مقالات وكتابات


الجمعة - 12 أبريل 2019 - الساعة 06:45 م

كُتب بواسطة : هشام الحاج - ارشيف الكاتب



أن ترتفع هنا وهناك أصوات تطالب بتنحي الرئيس عبدربه منصور هادي أو استقالته  فانها مفهومة و طبيعية أذا عبرت عن حالة انفعال عاطفي انعكاسا لتردي الأوضاع  الأمنية والاقتصادية وجمود الحالة العسكرية  التي لم ينتج عنها أي حسم عسكري منذُ اربع سنوات فخريطة المناطق المحررة لم تتمد اكثر مما كانت عليه.

وحالة السلام لم تشهد أي تقدم يكمن الإشادة به ، ومن البداهة ان تلقى مسؤولية كل ذلك على كاهل الرئيس ،  ولكن هذا الانفعال العاطفي  يكون مقبولا ومبررا  عندما يتدفق على لسان المواطن مكلوم  من كل هذه الاوضاع : اما ان ينبري السياسيون ومناضلون وبعض الأقلام التي لم يكن لها موقف في أوضاع وظروف اسوى من حالة اليوم :  فإن الامر يضع علامات استفهام كبيرة جدا .

وأريد ان نستعيد الذاكرة ، فالرئيس سبق وان اعلن استقالته عندما وجد نفسه في حالة حصار عسكري سيدفعه بالإكراه لتقديم تنازُلات لسجان على حسب مصلحة الشعب : نعم عندما اردا الحوثي ان يأكل الثوم ويبتلع اليمن  بفم الرئيس فاجئهم باستقالته  التي اسقطت في أيديهم وافقدتهم التوازن

والرؤية حينها :

نريد ان نضع سؤالين موضوعيين  هما : ماذا لو تنحى الرئيس هادي او استقال ماهي السيناريوهات المتوقعة ؟

وماذا وراء الدعوة للتنحي او الاستقالة التي يرددها من سبق أشرنا اليهم.

وتحديد لمضمون السؤال : من صاحب المصلحة ، من المستفيد الأول من الاستقالة أو التنحي ... لنعرف بعد من تخدم هذه  الدعوة ؟

ومن البديهيات عندي وعلى المستوى الشخصي انني غير معني ببقاء الرئيس هادي او تنحييه ، بمعنى _ وهذا قربان لسهام الهجوم الانتهازي الذي يبتز مواقفنا  ويبررها  بما يخدم رغباته  وينشر الانكفاء على الذات – انني لستُ من المنتفعين او المقربين أو المستخدمين  لخدم نظام الرئيس ، ولكنني في الحقيقة ومن أعماق ضميري معني بالهم الوطني والصالح العام ...

اما على مستوى الإجابة عن سؤال ماذا لو تنحى الرئيس؟ فمعنى هذا أن الحالة الشرعية ، أو شبه الشرعية الوحيدة  المتماسكة في الحالة اليمنية هي منصب  رئيس الجمهورية اليمنية  التي اكتسبت مشروعيتها من المرتكزات الثلاث (المبادرة الخليجية – مخرجات الحوار الوطني – القرارات الدولية" قرارات مجلس الأمن") والرئيس هادي هو رئيس توافقي  ربما تكون مدة ولايته الانتخابية  انتهت  ولكن ولايته التوافقية لا تزال قائمة ومتماسكة...نتج عنها  وانبثق منها حالة ( التحالف العربي ) الذي تكون  اثر طلب الرئيس هادي من المملكة العربية السعودية مساعدته  في استعادة السطلة الشرعية  التي يجسدها ويمثلها ، والتي استندت الى لقرارات المؤسسة الدولية المعنية بحفظ السلم العالمي (مجلس الامن – الأمم المتحدة ) والتي أصدرت القرارات المفوضة للتحالف العربي للتدخل في اليمن بعد وضعه تحت البند السابع وبناء عليه تمكنت القوات المسلحة لدول التحالف العربي من التدخل بالشأن اليمني تحت غطاء الشرعية الدولية  ومستندة  في جميع خطواتها لشرعية سلطة الرئيس  المعترف بها دوليا ، ولولا ذلك ، أي لولم تكن شرعية متوفرة لتمكن خصومه من ان يمارسوا التدخل العسكري المباشر دعما لحلفائهم دون ان يكون للمجتمع الدولي حق الر فض والامكان .... وبالتالي سيكون تدخل ايران مثلا لدعم حليفها الحوثي أمر موازي لدعم أي من قوى التحالف لحليف محلي لا يتوفر له غطاء الشرعية الدولية ولو كان يمثل سلطة امر واقع اسوء بسلطة الحوثي...

