مقالات وكتابات


السبت - 20 يوليه 2019 - الساعة 04:08 م

كُتب بواسطة : عمر الحار - ارشيف الكاتب


تعتريني الحيرة في تعليل حجم الاختلالات القيمية التي أصابت ابناء اليمن ، وهناك انحراف واضح في مراتب سلوكهم العام ، و تراجع واضح عن تمسكهم المعروف بالقيم الاجتماعية الاصيلة والتخلي عن المبادئ الوطنية الثابتة ، والسقوط المدوي للمواقف المجتمعية لهم .
ولعل أقرب توصيف لحالة الإنسان اليمني في هذه المرحلة هو انفلات أخلاقي غير مسبوق في تاريخه و انقلاب متكامل الأركان ومدمر لكل جميل في حياته .
حالة الانسان اليمني اليوم أصبحت عصية على الفهم و صعبة على التفسير وغير قابلة للخضوع لقواعد التحليل والمنطق و كأنما هي خروج سافر على كل شي في حياتنا التي نشعر باشتداد ضعفها كل حين وازديادها وهنا على وهن بل هي بقول آخر الانسلاخ الجذري و الكبير والمفاجئ من قيمنا وعاداتنا العريقة .
نعم اليمن تعرضت لهزات عنيفة في حياتها وتاريخها لكنها لم تصب بالشلل التام كما الذي تعيش بل كانت من عوامل القوة والمنعة لها بمكان ، وزادت من حصانتها الوطنية وعززت أسباب صمودها في وجه تياراتها العاتية وعلى العكس والنقيض مما نعيشه اليوم في واقعنا المرير الذي اختلطت فيه معايير القيم وشهد أكبر عملية انتكاسة وسقوط لضميرنا القيمي والجمعي ومما يضاعف من مأساة أبناء اليمن هو عدم شعورهم بحجم الخسارة التي منيوا بها على كافة المستويات و لا علامة تلوح في الأفق و توحي بإمكانية الاستفاقة مما نحن فيه الا بما يزيد من القنوط واليأس في النفوس الغارقة في الهموم .
حالة الإحباط واللامبالاة هي سيدة الموقف في اليمن والتي تمضي بغير ارادتها من المجهول الى المجهول وتحاول ان تتعايش مع الأحداث الغريبة عنها شكلا ومضمونا دونما ادنى الشعور بالاستفادة منها وهل هو حالة من العبث مانعيش ام هو العبث بعينه وشحمه ولحمه والقبول بالسير بخط مثقلات إلى الضياع واللا شئ ، شعور بالمرارة يتولد في كل نفس ويخلق فيها انواع من اليأس وبصورة غريبة وغير معتادة عليها وان كان تعاملنا معها أصبح محكوم بروتين ممل ومتبوع مع الذين تنازعوا الأمر بينهم وجروا الويل والثبور على اليمن وأهله ومن جميع الاطراف الغارقة في الاثم والعدوان عليه وقد تطول المعاناة في ظل تكالب مشاريع الدمار للوطن وتداخل الاطراف فيها و الغياب أو التغييب لدور الشرعية ومحاولة اظهارها بمظاهر الضعف وقلت التأثير بشكل مقصود او غير مقصود في هذه المرحلة مع تنامي الشعور بالغبن لها ، والزج بها في مواقف تنتقص منها وتعمل على تقويضها وتضر بحرمة ولايتها ، وتدفع بصورة او باخرى للخروج عليها ، وعلى طريقة الانقلابيين المنغمسين حتى الأذنين في خيانة الوطن المستباح والممزق بحراب الحروب ومشاريعها المدمرة ، وحياتنا ستظل محكومة بالضياع المعبر هو الآخر عن ضياع هوية وسيادة الوطن بين الخيانة والاهانة والمذلة لجميع الأطراف . ، والوطن سيظل مذبوحا بشفراتها وبالصمت وموت الضمير .