مقالات وكتابات


الخميس - 14 فبراير 2019 - الساعة 11:16 م

كُتب بواسطة : انور الصوفي - ارشيف الكاتب



الأخ محمد جميح أكرمه هادي، وربما بالغ في إكرامه، هذا حسب ما بدأ به كلامه، وهذا الكلام الذي دخل علينا به الجميح، لا يحمل بين طياته إلا خبثاً سياسياً خالصاً، فهو يزعم أن هادي أطال الغياب خارج البلاد، وأن شرعية هادي تتآكل حد زعمه، وصرخ كثيراً باسم عدن، ورددها مراراً، وتكراراً، وطالب بعودة هادي إليها، وقال في ثنايا حديثه إن الصيادين في عدن يترقبون عودته، أخي محمد: أبناء عدن يحتاجون لخدمات، وهادي قد حقق لهم ما باستطاعته القيام به، هم لا يحتاجون لرئيس تجوب مواكبه المدينة في ظل خدمات مقطوعة عنهم، الحال اليوم في عدن وغيرها من المحافظات المحررة يبشر بخير، وهو خير من سنوات مضت.

أخي محمد لماذا تريدون عودة هادي إلى عدن؟ أهو حب لهذا الرجل، أم هو بغض أخفيتموه طوال هذه السنين؟ لا أريد الإجابة عن سؤالي، فالجواب واضح لكل ذي لب، ولكن دعني أخاطبك بأسلوبي البسيط، قلت آن شرعية هادي تتآكل، وتضمحل، وما أدراك بهذا؟ ألم تتقدم قوات هادي على مختلف الجبهات؟ ألم تتحرر الكثير من المحافظات؟ ألم تستمر وتنتظم المعاشات؟ ألم تعد الوزارات للعمل؟ ألم تدب الحياة في مفاصل الدولة؟ ألم يتشكل الجيش، والأمن؟ ألم تأمن الكثير من المحافظات؟ من أين أبدأ لك عن نجاحات هادي، وأين أتوقف؟

والله يا أخ محمد إنها مرت علينا أيام تمنينا أن تعود لنا مثل هذه الأيام، بل حتى القليل منها، لنحس بالكرامة، فالعائلات كانت تنزح، وتتكدس في المدارس، والمرافق الحكومية، يوم أن كنت أنت تتنعم، ولا أدري أين؟، واليوم الحال صار أحسن من الأمس، فالتنمية في مختلف الجوانب، ألا ترى ما نراه، أم أنك تعيش خارج الوطن؟ كنا نتمنى نرى الكهرباء تستمر ساعات معدودة وبدون انقطاع، واليوم، ولله الحمد نتنعم بنورها طوال اليوم كله، والمحافظات المحررة أصبحت ورشة عمل، تعال وزر، وتفقد، وستحكم على شعبية هادي، أما حكمك من غرفة بعيدة عن واقعنا فهذا حكم جائر.

أخي محمد: لا تظن أن ردي هذا الغرض منه المناكفات -حاشا- أن يكون قلمي للمناكفات، ولكن بعض القراء أُعجبوا بطرحك، ودندنوا على نغماته، فأحببت توضيح الغبش الذي أثرته بمقالك سالف الذكر.

أخي محمد الرئيس هادي لم يضعف، ولم يترك الفرصة لبيت العنكوت الحوثي أن يقوى، فعصا هادي تلوح فوق رأسه، لتحد من جموحه الذي اكتسبه من خلال خوف ومؤمرات قوى شمالية جعلته يخرج من مخدعه، ليجوب اليمن وبدون مقاومة من أية قوة شمالية تذكر، حتى انتفض في وجهه هادي ولجانه فطردوه من محافظاتهم شر طردة، وبحكم أن هادي رئيس لليمن، مازال يحرر بجيوشه محافظات سمحت وأذنت للحوثي ليستبيحها، فالتحرير قادم لجميع المحافظات، وهادي قائد هذا التحرير، أم أن مسيرة التحرير لم ترق لك؟ فاستنفرت قلمك، لتكتب عن هادي الذي استضافك في غير مكان من هذا العالم الفسيح -حسب قولك-؟

أخي محمد: كل عجبي هو حبك الجامح للمجلس الانتقالي الذي طالبت من هادي بأن يتقرب منهم، ألم تعلم أن هادي هو من منحهم المناصب السيادية في الجنوب، وسلمهم السلطة ليحكموا محافظاتهم؟ ألم تعلم ذلك أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟

أخي محمد: لم يخسر هادي شيئاً، ولم ينفر من حوله أحد، ولكنه خسر راحته، وخسر صحته ليراك تعيش معززاً ومكرماً في بلدك، وفي محافظتك، أراد لكل اليمنيين العزة والكرامة، لهذا فهو يطوف العالم باحثاً لكم عن دولة، لا يسوسها من ثرنا عليهم قبل مايزيد عن خمسة عقود من الزمن، هادي لم يعد له طموح في السلطة، ولكن تفكيركم الذي خذلتم به الثلايا في يوم من الأيام هو من يدفعكم للتخلي عن هادي، بل للانقضاض عليه، لأنكم لم تكونوا معه في يوم من الأيام، هادي الذي تتحدث عنه هو من ضحى بأحب الناس إليه، ليأمن الشعب في وطنه.

أخي محمد: مازال هادي عطر المجالس، ولم يخسر إلا المتملقين على موائد السياسة، لم يخسر إلا الذين هربوا عندما سمعوا قرع طبول الحرب، الذين هربوا عندما كان هادي ورفاقه يتجهزون لها، ليدافعوا عن كرامة الوطن كل الوطن، نعم أخي محمد لقد خسر هادي رفاقاً صادقين كعلي ناصر هادي، وجعفر، والمحرمي، وغيرهم من الأبطال، هادي دائماً عطر المجالس، وبارود المتارس، وسلطان السياسة، فالزم مكتبك، واكتب ما شئت، فلن تنتقص من قدر هادي، إلا بمقدار ما يرجع به المخيط لو وضع في البحر، فانظر بماذا سيرجع لك على ظهره من ماء.

أخي محمد: وضعت الألغاز، وسميتها كذلك، فدخول الحوثيين إلى صنعاء ليس لغزاً، والإجابة يعرفها كل يمني، فصالح هو من سلمها، لأنه كان يمسك بزمام الجيوش كلها، وذهاب هادي إلى عمران ليس لغزاً كما توهمته، ولكنه كان تحدياً لكل القوى التي خذلته، والخروج من صنعاء لم يكن لغزاً، ولكنها كانت محاولة ناجحة أمام خصم فاجر، وأما خروج هادي من عدن فليس لغزاً، فكلنا يعلم كيف كانت طائرات صالح تقصف قصره في معاشق، وكيف ثبت حتى سنحت له الفرصة، ليخرح من عدن، ليأتي بالنصر، اللغز أخي محمد هو لماذا بعد هذه الفترة صنفت هذه المراحل بالألغاز، ألم تجمعك بهادي جلسات كما قلت، فلماذا لم تسأله حينها عن هذه الألغاز التي حيرتك، أم أن كرم هادي معك هو من ألجم لسانك؟ 
أخي محمد: مقالك هذا هو اللغز من بدايته حتى النقطة الأخيرة فيه، فمن يحل لنا لغز الأخ محمد جميح؟