مقالات وكتابات


السبت - 26 أكتوبر 2019 - الساعة 05:12 م

كُتب بواسطة : د. مروان هائل عبد المولى - ارشيف الكاتب



المفاوضات المتكررة حول الشأن الداخلي  للجمهورية اليمنية سببه كيانات قبلية شمالية سياسية وعسكرية  تقتات من الحروب و حوارها واتفاقاتها مع الجنوبيين دائما ما يكون  على أرضهم وثرواتهم لتواصل الاستحواذ على بلدهم وخيراتها مستخدمة في ذلك طرق  واتفاقات ملتوية ، وإن رفض الجنوبيين ذلك فهي تلمح بفرض إرادتها بقوة سلاحها وكثافتها البشرية .

بداية التفاوض الحقيقي بين هذه الكيانات وبين الجنوبيين فيعود الى عام 1994  وكان التفاوض لحل الازمة السياسية بين الرئيس الشمالي صالح ونائبة الجنوبي علي سالم ،  بسبب زيادة الاغتيالات التي طالت الكوادر الجنوبية فقط وكشف مخطط لإسقاط الجنوب عسكريا في قبضة هذه الكيانات القبلية الشمالية ، حيث تم التوقيع في الأردن على وثيقة العهد والاتفاق  بين الطرفين لتجنب البلاد الانزلاق الى الحرب ، إلا أن المخلوع الراحل صالح وقبائل الشمال واحزابها وعلى رأسهم حزب الاصلاح غدروا بها قبل أن يجف حبرها واجتاحوا الجنوب بالقوة ودمروه وعاثوا فيه فساد آثاره مستمرة حتى الآن .

 تلت وثيقة العهد والاتفاق  مبادرة خليجية في 2012) ) من أجل تهدئة ثورة الشباب اليمنية  عبر مشروع اتفاقية سياسية ترتب خطوات نقل السلطة في اليمن ، ولكن حقيقة الأوضاع في تلك الفترة في العلن كان اسمها ثورة شباب  وفي الباطن صراع بين الكيانات القبلية الشمالية على السلطة بواجهة سياسية ( أنصار الله ،جماعة الإصلاح ، المؤتمر الشعبي ) مع تمثيل هزيل لبعض الاطراف السياسية الجنوبية ، رحب الشماليين بالمبادرة دون أي اعتبار للجنوبيين ، الذين تم خداعهم  بالتلميح عبر التعهد في مناقشة قضيتهم من خلال خطوات الفترة الانتقالية في مؤتمر الحوار الوطني الشامل و ايهامهم بتعيين هادي الجنوبي رئيس للجمهورية اليمنية ورئيس مؤتمر الحوار الوطني .

ثم جاء دور  مؤتمر الحوار الوطني الشامل في  (2013) جرى التحضير والإعداد له عبر مراحل طويلة ، انعقد المؤتمر تحت شعار "بالحوار نصنع المستقبل " وبمشاركة  مكون جنوبي شكلي ضعيف لاحول له ولا قوة ، رأس مؤتمر الحوار رئيس البلاد عبد ربه منصور هادي ،الذي قال حينها أن "الشعب اليمني سيفاجئ العالم لتحقيق التغيير من خلال الحوار" ونسى الرئيس هادي أنه يتعامل مع  عقليات قبلية شمالية مختلفة ومتخلفة تسيطر على السلاح ومراكز النفوذ وتسعى جميعها الى السلطة والنفوذ والثروات الجنوبية ، لاحقا حاصرت هذه العقليات منزل الرئيس هادي ورئيس الوزراء خالد بحاح ومن ثم اجبرت الرئيس هادي على  الفرار من صنعاء الى عدن.

مفاوضات  اتفاق السلم والشراكة الوطنية (2014) ، كان  اتفاق سياسي شمالي بامتياز و دون أي اعتبار للجنوبيين وقضيتهم ، فالجنوب وثرواته  بالنسبة للكيانات القبلية الشمالية عبارة عن قطعة أرض تابعة لهم يقسمها الاقوى بينهم  حسب مزاجه و اتفاق السلم والشراكة كان عبارة عن مفاوضات واتفاق لتسوية الأزمة بين الحوثيين و رموز السلطة الهش والمكونات السياسية والقبلية في الشمال ، حينها رفض الحوثيين التوقيع على الملحق الأمني التابع للاتفاق ومن ثم اجتاحوا الجنوب مدعومين ببعض الوية الحرس الجمهوري التابع لعفاش ، ليخرجوا  بعدها من الجنوب لاحقا مهزومين اذلاء بفضل المقاومة الجنوبية ودعم التحالف العربي بقيادة السعودية و الامارات .

مؤتمر الرياض  2015 انعقد أثناء أحداث الحرب الأهلية  والعمليات العسكرية ضد الحوثيين، هو مؤتمر سياسي يمني بين الأطراف السياسية اليمنية المختلفة، تحت شعار "انقاذ اليمن وبناء الدولة الاتحادية".

مفاوضات جدة والاتفاق المنبثق عنها لن يثني الجنوبيين عن هدف استعادة الدولة الجنوبية بحدود ما قبل مايو 1990، فالجنوبيين شاركوا في عشرات المؤتمرات والمفاوضات  ووقعوا العديد من الاتفاقات الداخلية والخارجية من أجل الحفاظ على الوحدة اليمنية و البناء والسلم والتنمية في اليمن ، ولكنهم كانوا يصطدمون بغطرسة رجال العصابات القبلية في الهضبة ، التي يسكنها شيوخ يعتبرون أنفسهم طبقة اجتماعية فوقية و كل اتفاق لا يناسب مصالحهم ويقلل من سلطتهم ولا يملئ حساباتهم البنكية  هو اتفاق ملغي وهذه الطبقة من الشيوخ لديها سجل أسود في نقض العهود والاتفاقيات والتاريخ شاهد على ذلك .