مقالات وكتابات


الإثنين - 11 يونيو 2018 - الساعة 01:38 ص

كُتب بواسطة : صالح أبو عوذل - ارشيف الكاتب


ذات مساء تلقيت اتصال عتاب من العم الحاج صالح الحنشي، مفاده "أن الكثير من الكتاب والصحافيين المحسوبين على أبين ينالون من المحافظة بقصد او بدون قصد، وأن أبين ليست شخوصاً بل هي محافظة كبيرة مساحتها ضعف مساحة قطر، قدمت خيرة رجالها خلال المراحل الوطنية من الاستقلال الأول إلى اليوم ، وأنها أفشلت الكثير من مشاريع الموت والمؤامرات وكانت صاحبة اليد الطولى في التصدي لكل الحروب التي شنت على الجنوب.
العم صالح، كان غاضباً لأن بعض أبناء أبين ساروا في طريق النيل من محافظتهم الفتية بسبب بعض الشخوص.
كنت قد وعدت العم صالح بالكتابة عن أبين، المحافظة الحبيبة وان أضع وجهة نظري، حسب ما اراه صحيحاً، ولماذا نحن على خلاف مع هادي والأبينيين الذين مكنهم من بعض المناصب وتجاهلوا أبين التي كان اهلها يظنون أن هادي سيجعل منها، مدينة مزدهرة ومستقرة، ودعم أهلها الذين يشتغلون في الزراعة وتربية الحيوانات والنحل (باعتبار أبين هي المحافظة الغنية بالثروات الزراعية والحيوانية).
إن خلافنا مع الرئيس هادي، في منظومة الحكم الأبينية من وزراء ومسؤولين محليين وعسكريين وأمنيين، الذين للأسف الشديد قدموا أبين البطولة والتضحية بصورة مهينة للغاية، أصبح الأبيني الكريم يقدم بفضل هؤلاء "على أنه صاحب مصلحة و(شي عيشة)"، وليس الأبيني الرجل القوي الشجاع الذي لا يهاب الموت.
أبين تاريخ، لا يمثله هؤلاء (...) الذين يتمترسون خلف أبين كلما شعروا أن مصالحهم في خطر، ويطالبونك أن تتمترس معهم، مع أننا أكثر من تعرض لعنصرية هؤلاء المحسوبين (كذبا) على أبين المحافظة وهي لم ترَ منهم غير ما يقدمونه عن أهلها من صورة سيئة هي في الأساس نتاج ما تربوا عليه في حواري صنعاء القديمة خلال أكثر من 40 عاماً.
قلت مراراً "إن خلافنا مع هادي هو ما تمارسه منظومته، تجاه جزء أصيل من أبين، وهي منطقة العواذل"، وكانت الشواهد تتكرر، أمام تلك العنصرية، التي كان البعض يبرر ان سببها هو الخلاف "بين هادي ومحمد علي أحمد"، ولكن بعد أن عاد بن علي إلى صف هادي، لم يتغير في الأمر شيء، بل وصل الأمر الى اسقاط حق التعزية في أي شهيد يسقط من أبناء العواذل، في معركة الدفاع عن الشرعية التي يمثلها هادي.
حين سقط الشهيد البطل عبدالله زغينة العوذلي، كتبت مستغربا لماذا لم يعزِّ هادي في استشهاد اركان أحد ألوية العمالقة، فأتى الرد في اليوم التالي "أن الرئيس هادي يتصل مطمئنا على رفيق زغينة الجريح، في حين لم يذكر استشهاد العوذلي".
تلقيت بعد ذلك اتصالات من قيادات عسكرية كبيرة، أحدهم كان في قوة حماية الرئيس عقب وصوله عدن، وهو ضابط رفيع برتبة عقيد، لديه خبرة طويلة في العمل العسكري، ولكن لأنه محسوب على العواذل - كما قال - لم يعين حتى قائد كتيبة، مع انه كان أول من أتى من أقصى الشرق الجنوبي للدفاع عن عدن، وشارك في مختلف الجبهات كمقاتل.
وعقب التحرير كانت عائلة الرئيس هادي توزع الرتب والمكاسب المالية على المدنيين وتمنحهم رتباً عسكرية رفيعة.
قال لي ساخراً "أهانوا السلك العسكري والرتبة العسكرية، ان الرتب الميدانية تمنح من رائد وتحت، لكن عائلة الرئيس – كما اسماها - منحت رتباً عسكرية لأناس كانوا عمال خدمات في الحرب لم يشاركوا في القتال"، واقسم لي على ذلك.
قال "لي أكثر من 40 عاماً في السلك العسكري وعندي دورات في خارج اليمن، ومع هذا انا حاليا برتبة عقيد، لكن بعضهم ممن كان يوزع الأرز على الجبهات حصل على رتبة عميد، نظير ذلك الجهد الذي حقيقة نشكره عليه، لكن ان يمنح رتبة عسكرية كبيرة، هذا ليس عيباً ولكنه انتهاك للعرف العسكري".
صمت لثوانٍ ثم قال "أقول لك شيئاً، ورب الكعبة ان عنصرية أبين أكثر من عنصرية الضالع، ما حصل لنا من عائلة هادي شيء لا يعقل ولا يصدق والبعض يظن أن أبين هي التي تحكم، لكن أبين هي التي تدفع الثمن، وليست منطقتنا "العواذل"، ولكن حتى الوضيع مسقط رأس هادي، يعاني أهلها الأمرين".
البعض من أبناء العواذل "وهم قلة" يقفون في صف الرئيس هادي رغم كل هذه الممارسات المناطقية، ولكنهم في الوقت ذاته يعبرون عن استغرابهم حول لماذا "العواذل عليهم خط أحمر".
