مقالات وكتابات


الإثنين - 22 أبريل 2019 - الساعة 12:48 ص

كُتب بواسطة : أحمد سيود - ارشيف الكاتب



اننا في عصر التكنولوجيا ايها السادة هذا العصر الذي جعل العالم كله من ادناه إلى اقصاه يعيشون في غرفة واحدة وازال عنها السقف فالكل يشاهد الجميع والجميع يراقب الكل . لا اسرار لا احتكار لا سيطرة لا ديكتاتورية . لم يخطئ الفنان القدير المرحوم محمد سعد عبدالله قبل سنوات طويلة عندما قال مايخفى سوى اللي مايكون . المخبئ بان .....

قالها في ذاك الزمان الذي لم يك المرء يتوقع ان يتكلم بالصوت والصورة مع شقيقه او صديقه الذي يعيش في الاطراف الاخرى من العالم فكان هذا الامر من المستحيلات ولا يمكن ان يأتي يوما ترى فيه كل شيء وتظهر كل المخفيات والاسرار 
بل كانت المسافات البعيدة بين مناطق البلاد تجعل تواصل الاحبة احلام يسعون لتحقيقها بشتى الوسائل .

فكانت ابين بعيدة عن عدن ولحج بعيدة عن ابين والفيوش تفصلها مسافات تحسب بالساعات اذا لم تك بالايام عن الرميلة . لذا اباح العطروش اطال الله في عمره بالسر الذي يخفيه مضطرا لانه رآه مستحيل التحقيق 
فقال ( لية سنة ماشفت الحبايب .. ليه سنة ماذقت الجهوش . انا في الرميلة وخلي في الفيوش ) مكرها اخاكم العطروش لا بطل عندما اعترف انه في الرميلة وخله في الفيوش واباح بالسر والاشتياق للحبيب . فلو كان في هذا الزمان وهذا العصر السليكوني لما جاشت قريحة القائل الشعرية لتصور لنا حجم المعاناة والبعد بين الاحبة فهذا في الرميلة وذاك في الفيوش يالبعد المسافة .

اصبحنا اليوم بمجرد ان تمسك بهاتفك الذكي وتشترك في وسائل التواصل الاجتماعي المتعددة وتحملها إلى تلفونك تستطيع ان تخاطب من تشاء وتتحدث مع من تشاء بالصوت والصورة ومباشرة دون حسيب او رقيب . فكل شيء مباح ومسموح به مافيش بيننا اسرار . قل ماتريد وافعل ماتريد والاخر يشاهدك وانت تشاهده حبيب او عدو او صديق او وزير او غفير . 
فامام الجميع خيارات متعددة اما ان تستفيد وتفيد او تبني او تدمر او ماتريد افعل فالامر عائد اليك والى مستوى وعيك واداركك لاهمية هذه الوسائل وتسخيرها في بناء ونهضة البشرية جمعاء ونقد السلب وإظهار الايحاب والاشادة به وتقديم مقترحات البناء. والاصلاح والسماع لهموم الاخرين والتفاعل معها ومعالجة القصور وتصحيح الاعوجاج فالمسؤول الناصح هو من يستفيد من وسائل التواصل الاجتماعي للنهوض بمستوى اداء ادارته وتقديم خدمته للمواطن وتسهيل معاملاتهم والإطلاع عليها اول باول وحل كل الاشكاليات التي قد ترافق اداء عمل ادارته ويستمع لنصائح ذوي الشأن فالكمال لله وحده .

اما المسؤول المتبلد والذي لايريد الارتقاء بمستوى اداء ادارته وعمله ويريد ان يكون بعيدا عن هموم ومعاناة المواطنين وعدم تقبله النقد ويرى في حل مشاكل المواطنين ارهاق للعقل وذهاب للصحة وتفريغ للخزينة . امثال هذا المسؤول تجده ضعيف هزيل ركيك اخلاقيا ويفتقد للمرونة ولا يخدم الا نفسه وعائلته تقتله النرجسية والسادية فتجده يحارب تلك الوسائل والتكنولوجيا ولا يملك القدرة على المكاشفة والمصارحة والوضوح والتفسير والاجابة فهو ذلك المهزوز دائما وضعيف الشخصية للاسف .
فاولى خطواته هو محاربة وسائل الاتصال والتواصل الاجتماعي . فهاتفه دائما مغلق او محول او عامل حظر للكثيرين . ووسائل التواصل الاجتماعي الاخرى كالواتساب والفيسبوك والايمو والويشات التي تعري مكامن القصور والخلل في ادارته او مرفقه وتسهل تواصله مع المواطنين . فنجد ذلك المسؤول للاسف يرفض تلك التكنولوجيا ولا يتقبلها ويعطي التوجيهات تلو الاخرى لكل افراد ادارته بمغادرة جروبات التواصل الاجتماعي لانه عاجز عن مواجهة المواطنين وحل مشاكلها واحداث نقلة في مستوى اداءه واداء ادارته . 
فتجده اذا وعد اخلف واذا حدث كذب واذا خاصم فجر واذا أؤتمن على مصالح العامة خان الامانة وفرط في حقوق البسطاء لصالح شلة الفاسدين والطبالين وحاملي المباخر الذين يسيرون خلفه كقطيع بهائم .

ان الاطلاع على هموم ومعاناة المواطن عبر وسائل التواصل الاجتماعي الوتساب وانماطه والفيسبوك وفروعه يساعد كل مسؤول مجتهد على الوقوف على مكامن الخلل. والاختلال .ونقاط الضعف لتصحيحها والنهوض بمستواه الفكري والاخلاقي والعملي ليحدث تغييرا يخدم به المواطن الذي ولاه الله على امره ويسعى جاهدا للاستفادة من النقد البناء لتطوير مستوى الاداء الاداري له ولطاقمه ومن يحارب تلك الوسائل ويصدر توجيهات لاتباعه وموظفيه بمغادرتها وعدم التعامل معها وعدم الاستماع لهموم المواطن فهذا مسؤول فاشل عقيم الفكر والفكرة عاجز عن الابداع والابتكار واحداث نقلة بادارته وموظفيه والمواطنين والدولة . باختصار هو اعمى البصر والبصيرة عن الحق .. 
ما جعلني اتطرق لهذا الموضوع وانشره على صفحتي هو علمي بان توجيهات صدرت من قبل احد المسؤولين الكبار لموظفيه وافراده بمغادرة كل جروبات التواصل الاجتماعي التي يتم فيها طرح مناقشة كل الامور المتعلقة بتطوير مستوى الاداء وكشف ونقد السلبيات نقدا هادفا وبناءا توجيه تساؤلات عن اسباب الاختلالات او التجاوزات التي تسيئ للجميع . وعندما نسأل فلان او علان من المدراء او رؤساء الاقسام لماذا غادرت يكون رده . بامر الحكم والسلطة على السكتة على السكتة.