مقالات وكتابات


الأحد - 02 مايو 2021 - الساعة 02:47 ص

كُتب بواسطة : د. حسين لشعن - ارشيف الكاتب



في يوم السابع عشر من رمضان 2015م ابتدا يومي بالاستيقاظ لتناول وجبة السحور ومن ثم الاستعداد للذهاب الى الصلاة وبعدها الى الجبهة في جعولة .

ان استعدادي القتالي عبارة عن بندق شيكي اضافة الى عدة طلقات متناثرة احملها في شنطة محمد ابني،التي يذهب بها الى المعلامة .

انطلقنا بعد الصلاة وكنا خمسة فقط بعد ان كنا خمسة عشر فرد ، وصلنا الى الموقع وكانت رائحة الموت والدم تفوح من كل مكان حتى انه تصعب علينا الوصول الى موقعنا بحيث قررنا ان نتحرك واحد تلو الاخر نتيجة لكثافة النيران وعندما بدء الثالث يتحرك اصيب بشظية هاون اخترقت قدمه فعاد باتجاهنا وهو يقفز برجله السليمة وعند وصوله الينا قال اخيه ابحثوا عن سيارة تسعفه اما انا فلن ابارح المكان وبالفعل جاءت سيارة واخذته ،لقد شدني هذا الموقف كثيراً وكنت احدث نفسي بالقول يالقساوتة .

اكتملنا في الموقع لكننا لم نستطع الانتشار في مواقعنا بسبب الرمي المركز من قبل العدو لقد كانت ساعات حاسمة مخيفة

ومع شروق شمس ذلك اليوم قررت الصعود الى الدور الثالث لعل وعسى استطيع رمي العدو لاخفف من شراسة هجومة على زملاىي لكن دون فائدة فقد كانوا مسيطرين الى درجة كبيرة فتبادرت الى ذهني فكرة الاتصال بقائد عسكري كبير حتى يتواصل بقيادة المنطقة العسكرية الرابعة حتى تعطي اوامرها للدبابات المرابطة خلفنا بالتدخل وقصف مواقع العدو ،وبالفعل تدخلت الدبابات وقصفت لكنها لم تصب الهدف وانما خففت من ضراوة الهجوم .

انا وقبل تدخل الدبابات ارتقيت الى الدور السابع حتى احدد مواقع العدو ونيرانه التي كانت عبارة عن هاونات وقناصه يجيدون استخدامها باحترافيه عسكرية .

وعند الساعة الثامنة صباحاً ساد الهدوء المخيف في كل الارجاء لقد كان حدسي ينبئني بحصول شي لكنني كنت اطمئن نفسي انني محمي من الاعلى بالخرسانة والتي لاتستطيع قذائف العدو اختراقها اما من الامام فانا محمي بجدارين ستمنع رصاصات قناصاتهم .

ومع حلول التاسعة حدث شي لم اعلم ماهو رايت الشخص الذي لم يسعف اخيه مع شاب اخر يرفعون اعمدة الخرسانة من فوقي وكنت انظر اليهم الا انني لم استطيع رفع نفسي الى ان اجلسوني ،وسألوني هل تستطيع النزول ؟فسألتهم بماذا اصابوني فكان الرد منهم بدبابة ، قالوا الشباب نزلنا قلت لهم نعم لكنني قلت لهم وبندقي قالوا اتركه فاصحابنا مازالوا تحت فاصريت على

ذلك وذهبت لحمله لكنني لم استطع ذلك فقد كانت يدي اليسار مكسورة ويدي اليمين مجروحة من المفصل فادخلت يدي في حزام البندقية وحملتها .

لقد كان نزولنا بمثابة انتحار ،لاننا في مرمى قناصات العدو التي تمر رصاصاتهم من امامنا ومن خلفنا لكنها العناية الالهية التي حمتنا من نيرانهم وكذا هي من سخرت لي هذا البطل الفداىي ليصعد هو وزميله البطل الى الدور السابع .

وعند وصولنا الى الدور الارضي سلمت الشباب سلاحي والرصاصات المتبقية .

