مقالات وكتابات


الثلاثاء - 04 سبتمبر 2018 - الساعة 05:40 م

كُتب بواسطة : محمد فضل مرشد - ارشيف الكاتب


وجع قاتل يسكن قلب كل مواطن جنوبي في هذا الوطن المغتال بنكبات متواصلة منذ اقتتال الأخوة في يناير 1986م وبيع جمهورية وشعب الجنوب بالجملة في العام 1990م وتدمير البنية الاقتصادية والعسكرية للجنوب بحرب صيف 1994م وأخيرا تحويله إلى ساحة حرب إقليمية مفتوحة في 2015م.



شعوب وأوطان أخرى من حولنا نكبوا وتقاتلوا وتشردوا وسريعا ما عادوا لرشدهم وضمدوا جراحهم ولملموا صفوفهم وطووا صفحة خلافاتهم ونهضوا بدولهم.. أما نحن معشر الجنوبيين فقد أودى بنا إصرارنا على عدم الاتفاق فيما بيننا ورفضنا تقبل بعضنا البعض واستحضارنا لخلافات الماضي وإسقاطها على حاضرنا ومنح أعدائنا مساحة مريحة للعبور من خلال فجوة شتاتنا والتغلغل فيما بيننا وضرب كل الفرص التي سنحت لنا وكانت كفيلة باستعادة دولتنا الجنوبية وتحقيق تطلعات شعبنا، فأصبحنا في الجنوب موعودين بنكبة أزلية كلما ظنناها ستنتهي تتمدد وتتوسع أكثر وتدوس بقدميها على رقابنا وتسحق أحلامنا البسيطة في عيش كريم وأبسط مقومات الحياة.



اليوم معاناة ووجع وجوع الناس في الجنوب لم يعد يحتمل من قبل الدولة ممثلة بشخص الرئيس عبد ربه منصور هادي تشكيل لجان وإطلاق وعود، بل أن يقدم على إقالة هذه الحكومة الفاسدة التي لم تقدم شيئا للجنوب المحرر سوى الفساد والعبث وإحالة الفاسدين إلى محاكمة علنية.



في الجانب الآخر تتحمل القيادات الجنوبية مسؤولية لا تقل عن مسؤولية الدولة فيما وصلت إليه أوضاع المواطنين من تردٍ غير مسبوق، لعدم اضطلاع تلك القيادات بواجبها الوطني والأخلاقي في توحيد الصف القيادي الجنوبي وتنفيذ مشروع سياسي وخدماتي وتنموي على أرض الجنوب، الأمر الذي مكن قوى الإصلاح والمؤتمر (حلف حرب 94م على الجنوب) من استعادة بسط نفوذهم على الجنوب بعد أن تحرر منهم بتضحيات آلاف الشهداء والجرحى والأسرى الجنوبيين قبل أربع سنوات.



وللتحالف العربي نصيب كبير من المسؤولية عن انهيار الوضع الاقتصادي والمعيشي في الجنوب والعاصمة عدن، فبيدهم - إن أرادوا - النهوض بعدن والجنوب اقتصاديا وخدماتيا واجتماعيا خلال فترة وجيزة ويرسخون بذلك مكانتهم في قلب كل جنوبي، أما الاكتفاء بمشاهدة مسلسل الانهيار الجنوبي فحتما ستطال تبعاته الجميع.



الآن وقد خرج الشعب غاضبا إلى شوارع العاصمة عدن وباقي المحافظات الجنوبية، فإن الرئيس هادي والمجلس الانتقالي والتحالف العربي (السعودية – الإمارات) أصبحوا على حد سواء أمام الشعب ووجها لوجه مع مطالبه وحقوقه العادلة التي لم تعد تقبل التأجيل..



لم يعد المواطنون في الجنوب يكترثون بمن يحكم الشرعية أو الانتقالي أو حتى من المريخ، بل بحكم ونظام حاكم وحكومة قادرين على إخراجهم عاجلا وليس آجلا من أزماتهم وينهضون بالجنوب وشعبه اقتصاديا وخدماتيا وأمنيا.. وهنا مربط الفرس للحاكم ونظام الحكم المطلوب توليهم شؤون الجنوب في هذه المرحلة الأشد تدهورا على مدى تاريخه.



فإن كان الرئيس عبد ربه منصور هادي عند مستوى الاضطلاع بمسؤولياته عن حياة وكرامة الشعب وقادر في هذه اللحظة ودون أي تأخير على تلبية احتياجاتهم المعيشية والخدماتية وإنهاء الأزمات المريرة التي عصفت وتعصف بهم منذ أربع سنوات فالجميع سيكون معه، وبالمثل إن بادر المجلس الانتقالي الجنوبي إلى الاضطلاع بتلك المسؤوليات الجسام فالشعب خلفه ومعه، وتدخل التحالف العربي للإسهام في إنهاء معاناة المواطنين أيضا سيضيف الكثير إلى رصيده في الجنوب.



- همسة لوطني الجنوب



اشتقت إليك يا وطني

فما عادت حواريك تجمعنا

كما كنا..

وكل الوجوه انمحت قسماتها

وغاب من نعرفهم

ومن يعرفنا..

أيا وطنا فيه غربتي

غريب كيف لا أجدك

وأنت فيا تسكنني؟!

فهلا عدت لي لحظة لتخبرني

كيف تكون لي وطنا وتهجرني؟!