ان الإجابة الأولية عن سؤال ماذا لو تنحى الرئيس  ، تتجسد في غياب المشروعية الدولية لحلة ( التحالف العربي  الذي تشكل لاستعادة سلطة هادي وبالتالي تحويل التدخل العربي من عمل مشروع مبرر  قانونيا الى تدخل غير قانوني ! كما تتساوى بذلك ممارسة كافة اطراف الصراع في ميزان القانون الدولي باعتبارها متساوية في عدم مشروعيتها القانونية وغياب الاعتراف الدولي بها وقيامها بأعمال الهيمنة وممارسة سطلة امر الواقع .

ان ممارسة سلطة الحوثي هي التجسيد الطبيعي للحالة المكتملة في ظل تنحي الرئيس  امام هيمنة سلطة امر الواقع في مناطق هيمنتها المختلفة ، كما ان اهداف التحالف العربي من التدخل باليمن الى جانب استعادة السلطة الشرعية للرئيس  هادي  والمتمثلة في منع التمدد الإيراني في المنطقة  ستتلاشى ببداهة بالتنحي ، وبالتالي سيتساوى التدخل الإيراني مع التدخل العربي ، بل سيكون التدخل أكثر سفورا وعلانية.

ومن البديهي ان يبرز السؤال الثاني : من تخدم دعوة التنحي والاسقالة ؟..

لاشك ان انقلاب الحوثي ومن وراءه ايران سيكون المستفيد الأول من تنحي الرئيس ، كما ان باقي القوى التي تحاول الانتقاص من شرعية الرئيس لصالح مشاريعه الخاصة شبه المستفيد في تقديرها الخاص وليس في واقع الامر من التنحي أو الاستقالة في المنطق التي تظن انها تقع تحت هيمنتها وسلطتها ( سلطة الامر الواقع ) وستبقى حالة من الشرعية وربما لا تحظي بالأجماع ( اليمني – جنوبا وشمالا) متمثلة في القوى التي ستتحالف مع حالة الوراثة الدستورية لسلطات هادي ممثلة في نائبه الذي يتولى مهام الرئيس في حالة الاستقالة او التنحي ، وهذ المشهد المتكون عند التنحي في الحالة الداخلية سيحول الصراع المسلح من معركة بين الانقلاب الحوثي والشرعية وفقا لتوصيف مجلس الامن والمجتمع الدولي الى حالة صراع بين سلطات  امر واقع تتقاسم السيطرة على الأرض دون حصولها على اعتراف شعبي او إقليمي  او دولي  وسينتج عن هذه السلطات تقديمها للتنازلات مقابل احتمالات الدعم من هذه الدولة الحليفة او تلك ولو على حساب حقوق الشعب.

 ومصالحه المستقبلية  الى جانب تكريس حروب مليشيات سلطات الامر الواقع ذات الخبرات الصفرية في سبيل الهيمنة والتي لن نستطيع تخيل المدى الزمني الذي تحتاجه للعودة لخيارات العقل والموضوعية والشروع في السلام  والتنافس على التنمية والبناء ...الخ

ان الدعوة الى التنحي والاستقالة عندما تبرز من مواطن بسيط ( حظري ) او (رعوي) او(بدوي) او (فلاح)  او ( صياد) او ( عامل) او ( قبيلي) او (.... الخ ... مفهومة الأسباب مبررة المنطق نقية الضمير ، اما ذات الدعوة من المثقفين  والسياسيين والكتاب فلا اعتقد ان البراءة والنقاء والمصداقية  تصادفها الا نادرًا...!

والله من وراء القصد...