مقالات وكتابات


السبت - 07 ديسمبر 2019 - الساعة 01:45 م

كُتب بواسطة : فضل الحبيشي - ارشيف الكاتب


(قد تأتيك النصيحة النافعة على لسان مجنون) قالها الكاتب الناقد جورج برنارد شو.
ألتقيت به مساء الخميس في شارع اللبن بالتواهي القريب من مسجد الهتاري، ويبدو عليه من خلال هيئة ملبسه وملامحه الظاهرة أنه يعاني من حالة نفسية غير مستعصية، ودار بيني وبينه حوار نقلته هنا مع بعض التصرف..
بادرني بالقول: بلاد (فالتو)!!.
قلت: كيف؟!!.
قال: ألم تسمع إطلاق الرصاص قبل قليل؟.
قلت: نعم، سمعت.. ولا أعلم ما الخبر.
قال: هذا بعض الشباب الطائش أو نقدر نسميهم بلاطجة العصر يطلقون الرصاص بكثافة في الهواء ابتهاجا بعرس قريب لهم ولا يهمهم أن الراجع قاتل.
قلت: هذه ظاهرة مقلقة ومقيتة انتشرت بصورة رهيبة في أنحاء عدن.. وأصبحت المشكلة رقم واحد في نظر المواطنين الذين صاروا يتعايشون يوميا مع خطورتها لتتحول إلى سيف مسلط على رقابهم وتقلب كثير من أفراحهم إلى أحزان.
قال: طيب، فين الأمن وأفراد الشرطة؟!!.
قلت: موجودون ويعملون قدر استطاعتهم وحسب إمكانياتهم، لكن في اعتقادي ليس لديهم توجيهات بمصادرة السلاح الذي يثير الرعب والخوف في صفوف الناس، ولا شك أن ظاهرة انتشار الأسلحة تعتبر أهم التحديات الأمنية الحالية التي تواجه مساعي إعادة الاستقرار والسكينة العامة.
قال: طيب ما هو الحل في نظرك؟.
قلت: الحل في نظري وفي نظر غالبية أفراد المجتمع لن يكون إلاّ من خلال عملية سياسية متكاملة ترسي قواعد الثقة والتوازن بين دولة وطنية قوية وعادلة وبين كل مكونات المجتمع، لأن قضية انتشار السلاح في أيادي العابثين وكل من هب ودب يصعب حلها في ظل هذه الظروف والأوضاع، فهي قضية موازية لقضية الاستقرار السياسي الذي بدوره يساهم إلى حد بعيد في التقليل أو التغييب النهائي لعسكرة المجتمع.
قال: كيف يكون ذلك؟.
قلت: ما يعزز الانفلات الأمني والفوضى الأمنية هو الأزمة الاقتصادية والفساد وغياب دور مؤسسات الدولة في تنظيم حياة ومصالح الناس وتدني مستوى الخدمات المجتمعية، لذلك فإن عملية نزع السلاح وتنظيم حيازته يحتاج إلى إعادة تأهيل ودمج كامل لحاملي الأسلحة في مشروع كبير تشرف عليه الدولة التي يتساوى فيها المواطنون في الحقوق والواجبات دون تمييز.
قال: ألا يوجد في الوقت الراهن حل لفوضى السلاح ولو مؤقتا لحين قيام الدولة المطلوبة؟.
قلت: هناك غضب شعبي يعبر عنه الناس في الميدان وكذا الناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي ينددون بهذه الظاهرة وتنامي حوادث القتل والاستيلاء على الأراضي بقوة السلاح وإطلاق الرصاص في الهواء وما شابهها من الأمور، تلك الحملات الشعبية تطالب بضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لحماية أبسط حقوق المواطن المتمثلة في الحق في العيش بسلام وأمان واستقرار وهو ما نأمل تحقيقه بقيام الدولة التي نريد ونحلم بها جميعا.
قال: هيا، مع السلامة.. (جنان يخارجك ولا عقل يحنبك).