مقالات وكتابات


الخميس - 19 سبتمبر 2019 - الساعة 01:45 ص

كُتب بواسطة : وليد ناصر الماس - ارشيف الكاتب



يخوض الجنوبيون اليوم حربا ضروس مع ثلاثة أطراف بلغت ذروتها مع إبرام تلك الأطراف لتحالف عسكري فيما بينها وبشكل علني لاستهداف الجنوب أرض وإنسان.

الطرف الأول ويتمثل بالحوثيين والحرب معهم على أكثر من جبهة منتشرة من كرش وحتى مكيراس، فضلا عن جبهات الساحل الغربي بالداخل الشمالي، والطرف الثاني ويتمثل بتلك الحرب التي يخوضها الجيش الجنوبي وأبطال المقاومة مع جماعة الإخوان المسلمين وجيشهم القادم من مأرب غازيا لأرض الجنوب، وحرب ثالثة تُخاض مع الإرهاب الذي زرعته جماعة الإخوان الغوغائية وعصابات الشرعية داخل الأرض الجنوبية، بهدف زعزعة الاستقرار وإثارة القلاقل، وإرباك القوات المسلحة الجنوبية عن هدفها الأساسي بالتصدي للغزاة على أطراف البلاد.

هذا الصراع بمجمله كما يبدو للمراقب لم يحدث بمعزل عن التدخل الخارجي، والذي بلغ مراحل متقدمة مع تمكن أبناء الجنوب من بسط قبضتهم على أرضهم وتطهيرها من أدواته وأذرعه بالداخل، فدخلت تلك الأطراف على مسار الصراع بشكل قوي، وعملت على إمداد القوى المعادية للجنوبيين بما تتطلبه الحرب عليهم.

وعلى صعيد متصل بالأحداث الجارية نرى موقفا سعوديا متخاذلا، وبخلاف لكل التوقعات والافتراضات المطروحة هنا وهناك، لم نر إي دور سعودي هادف وفاعل لإيقاف ذلك العبث الذي يستهدف الجنوب أو بالأحرى المشدود بدوافع الانتقام من الجنوبيين لمواقفهم المناهضة لمشاريعه.
لم يكن ذلك الموقف غريبا وجديدا، بل لقد سبقته مواقف مشابهة حين صُمت الآذن وغُضت الأبصار عن جرائم عفاش بحق أبناء الجنوب طيلة عقود مضت.

ورغم تلك الذكريات المؤلمة فقد آثر الجنوبيون على طيها في سلة النسيان إلى الأبد، وامتطوا الصفوف الأولى مدافعين عن الأمن القومي للمملكة. وبعد سنوات طوال قضاها الجنوبيون بالقتال في صف المشروع السعودي سواء بالداخل الجنوبي، أو بالقتال بالعمق الشمالي، وعلى الحد الجنوبي للمملكة، وقدموا في سبيل ذلك كله آلاف من الشهداء علاوة عن أضعاف عديدة لذلك العدد من الجرحى والمفقودين، وحققوا للمملكة السعودية إنجازا عسكريا على الأرض لم يكن في حسبان ساستها، ولم يكن ليحدث أبدا لولا التفاني والاستبسال منقطع النظير الذي أظهره المقاتل الجنوبي، فأعُيد للمملكة ماء وجهها المنضوح، وصارت تتغنى بتلك الانتصارات إعلاميا وتتباهى بها بالمحافل الدولية، وتستخدمها كورقة ضغط قوية على بساط المفاوضات.

نستغرب اليوم كيف لإنجازات كتلك أن تقف عاجزة عن تحريك مشاعر القبول والرضى لدى صناع القرار السياسي بالمملكة عن أهلهم بالجنوب، والتعاطي الموضوعي والعقلاني مع تطلعاتهم العادلة والمحقة!.
والأنكى من ذلك أن تدير عناصر ما تسمى بالشرعية (شرعية الإخوان) حربها المستمرة على الشعب الجنوبي من فنادق الرياض.
نتمنى على أشقائنا في المملكة مراجعة تصرفاتهم الأخيرة، فلن يستطيع أي طرف سياسي الحفاظ على مصالحهم والعمل على استمراريتها في الجنوب غير الشعب الجنوبي نفسه.

لم تكن حرب الغزو الثالث لجيش مأرب الإخواني للجنوب من الغرابة بمكان، فقد أطلقنا تحذيرات متكررة منها على مدى سنوات خلت.
فقد بُني ذلك الجيش منذ البدايات الأولى للحرب دون أن تُسند إليه أي مهام قتالية في مواجهة الوجود الحوثي بالشمال، بل أخذ يناور ويتحين الفرصة السانحة للانقضاض على الأراضي الجنوبية، فقد مثل احتلال محافظة شبوة بداية العدوان اليمني الثالث على الجنوب، وبعيدا عن جميع الحسابات التي ساهمت في سقوط المحافظة الإستراتيجية، وما تلى ذلك الاجتياح من فتاوى تكفير للشعب الجنوبي ودعوات صريحة لقتاله، عكست وبجلاء دوافع إخوان اليمن ومن يدور في فلكهم من جماعات متطرفة بالسيطرة على الجنوب والاستحواذ على مقدراته مجددا.

لم تكن سيطرة القوات الغازية على محافظة شبوة من وجهة النظر الجنوبية سوى نشوة عابرة لن تدوم طويلا، وسيرحل الغزاة عنها صاغرين، فضربات رجال المقاومة التي لن تتوقف ستكون قاسية ومؤلمة، والمدد بالرجال والسلاح إلى قبلة الأحرار شبوة من مختلف مناطق الجنوب سيتوالى تباعا، وإعادة تجهيز القوات المسلحة الجنوبية وتنظيمها استعدادا لذلك اليوم الفارق جارية على قدم وساق.
فعلى سهول شبوة الفسيحة وهضابها المستوية ورمالها الناعمة، ستجرى رحى حرب العزة والكرامة، لتنظيف شبوة من رجس الغزاة والمرتزقة.

حرب تطهير شبوة ستكون مصيرية، فهي تستهدف تحقيق نتائج ثلاث، فهي أولا تؤكد على عدم رغبة أبناء الجنوب بالوجود اليمني صاحب السجل الاستعماري على أرضهم، وثانيا ستعزز من إصرار أبناء الجنوب على حتمية البسط على كل التراب الجنوبي، وثالثا وهو الأهم ويتمثل بالتأكيد للخارج على وحدة الشارع الجنوبي ورفضه القاطع للمشاريع الرامية لتمزيقه تحت أي ظرف كان أو مسمى.
معركة شبوة القادمة ستفتح أوسع الأبواب أمام جهود استعادة الدولة الجنوبية، وينبغي التأكيد على أهمية الحشد صوبها، والاستعداد الكامل لها، وذلك ليس بغريب على شعبنا الجنوبي الذي عودنا على البذل والعطاء في ساحات الوغى.
والله على ما نقول شهيد.