مقالات وكتابات


الجمعة - 24 أغسطس 2018 - الساعة 10:36 م

كُتب بواسطة : صالح أبو عوذل - ارشيف الكاتب



منذ أشهر تعودت أن اغير مكان الصلاة من مسجد إلى أخر، فعادة اذهب إلى المنصورة ومرة إلى خور مكسر ، وأخرى عدن وهكذا.
محاولة التنوع هو التعرف على خطب جديدة، فمساجد حينا قد حفظت كل خطب شيوخا، فخطيب الجامع الواقع وسط حينا انسان رائع وذو فصاحة، لكن خطبه دائما تحكي قصص الصحابة، وهذا شيء جميل، لكن البعض قد أطلع على تلك القصص ولديه معرفة تامة بكافة تفاصيلها، فنحن لدينا مشاكل نريد رجل الدين والخطيب ان يرشد الناس، ان يكون الموجه والذي بيده الريموت كنترول، في ترشيد الناس ونصحهم، وكذا مناقشة قضاياهم، في ظل ثورة معلوماتية ساهمت في تدمير كل شيء.
وددت ذات يوم ان اذهب باكرا إلى امام المسجد وان اطلب منه ان تكون الخطبة عن التصالح والتسامح، عن المحبة عن السلام، عن اهمية الانتصار لذاتنا لأنفسنا، ان يتحدث عن عدن، عن مشاكلها ان ويدعو الله ان يجنب المدينة الازمات والمشاكل والحروب وصناعها.
وددت لو اقول له ان يخصص كل خطبة للحديث عن قضية ما، مثلا يتحدث عن أهمية دور الاسرة في بناء مجتمع نقي تسوده المحبة والسلام.
وددت ان اطلب منه ان تكون الخطبة عن قيم الحب، عن تعريف الحب بمعناه الجميل والعظيم.
صحيح ان عدن عانت الأمرين جراء موجة الخطاب الدين المسيس الذي دشن بعد غزوة الديلمي الشهيرة 1994م، لكن يجب على شيوخنا الافاضل ان يقوموا بدور تنويري يعيد للمجتمع هيبته في ظل انتشار العنف والإرهاب، مجتمع يعيش في حالة من الرعب والخوف في ظل تزايد اعمال الخطف والقتل للأطفال والنساء.
جمعة اليوم ذهبت للصلاة في "خور مكسر"، حاولت الاسراع في الوصول إلى المسجد للاستماع إلى الخطبة من البداية.

وصلت المسجد واسرعت في الدخول بعد ان ركنت السيارة في الخارج.
كانت الخطبة مختلفة جدا، كان الخطيب رائعا في تخصيص موضوع هذه الخطبة، لقد تحدث عن الفساد واللصوص والسرق، هاجم رموز الفساد بصورة مبطنة، حذرهم من عقاب الله للسارق ووصف اشكال وانواع السرقة، وكانه يتحدث عن رموز الجيش والسياسة والحكومة الذين يسرقون اموال الشعب، ورواتب الموظفين.
لقد مللنا من خطب "الوحدة او الموت"، خطب التي تدعو الناس الى القبول بالاحتلال العسكري للبلاد، رغم مرارة الاحتلال الذي كان جاثما على صدرونا.
انتهت الخطبة والصلاة ثم تفرق المصلون، فيما خرجت بالسير باتجاه عدن "كريتر"، واتذكر حديث الخطيب واعمال النهب والفساد التي يمارسها رموز الحكومة الشرعية في عدن.
مررت بجانب عمارة كبيرة، نهبها جنرال الحرب على الجنوب علي محسن الأحمر، تذكرت صديقي وهو يقول لي ان قوة أمنية تحرس عمارة الأحمر لكي لا يتم السطو عليها ونهبها، مع انها منهوبة في الاساس من قبل الأحمر ذاته.
اعدت بالذاكرة الى الخلف، وتذكرت ان اعمال النهب لم تكن وليدة "غزوة الديلمي"، بل من قبل ذلك، وتذكرت المنزل الذي نهبه رئيس الجنوب الاسبق عبدالفتاح اسماعيل على اسرة عدنية مسكينة، وحين استعادته الاسرة جن جنون البعض، على ذلك مع ان الاسرة العدنية اكدت انها تمتلك كل الوثائق ان المنزل منهوب من قبل من كان يوما رئيسا على الشعب كله.
ولكن لا غربة "نحن شعب يسرقنا من يحكمنا"، فكل من حكموا الجنوب او اليمن الموحد مارسوا اعمال السطو والنهب بكل الوانه واشكاله.
وحتى اليوم ندفع نحن كشعب مديونية "تاجر النفط"، نيابة عن الحكومة.. لم يحدث هذا في أي جغرافيا في العالم، ان يدفع الشعب الدين عن الحكومة.
