مقالات وكتابات


الإثنين - 27 أغسطس 2018 - الساعة 07:32 م

كُتب بواسطة : د. جلال الفضلي - ارشيف الكاتب


عدن تزحف على الجمر، وفي كل يوم لها جرح جديد، الباكون عليها كثر، والصادقون معها قليل، يُجرّع أبناؤها الويلات ويسقون بعد ذلك القطرات لتنسي ألم السياط والضربات.
في عدن: يجاهد العدني على حياته، فشبح القتل أمامه، والغلاء بسيفه الحاد على رأسه، وإن عاد إلى بيته فالكهرباء تقول له: فاخرج إني لك من الناصحين، إن فتح بابه ليستمتع بالهواء نافسته بيوت البسط العشواء، وسارعت إلى وجه النفايات من هنا وهنا، وإن فتح نافذته لتخفف عنه معاناة العرق، هبت إليه رائحة المجاري التي من كثرتها في الشوارع يخاف الإنسان على نفسه الغرق.
مرضى عدن: يُفضّل الأطباء أن يموتوا في بيوتهم عند أهليهم وذويهم، فلا فرق بين البيت والمشفى، إلا أن تجد مناوبا لا يملك من الأمر شيئا سوى تلقينك الشهادة كي لا تشقى.
في عدن يتمنى العاقل أن يكون مجنونا، ليسلم من القتل، ولينسى المعاناة الدائمة التي يلاقيها هو وأسرته، كيف يصبر وابنه يبكي: "بابا الحر شديد أريد أن أنام"، ويسمع ابنته المريضة تئن، بابا: "سأموت فالمرض يشتد علي". يده فارغة، وتجار المشافي الحكومية باعوا الأجهزة، فإلى أين يذهب بفلذة الأكباد ... وهنا يمر المجنون ضاحكا ساليا، مغنيا مسرورا بسماع صوته، فيحسده العاقل على ذلك، فلله الحمد والمنة.
أطفال عدن: نسوا معنى الطفولة، فهم يرونها فقط على شاشات التلفاز إن وجدت، وإلا شابوا وهم صغار، إلى أين يذهبون؟ حتى العيد لم يستطيعوا الخروج إليه؛ فالحاقد لا يرحم صغيرا ولا كبيرا، فيبقى أطفالنا يوم العيد حبيسي البيوت ينظر الواحد منهم إلى ثيابه والعرق يتصبب من جسده، رافعين أيديهم إلى السماء يااااااااااااااااااااارب أين نذهب!!!
علماء ومشايخ، وقيادات، ومفكرو عدن، رفعت أسماؤهم لمنفذي الإعدام، بخنجر أبي لؤلؤة المجوسي، ووقت الفريضة أحسن وقت للتنفيذ، فالمعلم قال: هكذا، والعبد المطيع قال: سمعنا وأطعنا.
خنجر أبي لؤلؤة، صفر فأصبح له رقم، شرذمة في الأرض يفسدون، كبرهم الأعلام ليتنسى للعدو انجاز ما يتمنون، وتنفيذ ما يخططون، له مقبض طويل تمسكه أيادي كثيرة، حاقدة مجرمة حقيرة، ذات أطماع وخيمة، تعمل في الخفاء.
السُّنة الفرعونية الموجودة في عدن هي {سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ}
لا قضاء ولامحاكم، والكثير من كراسي الأمن يعلوها من لا يحسنها، إن لم يكن هو سبب الشقاء والبلاء، فإلى من يشكون؟
حسبهم رب العالمين، فإليه ترفع الحاجات وهو مفرج الكربات.


كتبه:
د جلال الفضلي.