قال لي أحدهم "إن هناك من يحارب العواذل، وحتى المحسوبون على القبيلة، الذين يعينون قادة عسكريين لأنهم موالون لهم وليس لانهم من العواذل"؛ في اشارة الى أحمد العيسي رجل النفط والمال في اليمن، الذي ينشئ قوة عسكرية للدفاع عن مصالحه، مثله مثل اي طرف، من اطراف الشرعية التي أصبحت لها ألوية عسكرية.
لست عنصريا – ورب الكعبة - ولكن حقيقة نستغرب لماذا أبناء العواذل لم يحظ أحد منهم بمنصب، في حكومة هادي، ولو أخذنا مثال على ذلك السياسي المؤتمري عبدالخالق البركاني؟.
قائمة طويلة جداً من الرجال الأوفياء، لماذا لم يحصل أي منهم على منصب ولو على غرار منصب أبو مشعل الكازمي مثلا، مع أن البعض من العواذل دورهم في الحرب لا يقارن بأحد ممن تم تعيينهم ومنحهم الرتب العسكرية، وهم معروفون لحكومة هادي وعائلته، بالاسم والصورة.
ذات يوم اتصل لي الشاب البطل أبن مكيراس "أديب عارف"، يشكو قطع راتبه من قبل العميد الأبيني عبدالله الصبيحي وحذف اسمه من كشوفات الجرحى، مع أنه جرح ثلاث مرات في ثرة وصعدة وباب المندب، ولديه ملف تقارير يؤكد انه أحد جرحى الحرب، ولكن الصبيحي حذف اسمه لأسباب لا أحد يعرفها، ولا يوجد لها اي تفسير.
في منتصف رمضان أتى إلي جنود من أبناء لودر – عسكر في قوات الأمن الخاصة التي يقودها الأبيني فضل باعش- قالوا لي انه طردهم بعد اشهر من محاولات التطفيش، فمرة يقول لهم "اذا تريدوا تتعسكروا روحوا اشتروا بنادق وتعالوا".
الأبيني فضل باعش "حين رأى ألا فائدة لتطفيشهم قام في منتصف رمضان، باعتقالهم من وسط المعسكر والزج بهم في السجن، وخيرهم بين البقاء في السجن أو الخروج من المعسكر نهائياً، وفعلا غادروا المعسكر دون عودة".
قال لي أحدهم "تسلفت 350 ألف ريال عشان اشتري بندق، من أجل ان التحق بقوات الأمن الخاصة، وبعت البندق في الشيخ عثمان بـ 250 ألف ريال يمني، على أمل دفع تكاليف العودة إلى لودر وكذا سداد جزء من الدين الذي علي".
كان بالإمكان ان يكون من العواذل "أول وزير في حكومة خالد بحاح"، وهو القيادي في الحراك الجنوبي وعضو مؤتمر الحوار اليمني خالد العبد الشعوي العوذلي، الذي كان مدعوما من بعض الاطراف ان يكون وزيرا في حكومة بحاح، ولكن في اللحظات الأخيرة تم ازاحته، لأسباب يمكن شرحها في وقت لاحق.
لا شك ان ما ذكرته هي مجرد نماذج على ما أرى انها عنصرية داخلية (أبينية في أبينية)، وعلينا ان نتحدث عنها قبل ان نتحدث عما تمارسه الأطراف الأخرى ضد أبين، ومنها المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يتعامل بعض قادته مع أبين على أنها (أبين عبدربه منصور هادي).
الأمر لا يقتصر على العواذل وما تمارسه ضدهم منظومة الحكم الأبينية، فهناك الكثير من المناطق تعاني من التهميش والحرمان، وفي طليعتها الوضيع مسقط رأس عبدربه منصور هادي.
ذات يوم قال لي أحد ابناء الوضيع "إن منظمة دولية قدمت إلى مسقط رأس هادي، لبناء حمامات لأهالي المديرية النائية، قبل أشهر"، وأخبرني ان الطريق التي تصل المديرية بالطريق الرابط بين لودر ومودية نفذته منظمة دولية وهادي رئيس لليمن".
وأقسم لي "ان هادي لم يقدم اي مشروع للوضيع منذ نحو ربع قرن، كان نائباً، ومن ثم رئيس".
كيف اذا تحدثنا عن أحور والمحفد وجيشان وسرار وجعار وحتى العاصمة زنجبار التي لا تزال اثار حرب 2011م بادية على جدرانها، وهي عاصمة محافظة الرئيس هادي.
أبين التي يريد البعض ان ينتقم منها، ويصور لنا ان ذلك نكاية بهادي، فهادي لم يفعل لأبين اي شيء، بل إن إدارته وعائلته، لا تزال تمارس الابتزاز السياسي مع أبين كما تفعل مع بقية مدن الجنوب "إن تقبل بمشروعنا، فتعال معنا، ما لم فانت انفصالي ومتحالف مع الاحتلال الخليجي"، الذي يقيمون في عواصمه.
وأطلقوا هذا المصطلح لأن هذه الدول الخليجية، ارادت التحالف مع قوى جادة في محاربة الحوثيين، فقالوا عليها انها تحالفت للاحتلال، وها هم اليوم يغيرون من نظرتهم تجاه هذا الاحتلال حسب زعمهم.
أبين سوف تظل رقما صعبا، ولن تستطيع اي قوة ان تنال منها، أبين هي عصب الجنوب، ومن اراد ان يصدرها على انها محافظة لصوص وخونة، فهو الخائن وابن ستين كلب، لأن أبين لم تكن الا في المقدمة، وتضحيات أبين خالدة ورجال أبين خالدون في التاريخ.

#صالح_أبوعوذل