مقالات وكتابات


السبت - 18 أغسطس 2018 - الساعة 04:32 م

كُتب بواسطة : منصور العلهي - ارشيف الكاتب


محمد قال ملا عليها عابرين**بالجتبر قبل يلقوني في الكفن والطين.

خير مايبقى للانسان بعد موته ذكر حسن جميل يذكره الناس به فيدعون له ...
يكون قدوة للآخرين وإماماً للخير... والكل راحل عن هذه الدنيا والجميع سائر إلى دار القرار.... والناس شهداء الله في ارضه..

الحجة (رشة) رحمها الله تعالى واسكنها الجنة إمرأة فاضلة كريمة عاشت في الزمن الجميل وبالرغم من تقدمها في السن إلا انها تملك قلب طيب لايكن حقداً ولاكرهاً لاحد..
واول ماتلتقي احدهم تردد هذا البيت من الشعر الذي اشتهرت به لكثرة ماتردده بين الناس(محمد قال ملا عليها عابرين**بالجتبر قبل يلقوني في الكفن والطين)..!
وهي بهذا البيت الشعري تختصر معنى هذه الحياة الفانية وتبين بكلماتها الموجزة بإننا عابرون وراحلون عن هذه الدنيا...!

وكانت كثيراً ماتستشهد بالبيت التالي الذي يعبر عن تميزها بالوفاء والكرم:
تشاهرنا وسوينا تراب القبر فيه**حتى ولا ايدي خليه كلمتي وافيه.

الحجة رشة عاشت ما بين العام 1910 - 1983م بمدينة مودية...
كانت تعمل في بيع الاكياس الورقية التي يستخدمها الباعة في البيع والشراء قبل ان تقتحم حياتنا تلك الاكياس البلاستيكية غير الصحية والتي كانت سبباً في تلويث بيئتنا..!!
وهي من تقوم بصنعها بيدها ..
حيث تبدأ عملية التصنيع اليدوي بجمع الاكياس الورقية (اكياس الاسمنت الفارغة) ثم تقوم بتقطيعها الى مستطيلات وبمقاسات مختلفة ثم تقوم بتعطيف المستطيلات وثنيها ثم الصاقها من الجهات الثلاث بمادة الدقيق الابيض (الطابونة) الممزوج بالماء وتبقي الجهة الرابعة مفتوحة...
وبعد تجفيفها تقوم الحجة رشة رحمها الله واسكنها الجنة برص الاكياس الورقية بعدد (12)كيس للشدة الواحدة وتكون في هذه المرحلة جاهزة للتسويق والبيع ...

وهناك الكثير من المصنعين والبائعين لهذه الاكياس في زمن الحجة (رشة) إلا ان جميع الباعة لايستطيعون تسويق اكياسهم وبيعها الا متى ما انهت الحجة رشة بيع وتصريف كل اكياسها...
هذا مااكده لي قبل كتابة هذه الذكريات الجميلة من حياة الجدة (رشة) احد الذين كانوا يبيعون الاكياس في ذلك الزمن الجميل..
وقال: تبقى اكياسنا امامنا ولم نستطع ان نبيع حتى كيس واحد الا متى ما باعت الحجة اكياسها وبعدها نستطيع بيع اكياسنا....!
فلدى الحجة زبائن كثر...

هذه لمحة بسيطة عن حياة الجدة رشة (العملية) رحمها الله...
اما عن حياتها الاخرى وعن الصفات التي تتميز بها عن الآخرين فقد كانت مرحة لدرجة ان الذي يلتقيها وهو مهموم لايفارقها إلا وهو سعيد مبتسماً منشرح الصدر...
وكان منزلها المتواضع الذي يقع بالقرب من جامع الخير مفتوحاً للطلاب والمدرسين الذين يأتون من خارج المدينة ليتناولوا من يديها الحانيتين وجبة الافطار التي تجهزها لمثل هؤلاء لوجه الله دون مقابل..
وكان الرئيس الجنوبي علي ناصر محمد احد الذين يأتون بعض الايام لتناول هذه الوجبة من يدي (امه رشه) كما يحب ان يناديها ، عندما كان مدرساً...!

رحلت الحجة رشة او امنا رشة - كما كانت تنادى بهذه الصفة كونها بمثابة الام الحنون للجميع - الى الدار الآخرة لتبقى ذكراها العطرة وسيرتها الحسنة لنقتدي بها وندعو لها بالرحمة والمغفرة.