مقالات وكتابات


الجمعة - 12 أكتوبر 2018 - الساعة 04:47 م

كُتب بواسطة : فهد البرشاء - ارشيف الكاتب



إذا كان الــ14 من أكتوبر عام 1963م هو إنطلاقة ثورة التحرر من مستبد غاشم، ومستعمر ظالم،وهو يوم نسج فيه الثوار ثورتهم من خيوط الشمس ورحم المعاناة للإنعتاق من براثن التلك القوى التي كانت جاثمة آنذاك على صدر الجنوبيين،فجعل منه الثوار والأبطال والرجال يوم لن ينسه التاريخ،ولن يتجاوزه المؤرخون، فهل سيجعل منه الأطفال يوم للفوضى والعبثية وإراقة الدماء الحنوبية وبأيدي جنوبية..؟

هل سيجعل منها من فقدوا مصالحهم وكراسيهم يوماً تُثكل فيه الأمهات،وتُرمل فيه النساء، ويُيتم فيه الأطفال، ويُكلم فيه الآباء،ويخيم الحزن على الجنوب أرضاً وإنسان،ليكتب التاريخ حينها أن أطفال وهلاميون أحالوا ذكرى الــ14 من اكتوبر إلى يومٍ مشئوم..


هل سيخلد التاريخ للجنوبيون هذا اليوم بأحرف من نور، أم بإنهار من دماء،وعويل وصراح ودموع وأنين وآهات.؟ هل سيكتب الجنوبيون نهاية تلك الذكرى التي تجرع فيها المحتل البريطاني المرار، ويخطون بدماء البسطاء والشرفاء بداية الوجع والألم والضياع والتناحر والشتات والتمزق الجنوبي، بسبب تلك المصالح التي فُقدت، والكراسي التي زالت،والأملاك التي ذابت..؟

جنوبيون يهددون،يزبدون ويرعدون ويتوعدون، وبالمقابل أيضاً ينتظرهم جنوبيون سيردون بذات الطريقة وسيضربون بالحديد والنار وسيُحمى وطيس المعركة فيما بينهم، سيقتتلون، سيمزق بعضهم بعضاً،وسينتشي عدوهم اللدود وسيرقص طرباً على جثثهم ودماؤهم وأشلاؤهم وعويل أطفالهم..


حينها فقط ستتحول ذكرى النصر على العدو إلى ذكرى الم خطها أحفاد الرجال والأبطال، وكتبوا فصولها بأيديهم وربما بإملاءات من أسيادهم، سيكونون أبطالها الورقيون،وسيدفع ثمنها من لا حول لهم ولاقوة، ولن يبق لتلك الذكرى سوى حكاية الألم والدم والدموع،ورائحة البارود ولعلعة الرصاص وأصوات المدافع، وقبل هذا وذاك أنين الأمهات ووجع الوطن المتشظي..

يتغتون بيوم الـ14 من أكتوبر أنه يوم الحسم والسيطرة والبسالة وسيجعلون من أصحاب البطون (الخاوية) وقوده وكباش (المحرقة)، أما هم فسيتحصنون خلف الكلمات (الرنانة)، والخطب (العصماء)،وبينهم وبين الثائرون مسافات شاسعة وكبيرة جداً تقاس السنين الضوئية..

يؤلمني أن يحاول الورقيون تحويل ذكرى النصر على المستعمر البريطاني يوم تراق فيه دماء الجنوبيون،ويقتل بعضهم بعضاً،نتيجة غباء سياسي وكيد ومناكفات وأحقاد ،ومصالح تعطلت ومناصب زالت وكراسي أهتزت تحت أصحابها..