مقالات وكتابات


الإثنين - 12 أبريل 2021 - الساعة 05:45 م

كُتب بواسطة : نبراس الشرمي - ارشيف الكاتب


لله الحمد من قبل ومن بعد، وبفضله ربي وكرمه، تجاوزت محنة الكوفيد بعد أكثر من أسبوعين من الأنات والتعب والكتمة. مررت بساعات وأيام كنت أظنُّ أنها لي هي الأخيرة، ولم أكن أتوقع قبل ذلك بأن هذا الجسد كله أضعف من المتوقع.
أول ثلاثة أيام مضت على إصابتي بفيروس كورونا، كانت الأعراض المرضية -سخونة وإرهاق وتعرق- تمضي بداخلي بكل هدوء وتتسلل يوماً بعد آخر حتّى سيطرت على مفاصل الجسم، وبدأ التعب والإعياء يظهر عَليّ مع نوبات من ارتفاع درجة حرارة الجسم إلى أن وصلت إلى حد كبير لايمكن لي وصفه من شدة اللهب والألم، والصداع الشديد الذي لم أشعر بمثله قَطَّ في حياتي، وثقل في الرأس وكأنه كيس مملوء بالرمال.
في اليوم الرابع والخامس، ازدادت الآلام مع بعض التشققات التي بدأت بالظهور في الحنجرة، وطَنِينُ في الأذنين والذي كان يشعرني بتمزيق شبكة عروق الأذن، وكأنها شجرة تخُلَع من عروقها، وضيق في التنفس. لم أكن حينها قَادِرٌ على مواجهة كُلِّ هذه الأوجاع، ولا بَلعَ المسكنات وحبة البندول أو كُوبًا من الماء!!
كنت بين الغفوة والأخرى، أتوه برحلة طويلة وسفر بعيد أمر به ويمر بي، لأطالع الساعة وأرى بأن دقيقة واحدة لم تَمَض بعد!!
في اليوم السادس والسابع والثامن، خارت قواي ولم يعد بمقدوري شيء أعمله للتخلص من كل هذا.. بل إن رحلة جديدة من المعاناة قد بدأت بداخلي مع
(السعال) الذي قد بدأ جافّ، ليأخذ هو الآخر نصيبه من جسد أصبح غير قادر على حماية نفسه. كنت حينها أتمنى لو أن هناك علاج وريدي أو دواء يقضي عليه أو يخفف من حدته بشكل آني، خصوصًا وأنه قد رافقه الكثير من الآثار السلبية من تشنجات في منطقة الصدر والحلق وغثيان وغيرها من الآلام؛ ولكن ذلك لم يحدث.

يا الله،، لم يعد بي شيء قادر على مواجهة كل هذا، ولم يبق مني من الحواس -بعد كل ما أصابني من الوباء- إلا القليل منها، فليس لي غير عيَنًا غائرة أحدق بها يَمْنَة ويَسْرَة، وشَمٌّ مُكَبَّلٌ بإحتقان أنفاسي ولسانُ جافّ لم يعد صالح لتذوق الأشياء من مأكل ومشرب.

يا رب،،
- متى يرتاح هذا الجسم من كل هذا البلاء؟
- متى تنتهي هذه الغيمة السوداء؟
يجيب صوت بداخلي يقول، حَتْمًا سينتهي كل هذا مهما طال الوجع، ولن يكون لهذا المرض أي مكان فينا، ولن يدوم حَقّاً إلا الحق ربنا وحده، العظيم الكريم.
مرت أيام عصيبة وكأنها أعوام، نرجو ألا تعود، استطعت بعدها أن أتذوق الأشياء وأميَّزَ طعمها، وأشتم رائحة النفس وأتنفس الصعداء. أيقنت حينها بأنني شُفِيَت مثل الكثير ممن أصيبوا بهذا الوباء، ولم أمت كحال البقية من المصابين بهذا المرض اللعين!!
نحمدك ربي ونشكرك سِرَّرًا وعلانية.
ونسألك ربي أن ترفع البلاء والوباء.

#نبراس_الشرمي