وبالصدفة مرت سيارة فلوحوا لها الشباب وتوقفت واخذتني الى مستشفى النقيب .

صراحةً كنت لا اشعر باي الم نتيجة الضربة وكل الذي اكثشفته قبل وصولي المستشفى هو ان يدي اليسار مكسورة ،لكن عند وصولي مستشفى النقيب باشر الطاقم الطبي عمله ونزعوا قيمصي حتى يتم ايقاف الدم .

لقد اتضح لي من خلال كلام الاطباء انني تعرضت لكسر في الفك العلوي اضافة الى فقدان خمسة اسنان وكسر في الانف وعدة كسور في الضلوع مع شظية كبيرة في الظهر وعدة شظاياصغيرة في الراس والذراع مع حروق متفرقة في الجسم .

كل تلك الاصابة كانت لاتهمني بقدر ما كنت افكر كيف سينزل خبر اصابتي على امي واولادي واخواني .

وبينما كنت افكر في اهلي رايت احد ابناء حارتي واشرت اليه بيدي لكنه لم يعرفني نتيجة لاختلاط الدم بالتراب فوق وجهي إلا عندما اقترب مني فقام باحتضاني وهو يصيح فقلت اتصل باخي واخبره بماحصل ،وماهي إلا دقائق حتى رايت امي يتم ادخالها في كرسي مدولب لانها لم تستطيع السير لاعتقادها انني مت اما اولادي الصغار فقد احرجوني ببكائهم عليه لدرجة ان دمعت عيناي وبعدها بقليل جاء رجال حارتنا الاوفياء حافيين الاقدام ليكشف طيب معدنهم واصالتهم عند الشدائد .

لقد كان يوم عصيب عليه لايمكن نسيانه .

كل ما ذكرته كان مجرد احداث والان دعونا نتكلم عن بعض شخصيات القصة اولهم الشابان الذين صعدا لاسعافي من ابناء يافع وهما محمد البكري وشخص اخر لا اتذكر اسمه طبعا محمد البكري استشهد في 24 رمضان في جبهة الصولبان والاخر لم التقي به على الاطلاق .

اما القائد العسكري الذي تواصلت به هو اللواء الركن عبدالله الصبيحي .

لقد مكثت في مستشفى النقيب شهرين ومن بعدها تم نقلي بطائرة الاخلاء للمملكة الاردنية الهاشمية وكان معي مجموعة كبيرة من الجرحى مكثت في المملكة ثمانية اشهر ثلقيت دعم من الدكتور حسين العاقل الشعيبي ومن القائدالعميد عمر صالح المجري الشعيبي والعميد احمدعمرمحمد الابيني ومن الشيخ النقيب اليافعي ومن الاستاذ فضل عسكر اليافعي ومن الاخ ايهاب عبدالقوي اليافعي ومن الاخ بشير المضربي الصبيحي عبر الاخ طالب الضالعي وتلقيت دعم من عشيرتي اهل لشعن بامرحول الكرام .

لقد تعمدت وانا استعرض من انقذني ومن ساعدني ومن واساني من ذكر اسمائهم مقرونة بمناطقهم حتى يعلم الجميع ان النصر له ثمن وهو مدى تلاحمنا وتراحمنا ونبذ الخلافات ورص الصفوف في مواجهة العدو .

ان قصة اصابتي نشرتها عدة مرات لكنني لم اشير الى ابطالها واليوم وبعد ما رايت النزعة المناطقية المريضة بين ابناء الجنوب فانه عليه واجب شرعي واخلاقي ان اذكركم بتلاحم ابناء الجنوب اثناء الغزو الحوثي على عدن والذي بفضل ذلك التلاحم تم كسر شوكة المليشيات الحوثية ودحرها من عدن وبقية المحافظات الجنوبية .



قوتنا في تلاحمنا وتراحمنا.



المجد والخلود للشهداء ، والشفاء للجرحى ، ولانامت اعين الجبناء والخونة والانذال .





والله من وراء القصد



د/حسين لشعن