ذات يوم كان لي حديث مع شاب من الشمال، سألني لماذا انتم عنصريون؟
اجبته لسنا عنصريين ولكن، لو سألتك لماذا لا نصف حروب الشمال على الجنوب ونهب منازل المواطنيين على انها تمت على اساس جهوي عنصري، وارتكبت جرائم بحق شعب يكن تصنيفها على انها جرائم من النوع الاجتماعي، وفق قوانين الأمم المتحدة.
قلت له "قل لي بربك، ماذا فعل قومكم الذين نهبوا "المرواح" من منازل الناس في عدن، وعندكم في الشمال لا تستخدمون المراوح".
وددت لو اطلعه على تسجيل مرئي لاعمال النهب التي مارسها الغزاة بحق ممتلكات الناس في عدن، في صيف العام 1994م.
كل ذلك كان بفضل فتاوى الديلمي والزنداني وشيوخ الدين الذين اعتبروا كل املاك الجنوب غنائم حرب، مع اني اعتقد انه قد أطلع على التسجيل المرئي الذي بثته قنان mbc مسبقاً.
عدت إلى امام شاشة الكمبيوتر وبدأت اتصفح المواقع الاخبارية ومواقع السوشل ميديا، وكما جرت العادة، مجموعة "جحوش"، تجاهد في محاولة لتجميل وجه الحكومة القبيحة جدا والذي يزداد قبحا مع ازياد معاناة الناس وفشل هذه الحكومة المغتربة في الخارج، بعد ان سلمت أمر ادارة البلد لسفير الرياض محمد آل الجابر.
"جحوش"، ومفرده جحش، وهو مصطلح اورده الرائع جدا أحمد عمر بن فريد، الذي حدثني أمس عن المقالة المنشورة في موقع صحيفة "اليوم الثامن".
تحدث بن فريد في مقالته عن لقاء جمعه بصديقه الكردي في العاصمة الالمانية، وفسر بن فريد على لسان صديقه مصطلح الجحش، بأنهم الخونة الذين خانوا القضية الكردية العادلة، وكيف أصبح هؤلاء الجحوش منبوذين اجتماعياً.
تساءل بن فريد في مقالته، كم لدينا جحوش في الجنوب؟
قلت لبن فريد، سوف اعقب على مقالتك تلك، وسوف احاول توصيف من هم الجحوش في الجنوب، سأحاول الاختصار في تعريف من هم الجحوش؟
الجحش الجنوبي هو مسؤول جنوبي في الحكومة اليمنية يجاهد ليل نهار لأثبات وحدويته للشماليين على أمل ان يبقى في الحكم، وحين يتم الزبط به يعود للحديث عن الجنوب والقضية الجنوبية.
تخيلوا معي "مسؤول كان محافظا لمحافظة جنوبية يقول عن الحراك في 2007م، هم مجموعة لا يتعدون اصابع اليد الواحدة، وفي 2014م، يقول نحن في الجنوب حسمنا أمرنا، لن نقبل بالوحدة الوحدة طعنت من الظهر، الوحدة كانت حلما لنا ولكن الشماليين خانوها".
تخيلوا بعد هذا الكلام، ولأن الجحش جحش، يقول بعد ذلك "ليس هناك قضية جنوبية، الرئيس منح الجنوبيين مستمسك بيدهم وهي الدولة الاتحادية".
ولكن هذه الدولة التي يتحدث عنها وبأنها أهم انجاز يتحقق للجنوب، ينص دستورها على ان كل موارد الجنوب تذهب إلى صنعاء ومن صنعاء توزع على الاقاليم.
جحش أخر، يتمثل في سياسي يحاول بشكل يومي محاولة اخافة الجنوبيين من المستقبل وبأن الجنوب لو حصل على استقلال "سوف نتذابح فيما بيننا البين"، مع ان من يذبح الجنوب من الوريد الى الوريد معروف، ليس من اليوم ولكن منذ فجر الاستقلال.
يصور لك هذا الجحش ان العالم كله "من اقصاه إلى اقصاه، ضد الجنوب ومع الوحدة اليمنية"، وان الدولة الاتحادية التي "حققها هادي"، هي افضل خيار للجنوبيين بدلا من ان يتذابحوا فيما بينهم على دولة الجنوب التي العالم كلها ضدها، مع ان هذا الجحش يدرك ان الدولة الاتحادية مجرد خديعة أخرى كخديعة "ثورة الشباب جبت ما قبلها"، التي دفعت بصاحب الدولة الاتحادية الى كرسي الرئاسة دون دولة.
جحش أخر صحفي او ناشط على مواقع التواصل الاجتماعي ولديه مجموعة معرفات، كل منشوراته ضد أي شيء يدعو للقضية الجنوبية، يصفه على انه ضد الرئيس هادي، يصور لك أي خلاف سياسي على انه صراع مناطقي.
