أخبار محلية

الأحد - 14 أبريل 2019 - الساعة 07:55 م بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية /فرنسا/خاص

المسألة لا تتعلق  بنقل المهمات من رئيس برلمان سابق  إلى رئيس برلمان جديد . إنها جلسة غير إعتيادية بمعنى الكلمة  ، التحديات والمراهنات من قيادة الإنتقالي كانت في أوجها ، حصلت إستقالات بن فريد والخبجي و النقيب ، حصلت تلكؤات عن الحضور ، وتغيب الكثيرون ، لكن النصاب إكتمل .
   الأمر ليس بهذه البساطة ، هناك دول أصبح نشاطها المناهض للشرعية ورموز الشرعية  واضحا لم يعد خفيا ، وكانت وراء المحاولات لعرقلة التئام البرلمان في سيئون ، في لهاث لإجترار مكاسب أكثر جراء تدخلها في حرب اليمن . 

تحولات سياسية جديدة 

الوسط السياسي اليمني بمجمله، ومعهم الرياض و أبو ظبي ، يدركون أن اليمن على وشك انتقال مفصلي خلال الأعوام المقبلة أو ربما الشهور، وان هذا الانتقال يخص جوهر العملية السياسية، وان ما يتم العمل عليه اليوم سيحدد الكلفة التي سيتكبدها اليمن في تحولاته  الجديدة ، ذلك ما أكده فخامة رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي من خلال الرسالة التي وجهها الى أعضاء مجلس النواب ضمن كلمة فخامته التوجيهية  حيث قال "تقع على عاتقكم في المرحلة القادمة مهام كبيرة فإلى جانب إنجاز العديد من المهام التشريعية والرقابية التي تدعم جهود السلطة التنفيذية في استعادة الدولة وانهاء الانقلاب وبسط نفوذ الدولة على كل شبر من أرض اليمن وتحقيق السلام وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني واستكمال المسار السياسي" .
ربما مستوى فهم طبيعة المرحلة متفاوت بين طرف وآخر، وبين مجموعة سياسية وأخرى . 
لكن هناك عددا من الوجوه والشخصيات السياسية المشاركة في جلسة البرلمان في سيئون ، يفهمون بشكل أكثر عمقاً نمط المتغيرات التي يجب أن تحدث اليوم ، من دون تردد ، ويرون أن العملية السياسية التي أفرزتها الحرب منذ 2015م بتقاليدها وآليات عملها تحتضر في هذه الأثناء، وان المكونات والمجالس التي بنيت على أساسها هشة لدرجة أن كل الأسوار العالية التي تشيدها القوى السياسية  بمساعدة مكوناتها المسلحة ، لن تكون أعلى من موجة التغيير المنتظرة.

مساندة الرياض للجهود الحكومية 

القيادات السعودية ، أكثر فهماً من الطبقات السياسية اليمنية للضرورات والمتطلبات وإدارة التوازنات في المراحل السياسية أثناء الحرب وفي مرحلة التعافي . 
مساندة الرياض لحكومة د معين عبد الملك يأتي تواصلا لواجبها في دعم الشرعية ، وليس هناك شخصنة في الأمر  ، إنما معادله الرياض مفادها ان السعودية بدأت تدفع رموز العملية السياسية في اليمن لتحمل المسؤولية وخوض غمار إنتاج تجربة حكم ناجحة.
في الشأن الحكومي ، المراقبون ، فهموا في وقت مبكر ان
د. معين عبد الملك ليس رجل السعودية  في اليمن ، لكنه سينال دعماً سعوديا  ليس للحفاظ على السياسات السعودية  الحالية ولا حتى على العملية السياسية برمتها، بل لأن الرياض تنتظر بدورها انتقالاً ما بعد مرحلة الحرب ، ولكن لازال قصور يشوب عمل الحكومة ، التي لم تستطع حتى الآن تثبيت دعائم الأمن والإستقرار وبناء النموذج في المحافظات المحررة ، بهذا الخصوص وجه فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي رسالة الى الحكومة والسلطات المحلية في المحافظات المحررة  من خلال الكلمة التي القاها أمام مجلس النواب حيث قال  "  لازالت جهودكم تحتاج الى مضاعفة ولازالت أولوياتكم تحتاج الى مراجعة ، إن أهم اولوياتنا في الوقت الراهن يتمثل في هزيمة الانقلاب وبناء مؤسسات الدولة وتعزيز وجودها لتتمكن من أداء وظيفتها في تقديم الخدمات للمواطنين جميعا وتطبيع الحياة بشكل كامل " .

