مقالات وكتابات


السبت - 15 ديسمبر 2018 - الساعة 03:44 ص

كُتب بواسطة : عبدالكريم سالم السعدي - ارشيف الكاتب



بعيداً عن حسابات من سيربح ومن سيخسر، في اعتقادي أن محطة السويد تشكل مرحلة هامة لأبناء اليمن عامة بجهاتها الأربع شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، بعد الدمار الذي لحق بالبلاد والقتل والتنكيل الذي طال الجميع دون استثناء، فإذا كانت الحكمة ما تزال يمانية، فإن هذه المحطة  يجب أن تخرج بما يثبت ذلك.

الحرب في اليمن غريبة ببدايتها وبمراحل ما بعد بدايتها، فالأطراف المتقاتلة ذاتها لم تحسب حساب لمعركة بهذا الامتداد الزمني، كما لم تحسب لاتساعها في أول الأمر، فوجدت نفسها بعد الخطوة الأولى تُجر مرغمة من منعطف لآخر وبعد أن سالت الدماء جاءت مرحلة العداوة.

كل الوقائع تدل على أن الحرب في اليمن لم تحمل إرادة يمنية خالصة، بل طغت عليها إرادة إقليمية منذ خطوتها الأولى وسيّرتها إلى حيث تريد تلك الإرادة، وجاءت بعد تلك الإرادة إرادة أوسع وأقوى منها فقادتها إلى ما هي عليه اليوم، وعلى ذلك فإننا نرى أن الحكمة اليمانية هذا هو وقتها.

اليوم، وبما أن الأطراف جميعها أدركت أنها باتت مخترقة، فمن العقل أن تتريث تلك الأطراف وتنزل على أرض واقعها وتقبل بالتلاقي على مبدأ التعايش الذي يقوم على ما تقوم عليه المجتمعات المتعددة المذاهب والديانات والقوميات وغيرها، والتي تتعايش في إطار جغرافيا موحدة تنظم حياتها دساتير تُحترم  وتُصان.

في بدايات تهيئة الأوضاع لحرب لا تدرك أدواتها نهايتها ولاتساهم في صنع تلك النهاية، حذّرنا في كتابات ولقاءات عدة  من خطورة أن يجعل منا الإقليم ساحة أخرى لتصفية حساباته بعد أن تحصنت لبنان وتجاوزت المحاولات لتكرار تجربتها السابقة كساحة لتصفية الحسابات، ولكن وكالعادة جاء الصوت الذي يمضي أصحابه على قاعدة (هدم المعبد)، وكان ما كان، ولم نعد نرى أو نسمع أصحاب ذلك الصوت السادي.

هناك قضايا يمنية موجودة ولا أحد يستطيع تجاوزها إلا بسلوك القوة، وهو سلوك لا يضمن الاستمرارية لمعتنقه، فالضعيف لن يستمر ضعيفاً والقوي كذلك لن يستمر قوياً، وبالتالي فالتوافق هو طريق الحكمة إن وجدت.

فمثلاً القضية الجنوبية فإن شطط وجهل أصحاب القضية قدم خدمة مجانية للإقليم والعالم وللأطراف المتصارعة عليهم أن لا يضيعوها، فالأدمغة الفارغة الجنوبية أبت أن تعمل إلا تحت قاعدة  (لا جنوب إلا عبر مكوني)  فصحّت (لا جنوب) وبقّيت المكونات مكانها تتسلى بالبيانات وبالكذب على أتباعها، فلا قُدّر للجنوب أن يكون مثل الحوثي، ولا قُدّر له أن يكون مثل «الشرعية»، وتم دحرنا وقضيتنا إلى الجولات القادمة التي نأمل أن تأتي في ظروف أفضل ووضع أعقل مما عليه الجنوب اليوم.

وبالنسبة لقضية صعدة، فعلى الأخوة الحوثة أن لا يذهبوا بعيداً في تشددهم إذا أرادوا الاستقرار فعلاً، فالنظام الذي قاتلهم ونكّل بهم ذهب، وعلى أيديهم، وبالتالي، فمطلب التعايش يجب أن يكون في رأس أولوياتهم لأنه بغير التعايش سيستمر القتل والدمار، ولن تكون هناك دولة ولا استقرار ولا تنمية، ولن يصل أي طرف إلى مبتغاه، وستكون المعركة القادمة على هدف من يمتلك مساحات أكبر من مدافن القتلى.

عبدالكريم سالم السعدي
9 ديسمبر 2018م