إسلاميات

الجمعة - 03 نوفمبر 2023 - الساعة 12:25 ص بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية / متابعات



فرض الله على كل ذكر مسلم بالغ عاقل أداء صلاة الجمعة، وحدد لها شروطا وأحكاما، كما وعد بفضل كبير لمن يقيمها على الوجه المأمور به، وجعل سبحانه وتعالى لصلاة الجمعة فوائد اجتماعية للمسلمين تضاف إلى فوائدها العقائدية.

نتناول فيما يلي سرد دليل شامل لكل ما يريد معرفته القارئ عن كيفية أداء صلاة الجمعة، وأحكامها وفضلها وأشهر المسائل الفقهية المثارة بشأنها.

معنى صلاة الجمعة

سميت صلاة الجمعة بهذا الاسم لأنها تعتبر اجتماعا أسبوعيا للمسلمين كل أسبوع، حيث تحضر جماهير المسلمين من المكلفين بأداء صلاة الجمعة في المسجد، وصلاة الجمعة ركعتان جهريتان حدد الشرع وقتهما في ظهر يوم الجمعة، وتكون بدلا من صلاة الظهر التي تؤدى بأربع ركعات في سائر أيام الأسبوع.

ويحتوي القرآن الكريم على سورة تحمل اسم "الجمعة" ترتيبها في المصحف 62 وهي سورة مدنية، يبلغ عدد آياتها 11 آية، وتضمنت سورة الجمعة أمرا صريحا للمؤمنين بالسعي إلى أداء تلك الفريضة فور سماع النداء إليها وترك كل ما قد يشغل المسلم عنها من أمور الدنيا.

أذان صلاة الجمعة

الأصل الثابت عن النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، أن لصلاة الجمعة أذانا واحدا، ويكون عند صعود الخطيب المنبر، وهذا ما كان متبعا في عهد النبي، إلا أنه في عهد الخليفة الراشد عثمان بن عفان تمت زيادة أذان ثان لتنبيه الناس ليوم الجمعة قبل الأذان الذي ينادى به عند دخول

ويُنادى بالآذان الأول قبل دخول وقت الصلاة بنصف ساعة أو نحو ذلك، والغرض منه منح فرصة للمصلين للاستعداد للقدوم إلى المسجد، وقد اتبع المسلمون نهج الخليفة عثمان في عهده وما بعده، اتباعا لقول الرسول "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي".

وقت صلاة الجمعة

جاء رأي جمهور علماء المسلمين بأن وقت بداية صلاة الجمعة يكون بعد الزوال (أي زوال الشمس عن كبد السماء وهو وقت الظهيرة)، وأجاز بعض العلماء أداء صلاة الجمعة قبل وقت الزوال، لكن الأحوط أداؤها بعد الزوال تجنبا لتباين آراء العلماء.

وفيما يتعلق بتوقيت انتهاء صلاة الجمعة، فقد اتفق علماء المذاهب الفقهية الأربعة على أن وقت الجمعة ينقضي مع نهاية وقت صلاة الظهر، إلا أن هناك خلافا فقهيا حول وقت الظهر وهل ما إذا كان يتداخل مع وقت صلاة العصر.

ويرى جمهور العلماء أن وقت الظهر لا يتداخل مع العصر، فإذا انقضى وقت الظهر، ودخل وقت العصر، يكون بذلك وقت صلاة الجمعة قد انتهى، لكن علماء المالكية اشترطوا لصحة أداء صلاة الجمعة وقوعها بالكامل مع خطبتها في الوقت من الظهر إلى الغروب، كما أجازوا أداء الجمعة بعدما يكون ظل كل شيء مثله وهو ما يحدث بدخول وقت العصر.

أما جمهور العلماء فأفتوا بعدم جواز أداء صلاة الجمعة إن فاتهم وقت الظهر ودخل وقت العصر، حيث يكون عليهم في تلك الحالة أن يصلوا الظهر فقط.

