مقالات وكتابات


السبت - 24 أغسطس 2019 - الساعة 10:34 م

كُتب بواسطة : د. جلال الفضلي - ارشيف الكاتب



سألت أحد الأحبة عن الوضع في تعز قبل كتابة هذا المقال، فأخبرني عن توقع هجوم من قبل الإمارات على تعز.
فقلت له: يا أخي، هناك نظرية ذكرها بعض علماء الكلام في كتبهم تقول: لا فراغ في الكون، وأنه إذا تحركت دودة في مكان ما تحرك الكون معها تلقائيا، فكلٌ يزحف ليأخذ مكان الآخر بسبب هذه الدودة، فهناك أطراف خارجية تريد الاستقرار والاستفادة من خيرات اليمن، فلا بد من زحزحة العراقيل التي تعيق مكوثهم، ولا بد من إهدار نفوس؛ لتحل محلها، فلا غرابة فيما ترى خاصة، وأنت ترى أرضا لا راعي لها.

حركة الدودة سواء على اليابسة، أو في الجسد، أو في العقل تخلف آثارا سلبية، وبراكين، وزلازل لا تحمد عقباها.
جلس أحد علماء اليمن مرة مع القمش -مدير الأمن السياسي- في بداية الألفين يشرح له منهج السلفيين ودعوتهم، فقال له القمش: هذه الدعوة لابد أن تدعم فهي دعوة بناء وسلام، لكن ياشيخ: من سيقنع أمريكا بهذا. يعني من سيخرج الدودة التي في عقول الأمريكيين أنكم إرهابيون.
اتصلت بي مرة امرأة من خارج اليمن تشتكي من تصرفات زوجها الغريبة من ضربه لأبنائه، وشدة غضبه، وخافت المرأة من الطلاق الذي ربما سيكون قريبا على لسانه، وقبل الإجابة أحببت استكشاف الصفات والمناطات التي سأعتمد عليها في الجواب، فسألت عن ذلك: فكانت الخلاصة منها، أن الزوج عاد من خدمة عمله بعد غيابه شهورا أو أكثر، ووجد بعض أولاده مرضى، وزوجته في المشفى، وأم زوجته مع ابنتها بالبيت قعودا للاهتمام ببقية الأولاد، فعرفتُ أن الدودة عملت عملها، فقلتُ لها: اتصلي بزوجك واطلبي منه الخروج معه في فسحة؛ كونك مللت من الجلوس في المشفى، واطلبي من أختك أن تبقى مع ابنتك في المشفى، ويبقى ابنك وابنتك الكبيران مع أمك لرعاية بقية الأبناء، وينتهي كل شيء. 
والأمر كل الأمر أن شهوة الإنسان كدودة تتحرك في جسده لا يستريح إلا بعلاجها، أو التخلص منها، وإلا سببت له غضبا وثورة في جسده قد تؤدي لضرب من حوله، وفعل الكوارث، وكم شخص ربما طلق زوجته بسبب هذه الدودة.
سألني شخص يقيم خارج وطنه بعيدا عن زوجته، يرغب في الثانية، فقلت له: الدودة أحيانا تضر بحالة الإنسان، وكبتها مضر، وهذا أمر قد تكلم عليه علماء الفقه، وعلماء النفس، وكلٌ طبيب نفسه، وقد قال صلى الله عليه وسلم، ( استفت قلبك وإن أفتاك الناس)، فإن علمت أنك في حاجة للثانية، وأنت قادر، ولا مناط يعارض ذلك، ولا مفسدة متحققة، ومع كل هذا منعت نفسك من الثانية، فهذا من الظلم، لقوله صلى الله عليه وسلم: ( مطل الغني ظلم) وهذا حق أنت قادر على سداده، ومطلك لا عذر لك فيه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ( وإن لنفسك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه). فقد يكون منعك لحق هذه الدودة مكروها، وقد يكون محرما، والوفاء منك مستحبا، وقد يكون واجبا. 
اتصلت بالحبيب د.. من الانتقالي: بعد سلام، وكلام قلت له: قل لي: ماهي الدودة التي حركتكم معاشر الانتقالي لشبوة. جلس يضحك، قلت له: ذكرتموني بقصة رجل صعد شجرة ثم سقط وانكسرت رجله، فأسرعوا به إلى الطبيب، فكتب له الطبيب علاجا للدود، فقال له: يا دكتور أريد جبسا لرجلي فرجلي مكسور. ليس في دود! فقال له الطبيب: أولا نعالج الدودة الحاملة لك على طلوع الشجرة ثم رجلك.
نستهين بالدود وهن مصائب تفعل الأفاعيل.
خلاصة الأمر الإمارات باقية في جنوب اليمن لأجل مكافحة الإرهاب والإخوان حتى تخرج هذه الدودة من رؤوسهم، والسعودية أتت للتهدئة بينكم، وفض النزاع بينكم، فكل دولة وجدت لها عذرا، والقادمون كثر، وأنتم استمروا في قتالكم، واسفكوا دماءكم، وعالجوا جرحاكم، واقبروا موتاكم، لأجل حركة الدودة. وإذا متّم فلا تطمعوا بصلح مع الدود، فهو في القبر ينتظركم، يعني وراكم وراكم. دودة تنخر، ودودة تدحر، ودودة تلتهم.

امام وخطيب مسجد الحافظ بعدن