مقالات وكتابات


الأربعاء - 19 ديسمبر 2018 - الساعة 01:54 ص

كُتب بواسطة : انور الصوفي - ارشيف الكاتب



من منا لا تختزن ذاكرته أولئك الذين نهل من ذاكرتهم العلم النافع حتى حرروه من الأمية، وعلموه كيف يهز قلمه يمنة ويسرة، وكيف أشبعوا ذاكرته بالعلم والثقافة، فخرج بين أقرانه متفاخراً بعلمه وثقافته.

كل واحد من المتعلمين عنده دين للمعلم، وكل واحد منا يتذكر أولئك المربين والأساتذة الأفاضل الذين علمونا معنى الكلمة وحروفها، وعلمونا فك الخط، وطرق الحساب، كل منا يتذكر أساتذته الكبار الأجلاء الذين طالبنا الشعراء بالوقوف لهم، وتوفيتهم حقهم، فشوقي قد قال: قم للمعلم وفه التبجيلا، كاد المعلم أن يكون رسولاً، ويرد عليه الآخر من الذين مارسوا هذه المهنة الكبيرة، بقوله: شوقي يقول وما درى بمصيبتي، قم للمعلم وفه التبجيلا، ونحن نقول: لا تقم للمعلم ولكن وفه التبجيلا، وفه حقوقه، وأعطه معاشاً يليق به كمرب للأجيال.

لاتقم للمعلم، بل وقره لعظيم شأنه في المجتمع، فهو الموظف الوحيد الذي يقضي يومه من أجلك وأجل أبناءك، فهو أما أن تراه مدرساً داخل الفصل، أو تراه مصححاً خارج الفصل، ومحضراً ليوم آخر، فهو الذي يصل ليله بنهاره من أجلنا جميعاً، فلله درك أيها المعلم، فوفه التبجيلا.

المعلمون اليوم لا يحتاجون منا أن نقوم لهم، بل يريدون ويتمنون من الدولة تقدير جهودهم، وإعطائهم حقوقهم كاملة غير منقوصة، بل يجب علينا كلنا أجمعون أكتعون وبكل ألفاظ التوكيد أن نقف مع المعلم، ولا نطالب بالوقوف له، بل الوقوف معه حتى ينال حقوقه كاملة غير منقوصة.

أيها المعلم : يكفيك فخراً أنك أنت من تضيء للآخرين الطريق، فلولاك بعد الله، لما استطاع الطبيب أن يفرق بين الحقنة والسماعة، ولما استطاع المهندس أن يعرف الفرق بين المثلث والمربع، ولما استطاع العسكري معرفة تكتيكات الحرب، ولما طارت طائرة، ولا سارت حافلة، فأنت العالم كله، فلولاك بعد الله لهذا الإنسان لعاش الناس في غبش الحياة، لهذا فالعلماء هم ورثة الأنبياء، وميراثهم العلم، ورسالتك العلم، فأنعم بها من رسالة، وأبشر بحقوقك وزيادة، وذلك عندما يتبنى وزارتك مهتمون بك كمربٍ ومعلم.