أركان وسنن أداء صلاة الجمعة

بعد الأذان يحين وقت الخطبة، وهي تعد شرطا لصحة صلاة الجمعة، وورد عن بعض صحابة رسول الله أنها شُرعت بدل الركعتين من صلاة الظهر، ولخطبة الجمعة شروط نذكرها لاحقا، من بينها أن يكون الخطيب متطهرا من النجاسة ومن الحدثين الأصغر والأكبر، وأن يرتدي أفضل الثياب وأن يلقي الخطبة من فوق منبر وأن يلقي السلام على الناس.

بعد انتهاء الخطبة تقام الصلاة ويقف الإمام ومن خلفه المصلين في صفوف منتظمة مستقبلين اتجاه القبلة، حيث يأمّ الإمام المصلين بركعتين جهريتين، تنتهي بنهايتهما أركان صلاة الجمعة.

وأما عن صلاة النافلة في يوم الجمعة فيشرع التطوع قبلها من غير تحديد عدد ركعات فتكون إما ركعتين أو أربعة أو ست ثمان ركعات أو أكثر، أما السنَة البعدية فهي أربع ركعات، تؤدى في البيت، أو في المسجد، وذلك مصداقا لحديث الرسول ﷺ في صحيح مسلم: "من كان مصليا بعد الجمعة، فليصل بعدها أربعا" وفي لفظ آخر "إذا صليتم بعد الجمعة فصلوا أربعا".

الاستعداد للصلاة

ينبغي للمسلم أن يعظم يوم وصلاة الجمعة وأن يستعد للصلاة في هذا اليوم استعدادا خاصا بعدة سنن من بينها، الاغتسال، ووضع العطر والتحلي بأفضل ما لديه من ثياب.

وهناك من الأحاديث النبوية في هذا الصدد ما يعد فيه الرسول ﷺ بمغفرة الذنوب ما بين الجمعتين لمن يغتسل يوم الجمعة، ويتطهر بما استطاع، ثم يذهب إلى المسجد دون أن يفرق بين اثنين، ثم يصلى ويُنصِت للإمام إذا تكلم.

الذهاب إلى المسجد

أجمع علماء المسلمين على أنه من المستحب للمسلم يوم الجمعة التبكير إلى المسجد، إلا أن آراء الفقهاء تباينت فيما يتعلق بوقت التبكير، ويرى جمهور الفقهاء أن التبكير المقصود
من بين من قالوا بهذا الرأي الإمام الشافعي، حيث استحسن الخروج إلى صلاة الجمعة بعد صلاة الفجر وقبل بزوع الشمس، أما الإمام مالك فيرى أن التبكير المقصود إنما هو زوال الشمس، مشيرا إلى أنه لا يشرع التبكير من أول النهار.

ويسن للمسلم في يوم الجمعة أن يسير في الطريق إلى المسجد بتأن ووقار، مع الحرص على الوصول إلى المسجد مبكرا بقدر المستطاع.

سلوك المصلي يوم الجمعة

يسن للمصلي يوم الجمعة أداء ركعتين فور الوصول إلى المسجد وقبل جلوسه، إلا أن الإمام مالك له رأي مخالف لجمهور العلماء في هذه المسألة، حيث أنه نهى عن الركعتين وقت الخطبة، ولكل رأي أدلته.

كما يسن للمصلي أن يدنو من الإمام بقدر المستطاع دون أن يتخطى رقاب المصلين أو أن يؤذي أحدا منهم، ثم يجلس منشغلا بذكر الله أو قراءة القرآن أو أي شكل من الطاعات إلى حين بدء الخطبة.

وعند صعود الإمام المنبر، ينبغي أن يتأهب المصلي للخطبة وذلك بتصفية ذهنه وقلبه للتركيز على ما يقوله الخطيب حيث ينبغي له أن يكف عن اللغو والخوض في سائر الكلام من شؤون الدنيا، بل ويكف حتى عن أمر أحد المصلين بالإنصات للخطبة.