فهذه هي لعبتهم المحببة، "لعبة الجحوش"، تصدير الصراع على انه صراع مناطقي، هم يتلقون التعليمات من مطبخ حكومي كبير، يديره سارق الماء من افواه الناس.
الصراع يبتني من قرار يتخذه الرئيس فيهب الجحوش للدفاع عن تلك المناطق، وبانها مستهدفة، مثلا موضوع "منير اليافعي حين احاله هادي للمحاكمة"، هب الجحوش للكتابة عن يافع عن شجاعة يافع وبطولة يافع وكيف ان الضالع تستهدف يافع، وابين تستهدف يافع واسرائيل تستهدف يافع، مع ان الأمر صراع سياسي بحت.
جحش أخر، يجاهد ليل نهار لإقناع الناس ان القضية الجنوبية مجرد وهم وان من يمثل قضية الجنوب اليوم مجرد منبطحين وعملاء للخارج، وان دولة الجنوب كذبة كبرى، ووو....
جحش أخر يدافع عن الإرهاب في الجنوب، ويصور لك ان من يحارب الإرهاب هي مليشيات خارج سيطرة الدولة، تخيلوا ان هذه الدولة هي من تدافع عن الإرهاب.
جحش يصور لك ان دولة الامارات العربية المتحدة الشريك في التحالف العربي، جاءت لتقسيم اليمن ودعم انفصال الجنوب، لكن الجحش ذاته يقول لك الامارات مع وحدة اليمن، وانها لم تؤكد قط انها مع قضية الجنوب.
جحش يحارب الأمن في عدن ويشكوا من الانفلات الأمني، يقول في قوات الأمن كل المصطلحات، فتارة يقول انها مليشيات وتارة أخرى يقول انها قوات أمنية مناطقية تشكل خطرا على مستقبل الجنوب، مع ان لا مستقبل للجنوب من وجهة نظرهم غير انه يبقى رهينة لصنعاء.
نسي هذا الجحش تهجير ابين وتدميرها نسي مئات الضحايا الذين قتلوا بالارهاب، لكن يقول لك الامن في عدن منهار، والقوات الأمنية مليشيات، لماذا لان قوات الأمن هذه جنوبية وترفع علم الجنوب.
وعلى ذكر علم الجنوب، يخرج عليك الجحوش للقول "لأنكم رفضتم رفع علم الوحدة في عدن، فأنتم ترفضون الدولة التي أتى بها هادي من صنعاء، حين حاصره الحوثيون أخذها وهرب بها ناحية عدن".
ولكن حين تفتش عن هذه الدولة لا تجد لها أي اثر، فشخوص تلك الدولة يقيمون في اضخم الفنادق في الخارج، ويجبرون الشعب على سداد ما يصرفون على ذويهم ومقربينهم وجحوشهم.
يقول لك الجحوش ان انزال علم الوحدة في معسكر صلاح الدين، دفع الناس الى ان يرفضوا فكرة الانفصال وانهم بسبب انزال علم الوحدة تخلوا عن قضية الجنوب، يتخلى الناس عنها بفعل ان ذات الناس ترفض رفع علم تسبب لهم بكل هذه المعاناة.
ولكن خلاص با نبطل نكتب عن هادي، "حتى لا تقول الجحوش اننا نستلم فلوس"، وعلى فكرة كل ما يقوم به هؤلاء الجحوش ليس عملا وطنيا ولكنه مصلحة، مش قلت لكم أول على قصة المسؤول صاحب "الوحدة طعنة من الخلف"، كمان قال انا متفاءل ان الجنوب با ينفصل، اليوم يقول ان لا خيار الا الدولة الاتحادية.
فحتى الرئيس الذي بانبطل نكتب عنه حين هرب من صنعاء "قال عندي وحدة الجنوب أهم من حياتي"، ولكنه بعد ان حقق الجنوب الانتصار يقول ما شي معكم غير الدولة الاتحادية التي ينص دستورها ان كل ثروات الجنوب تذهب إلى صنعاء ومن ثم يوزع الفتات على الجنوبيين كما جرت العادة.
وكمان الجحش صاحب فيديو التيس الذي ذبحه وقال يا بدو هذا عبدربه منصور هادي، "هذا جحش"، وجحش كبير، لأن الهدف من الفيديو هو تصوير للرأي العام ان القضية مناطقية وان من يخالفون هادي يخالفونه مناطقيا وليس سياسياً.
وهناك نماذج كثيرة للجحوش.. نترك لكم حرية وصفها.
والشكر كل الشكر للاستاذ أحمد عمر بن فريد على اتاحته فرصة التعقيب على مقالته، واعتذر عن اي قصور.
#صالح_أبوعوذل