزام بالسياسة الخبرية وفي تجسيد عناصر الخبر الاساسية في النص ، وبعد الحاحي الشديد و وعدي بعدم بث أي خبر اكتبه وافق على خروجي في اليوم التالي مع أحد الزملاء لتغطية انعقاد دورة مجلس الشعب المحلي م/عدن ..

كنت مدرك ان المدير تعمّد ارسالي في هذه التغطية وهو يعلم أن هذا الاجتماع  سيكون ساخنا بسخونة الوضع السياسي العام الذي كان يعيش انقسامات وصراع بين أقطاب الحكم في البلد . وفعلاً كان تخميني في محله ، النقاشات كانت ساخنة بسبب اقالة مدير التربية والتعليم في مديرية الشعب المحسوب على طرف وتعيين شخص محسوب على الطرف الآخر ، جلسنا في اخر القاعة نستمع الى الاعضاء وهم تناقشون بحده وتوتر ، انا كنت اكتب رؤوس أقلام للاستفادة منها في كتابة الخبر المكلف به ، زميلي كان يتابعني وانا اكتب ويعترض على اسلوبي وبعض النقاط التي اكتبها ويحاول يتدخل ، وانا اقول له : الله يرضى عليك اتركني اشخبط لا تغششني خليني اكتب خبر بمعرفتي حتى ولو كان كله اخطاء .

انتهت الجلسة التي كانت برئاسة المحافظ  محمود العراسي ، غادرنا المكان انا توجهت الى بيتي ، وفي العصر استلمت مكالمة من المسئول المناوب في الاخبار يسألني اذا كان كتبت الخبر لم لا ، لان المحرر المكلف اللي كنت معه لم يقم بكتابة الخبر أو بالأصح تهرب واعتمد على الوكالة .. وقال انه اتصل بوكالة أنباء عدن أفادوا بعدم وجود اي خبر .. افهمته انني كنت اتمرن على كتابة الأخبار والمفرض لا اعطيك النص لأن هذا سيسبب لي اشكال مع المدير إلا إذا اتصلت به واخذت اذن منه ، حاول الاتصال بالمدير دون رد يظهر أنه فصل السلك حتى يأخذ قسط من النوم ، عاود الاتصال بي ــ بصراحة انا كنت منتظر الاتصال وهذه الفرصة ــ وقال يا اخي لازم من انقاذ الموقف و سقوط الخبر ليس في صالحنا هات الخبر على مسؤوليتي براجعه و باعتمده ، أمليت له الخبر بالتلفون ، وكان قصير لم يتطرق الى التفاصيل بل كان خبر عام راعيت فيه العناصر الاساسية للخبر والالتزام بمعايير السياسة الخبرية ، مستفيداً من جدول أعمال الاجتماع وبعض ما جاء في كلمة المحافظ .

عشت حالة قلق إلى أن بثت نشرة الاخبار وطلع الخبر مصور كما كتبته ، طبعا شعرت بالفرح والنصر في آن واحد ولم افكر بما سيقوله المدير .  في صباح اليوم التالي ذهبت الى العمل وقدمت نص الخبر الذي كتبته ، فلما قرأه المدير قال هذا خبر طلع امس في النشرة وانت نقلته منها ، قلت له بالعكس هم نقلوا مني ، وجلست اشرح له الموقف وهو منزعج وغير مصدق ، قام بالاتصال بالمسؤول المناوب لنشرة الأمس الذي شرح له ان الخبر كان سيسقط لو لا تعاون وتفهم الزميل احمد السلامي للموقف ، انتهت المكالمة ونظر لي نظرة فيها وعيد وقال : يعني كسرت كلامي .. طيب .

   هذا الموقف غير نظرت المدير لي تماماً ، انا التزمت الصمت ولم اتفاخر أمام الزملاء بما قمت به ، بعد أيام تم اعتمادي محرراً اساسياً في جدول النوبات وأسند إليّ إعداد بعض حلقات البرامج الاخبارية التي يتعذر على بعض الزملاء إعدادها بسبب الغياب او انشغالهم ، وفي بداية العام كلفني تحت اشرافه بإعداد البرنامج اليومي " حدث في مثل هذا اليوم " ،الذي بدأنا به من أول يناير 1986م قدمنا 12 حلقة وتوقف بسبب أحداث 13 يناير الدموية كما أن مدير الاخبار تم إيقافه عن العمل لانه كان محسوب على الطرف المهزوم .

كل هذا العمل الالتزام كان دون مقابل مادي ! الراتب فقط ، وفوقه 10% علاوة نوبة .