ترتيب شعائر الصلاة

ينبغي التزام المصلي بترتيب أركان صلاة الجمعة، فلا يصح أن تسبق الصلاة الخطبة، بل أن شعائر الصلاة تسير وفقا للترتيب التالي:

1.

اجتماع المصلين في المسجد

2.

أداء سُنّة تحية المسجد

3.

رفع الأذان الأول

4.

صعود الخطيب المنبر

5.

رفع الأذان الثاني

6.

إلقاء الخطبة

7.

إقامة الصلاة

8.

أداء الصلاة

9.

أداء السنّة البعدية

اختتام صلاة الجمعة

هناك سنن في ختام شعائر صلاة الجمعة، فبعد الانتهاء من الخطبة يبتهل الخطيب إلى الله بالدعاء ويؤمن من خلفه المصلين، وبعد انقضاء ركعتي صلاة الجمعة يسن أداء أربع ركعات كما تسن أذكار ما بعد الصلاة، ثم ينصرف المصلين عن المسجد في هدوء ووقار.

خطبة الجمعة

الخطبة من أركان صلاة الجمعة، لا تصح بدونها، وقد وضعت الشريعة الإسلامية الخطوط العريضة لمحتوى خطبة الجمعة، وقد ثبت عن النبي أنه كان يخطب يوم الجمعة خطبتين بينهما جلسة يسيرة على المنبر، ولم يرد دليل قاطع عن النبي دعاء أو ذكر محدد بين خطبتي الجمعة، إلا أن بعض أهل العلم رأى استحباب الدعاء بين الخطبتين.

محتويات الخطبة

يشترط أن تشتمل الخطبة على حمد الله، والثناء عليه، والشهادتين، كما ينبغي أن يعظ الخطيب الناس ويذكرهم بأوامر الله ونواهيه، واشترط بعض العلماء أن تحتوي الخطبة على الصلاة على النبي ﷺ، وقراءة شيء من القرآن الذي يعتبر من مكملات الخطبة، إلا أن المقصد الأساسي من خطبة الجمعة وعظ المسلمين وتوجيههم إلى كل خير، وتحذيرهم من كل شرِ.

شروط خطبة الجمعة

من بين أبرز شروط خطبة الجمعة التي اتفق عليها الفقهاء أن تقع الخطبة بعد دخول وقت صلاة الجمعة، وقبل صلاة الجمعة وليس بعدها، كما يجب ألا يطول الفصل بين الخطبة والصلاة، وهو ما يعرفه الفقهاء بالموالاة بين الخطبة والصلاة.

وتباينت آراء العلماء حول نقاط أخرى اعتبرها بعضهم شروطا لخطبة الجمعة، ومن بينها النية، حيث اشترط فريق من علماء الحنابلة وبعض الشافعية أن ينوي الخطيب إلقاء الخطبة المفروضة لصلاة الجمعة، كما رأى جمهور أهل العلم ما عدا الحنفية أن الجهر شرط لخطبة الجمعة فلا يصح أن يلقي الخطيب خطبته سرا، ذلك لأن مقصود الخطبة يتحقق فقط
وفيما يتعلق باشتراط عدد معين لخطبة الجمعة، فالأصل أنه يشترط لصحتها الجماعة، إلا أنه لم يرد دليل شرعي على اشتراط عدد معين، لذلك يكفي لإقامتها ثلاثة أفراد فما فوق ذلك.

وحول اشتراط إلقاء الخطبة باللغة العربية، فقد اجتمع الفقهاء على أن الأولوية لاستخدام اللغة العربية، لكنهم انقسموا إلى ثلاث أقوال حول كون ذلك شرطا لصحة الخطبة أم لا.

يشترط المالكية والمذهب المشهور عند الحنابلة أن تكون الخطبة بالعربية للقادر عليها، حتى وإن كان السامعون لا يعرفون العربية، أما الشافعية وبعض الحنابلة فيشترطون أن تكون خطبة الجمعة بالعربية للقادر عليها، إلا إذا كان السامعون جميعا لا يعرفون العربية، ففي هذه الحالة تلقى الخطبة بلغتهم.