قوى الوسط السياسي في اليمن 

لايفوتنا هنا الإشارة الى المشهد السياسي لدى ممثلوا  تيار جنوبي عميق الجذور كالعطاس حيدر أبوبكر مستشار رئيس الجمهورية  ، نشط مؤخرا في صف الشرعية ، لكنه فضل النأي بالنفس و عدم الحضور الى سيئون ، ليكون بذلك  أزاح تخشب تياره السياسي من ناحية ، و يكون بعيدا في اللحظة الخطيرة عن الإنتقادات  ، ويجعل من تياره السياسي المعتدل  جزءاً من فلسفة الانتقال السياسي القادم .

كارثية تداعيات الحرب وتصاعد الأزمة الإنسانية

إستمرار الحرب وكارثية تداعياتها تشكل مصدر قلق بالنسبة إلى الجميع ، إزدادت المعاناة الإنسانية وإنتشرت الأوبئة وأصبح 24 مليون شخص في حاجة إلى مساعدات.
وأن ثلاثة ملايين يمنيا أصبحوا نازحين في بلدهم، و أن 25 في المئة من الأطفال باتوا خارج مدارسهم.
وفي الجانب الصحي،  أن هناك 51 في المئة فقط من المرافق ما زالت صالحة للاستخدام بشكل كامل، فيما دمرت الأخرى تماما ، و أصبح اليمن مسرحا لأسوأ أزمة إنسانية على مستوى العالم . 
سكان اليمن هم حصاد سنوات الصراع مابين قتيل ومعاق ومشرد ونازح .
كانت رسالة فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي الرابعة في  كلمتة أمام البرلمان موجهة للشعب اليمني جاء فيها "نعلم إن الحرب قد طالت وقد عم بلاؤها كل بيت ، ولكنها حرب فرضت علينا، نحن لم نكن نريد هذه الحرب ، ولقد بذلنا كل وسعنا لتفاديها ،  الحرب ليست خيارنا ، بل هو واجبنا تجاه وطننا وشعبنا وعلينا ان نقوم بواجبنا في الدفاع عن وطننا ودولتنا وأمننا واستقرارنا ، ولن نخذل شعبنا مهما كلف الأمر "


دور المجتمع الدولي .

اليمن ليس بلداً طيعاً، لذا ولتجنب تعقيدات متوقعة فإنه سيبقى مؤثرا دور المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة و دور مجلس الأمن الدولي في ما يمكن أن يطلق عليه ( رعاية دولية للسلام العادل في اليمن ) ، بهذا الخصوص قال فخامة الرئيس عبد ربه منصور هادي في كلمته أمام مجلس النواب في الرسالة التي وجهها للمجتمع الدولي ورعاة السلام في اليمن  " جهودكم على المحك ، نحن نريد السلام ، ونسعى من اجل السلام ، لكن هذه المليشيات لا تفهم لغة السلام، وتستغل الحالة الإنسانية التي كانت السبب في انتاجها لممارسة الخداع وتضليل المجتمع الدولي من اجل الاستمرار في استنزاف الدولة وانهاك المجتمع "

مخاض عسير ، لكن ملامح التعافي السياسي والإقتصادي لاحت خيوطها ، فقد مرت على اليمنيين خلال سنوات الحرب الكثير من الويلات عانوا فيها من شظف العيش والتشرد والعوز والمرض ، في بلد خسر كل شئ ، في صراع معقد جمع بين السياسي والطائفي والمناطقي وتشابكت فيه حسابات إقليمية ودولية .

* تقرير صادر عن المركز الدولي للإعلام والتنمية - فرنسا
14 أبريل 2019م .