حوارات وتحقيقات

الأربعاء - 12 سبتمبر 2018 - الساعة 12:18 ص بتوقيت اليمن ،،،

«الوطن العدنية»كتب/موسى إبراهيم

لا تكاد تغيب عن أذهان المسلمين أجمعين تلك الحقبة الحرجة التي عاشها النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ومن آمن بدعوته منذ فجر البعثة النبويّة في مكّة المُكرَّمة، حيث يستذكرون دائماً حجم المعاناة التي واجهها النبيّ الكريم، وصحبُه الأوائل آنذاك.

وتتزاحم المواقف في ذاكرتهم وهو يستذكرون ويراجعون تضحيات النبيّ عليه السّلام والصّحابة الكِرام أمام ظُلم المشركين من قريش، وهم يصدّونهم عن دعوة التوحيد ويُحاربونهم بكلّ بَطش وجبروت، وتنكيل وتظهر أمام كلّ تلك الآلام قصص البطولة والفوز ، ومشاهد التّضحية في سبيل إقامة الدِّين، ونشر الهداية في العالمين أجمع ، وكتب السيرة تُخلّد ما واجهه الصحابة الكرام، من مثل بلال بن رباح، وآل ياسر، وخباب بن الأرت رضي الله عنهم، من اضطهادٍ وتعذيبٍ في تلك المرحلة الصعبة.

لم يستطع الرسول صلى الله عليه وسلم أن يمكث في مكة وبين ظلم المشركين، فكان النصر والأمر من السماء ، فأذن الله -سبحانه وتعالى- للنبيّ -عليه السلام- وصحابته -رضي الله عنهم- بالهجرة من مكة المُكرَّمة إلى المدينة المنورة، في إشارة جليلة إلى نجاح المسلمين في ابتلاء الثبات على الحقّ.

فتكللت الهجرة النبوية بالنجاح ، و بناء مرحلة جديدة من دولة الإسلام، فأصبحت هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم تقويما هجريا ، وكأنه يقول لمن بعدهم :
هذا نصر الله ، هذا وعد الله ، مهما كانت الصعوبات والتحديات إلا أن دين الله باق الى ان تقوم الساعة.


فأصبح الاسلام بعد الهجرة النبوية الشريفة حقاً له قوّة، وديناً له دولة يقودها نبيّ الرّحمة محمّد صلّى الله عليه وسلّم.

وفي هذا اليوم ، غرة محرم ، وبداية سنة هجرية جديدة ، نستذكر سويا اسباب هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة ، لكي نجعل من هذه الاسباب مصابيح هدى نتذكرها كلما اشتدت بنا الصعاب ، ونزلت بنا النوازل ،
ومن اسباب هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم ،
اشتداد إيذاء المشركين له عليه السّلام، والتنكيل المستمرّ بأتباع دين الإسلام؛ فكان من الحكمة البحث عن طريق للخلاص من مرحلة العذاب والاضطهاد.

ومن الاسباب أيضا البحث عن آفاق أوسع وأكثر رحابة لنشر رسالة الإسلام، بعد أن أصرّت قريش على محاربة الله ورسوله، رغم كلّ محاولات النبيّ عليه السلام، وحرصه على نبذهم الشرك والوثنيّة.

وأيضا من الاسباب استعداد أهل يثرب للدخول في الإسلام، واستقبال النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- وأتباعه فيها، خاصّةً أنّه كان قد وجد الطريق إلى المدينة المنورة مُمهَّداً لإقامة دولة الإسلام فيها بعد بيعة العقبة الأولى والثانية، حيث استطاع كسب عدد من الأتباع الجدد من قبيلتي الأوس والخزرج، وأرسل معهم عبد الله بن أم مكتوم، ومصعباً بن عمير رضي الله عنهما؛ لتعليم من أسلم شرائع الإسلام، والتمهيد لتقبّل هذا الدين فيما بينهم.

كذلك قناعة النّبي -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه يحمل رسالة إلهيّة عالميّة، وأنّ هذه الرسالة المُحمَّلة بالشرائع والأحكام التكليفيّة لا بدّ لها من أرض خصبة تنطلق منها إلى فضاءات أخرى، وأنّه آن الأوان للخروج بهذه الرسالة من حدود مكة المُكرَّمة التي لم تكن آنذاك مُهيَّأة بعدُ لتكون مكاناً لنشر الدعوة وتنزيل الأحكام الشرعيّة، وعلى هذا كانت الهجرة مطلباً دعويّاً فرضته طبيعة الرسالة .

وبهذا هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم فهاجر معه الدين ، وانتشر الاسلام في اصقاع الارض ، ولنا في هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم دروس وعبر منها :
التفكير دائما بطريق جديد ، وخطة محكمة يستخدمها القائد مع اتباعه للخروج من بعض المآزق والمشكلات ، فقد كان قرار الرسول صلى الله عليه وسلم خير دليل على حنكته وحبه لدينه ونشره.

كذلك لنا عبرة ودرس انه لا يأس ولا تراجع ولا كسل عن مشروع الدعوة الى الله سبحانه وتعالى ، فأرض الله واسعة فلنهاجر فيها.