أما القول الثالث وهو لأبي حنيفة وبعض الشافعية، فأفاد باستحباب أن تكون الخطبة بالعربية، لكنه ليس شرطا لصحتها، ما يعني أنه للخطيب أن يلقي الخطبة بلغته حتى وإن كانت غير العربية.

وشاع العمل بالقول الثالث بين أهل العلم المعاصرين، نظرا لعدم وجود دليل صريح يوجب إلقاء الخطبة باللغة العربية، من ناحية أخرى فإن أحد المقاصد الأساسية لخطبة الجمعة هو وعظ المسلمين وإيصال الفائدة لهم وهو ما لا يتحقق إن ألقيت الخطبة بلغة غير مفهومة لهم.

سنن خطبة الجمعة

أن يكون الخطيب متطهرا من النجاسة ومن الحدثين الأصغر والأكبر، وأن يرتدي أحسن ثيابه.

أن يسلم الخطيب على الناس، ويخطب فوق منبر، وأن يتجه بوجهه لمستمعي الخطبة.

أن يَصدُق الخطيب الناس في وعظهم والتذكير بشرع الله، وألا يطيل الخطبة ويقسمها إلى خطبتين.

ماذا يقرأ الإمام في ركعتي الجمعة؟

ورد أكثر من حديث عن النبي فيما يتعلق بما يسن قراءته من القرآن في ركعتي صلاة الجمعة، من بينها ما رواه الإمام مسلم عن النعمان بن بشير، حيث قال: إن النبي ﷺ كان يقرأ في العيدين وفي الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية".

وعن أبي هريرة: أن النبي ﷺ، قرأ في الجمعة بالجمعة والمنافقون، وهو ما يدل على أن المقصود في حديث النعمان هو ما كان يفعله رسول الله في غالب الحال وليس دائما.

قواعد السلوك في المسجد

قواعد التواجد في المسجد في صلاة الجمعة مثلها مثل باقي الصلوات في المسجد، تقضي بأن يجلس المصلين في خشوع ووقار محافاظ على هيبة وقدسية المسجد وعدم تخطي رقاب المصلين، إلا أن سلوك المسلم في صلاة الجمعة يزيد عليه ضرورة الإنصات إلى الإمام أثناء الخطبة.

ويحرم على جميع المصلين اللغو والتشويش على إخوانهم أو إشغال مسامعهم بأي شيء غير الصلاة والخطبة، حتى وإن كان ذلك التشويش لتنظيم صفوف المصلين أو أمرهم بالإنصات، وورد عن النبي في هذا الشأن قوله: "ومن مس الحصا فقد لغا".

صلاة الجمعة للمرأة في المنزل

لم يفرض الشرع صلاة الجمعة على النساء، ما يعني أنهن في وقت صلاة الجمعة، لا ينبغي عليهم سوى أداء صلاة الظهر أربع ركعات إذا كانت مقيمة وركعتين إذا كانت مسافرة في المنزل كبقية أيام الأسبوع.

وأجاز الفقهاء حضور النساء إلى المسجد في صلاة الجمعة إذا أردن ذلك، فإذا حضرن الصلاة مع الرجال تكون بذلك الجمعة كفتها عن صلاة الظهر، وهو ما كان يفعله بعض النساء في عهد النبي ﷺ.

كما أفتى الفقهاء بعدم جواز أداء النساء صلاة الجمعة في المنزل خلف الإمام حتى وإن كان المنزل ملاصقا للمسجد، حيث أن اتصال صفوف المصلين يعد شرطا لصحة الصلاة، إلا إذا ضاقت المساجد فاضطر المصلين إلى أدائها في صفوف متصلة خارج المسجد في الطرقات.

وفيما يتعلق بتوقيت أداء صلاة الظهر للنساء يوم الجمعة في بيوتهن، فيجوز لهن صلاتها بمجرد دخول وقت الظهر دون التقيد بأذان صلاة الجمعة، ما يعني أنه يمكن للنساء أداء صلاة الظهر في المنزل قبل أن تقام صلاة الجمعة.