حوارات وتحقيقات

الجمعة - 24 أغسطس 2018 - الساعة 03:20 م بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية - كتب/الشيخ/ابوسعد عبدالله بانجوة

حزم جمع من الحجيج حقائبهم يوم الخميس 12/12/1439هجري متعجلين مودعين مشعر منى،بعد ان رموا الجمار الثلاث.. اخذا برخصة الله لهم. (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه،ومن تأخر فلا اثم عليه لمن اتقى)
واليوم الجمعة 13/12 استيقظت عروس مكة المكرمة (منى)، ذلك المشعر المقدس على انين الحجيج وهم يرددون كلمة "وداعاً"، عبارة رددها حجاج بيت الله الحرام كثيراً وهم يغادرونها بعد أن أتموا مناسك الحج بكل يسر وسهولة، وتمكنوا في هدوء من رمي الجمرات في أيام التشريق، فكم من دموع انهمرت بكل الحزن على عتبات مخارج مشعر منى توديعاً لهذه البقعة الطاهرة التي غسلوا في أرجائها أحزانا سكنت دواخلهم، وأيقظت ضمائر من تابوا وتضرعوا لله في جل العبادات التي أدوها، ولم تكن مفارقة مدينة الخيام البيضاء أمراً سهلاً للعديد من ضيوف الرحمن، ولعل من أبلغ صور التعبير عن هذا الشعور تلك الدموع الصغيرة والغمامة في عيون المغادرين صغاراً وكباراً رجالا ونساء قبل مفارقة أطهر البقاع،وهم يصلون الفجر في اخر ايامها،ولسان الحال والمقال.. هذه اخر صلاة فجر فيها.. وداعا عروس مكة. حاضنت اضياف الرحمن.. فبعد 120 ساعة عاشتها المدينة العصرية أو كما يحلو للبعض تسميتها مدينة الأيام الخمس، سيعود الهدوء و السكينة إلى شوارع منى وخيامها.
وستظهر خالية إلا من عمال النظافة الذين ينهمكون في جمع أكوام المخلفات التي سيتركها الحجاج بعد رحيلهم منها، وكذلك عمال وموظفي مؤسسات الطوافة وشركات حجاج الداخل الذين سيجمعون بقايا متاعهم من مخيماتهم، وبعد بضعه أيام ستطفأ أنوار المدينة الزاهية التي ملأت سماء مكة المكرمة بالضوء طيلة الأيام الخمسة المنصرمة، حيث ستخلد في نوم عميق بعد أيام من الضجيج و الحركة الدؤوبة والتكبير والتعظيم لله سبحانه،على مدار الساعة، والتي امتلأت سماؤها بالضوء والنور انتظاراً لعودة الحياة إليها مرة أخرى بعد 360 يوماً من الآن.
سترى شوارع منى وأزقتها المتفرقة وخيامها البيضاء لم تعد تلك الخيام التي ألتحف تحت ظلالها حجاج بيت الله الحرام وعاشوا فيها بعد أن جمعتهم روحانية المكان وتآلف القلوب،المسلم اخو المسلم من شتى الأطياف في مكان لم يفرق بين أبيض وأسود و لا عربي و لا عجمي ولا غني ولا فقير وطئت أقدامه أرضها،
نتذكر العيون الساهرة من خدام المشاعر والحجيج،وهم ينظمون السير والحركة،والابتسامات تعلو وجوههم،
سنتذكر وقوف المكيين على جنبات الطرق المؤدية إلى مشعر منى المقدس،مرحبين بضيوف الرحمن. واليوم سيقفون على الأطلال متذكرين كيف كانت شوارع مكة المكرمة والمشاعر المقدسة بالأمس مكتظة بالحجاج و المركبات،
فيما هدل حمام الحرم حزناً على فراق ضيوف الرحمن مرفرفاً في ساحات المسجد الحرام ،بل وعند الجمرات،وهو يرى الحصيات وهي تتجه للجمرات ،غير خائف منها،لأنه يعلم انها حصيات عبادة وليست عدوانية. بل تراه ملوحاً بجناحيه كالمودع للحجيج وداعاً حجاج بيت الله الحرام.
لو جلست مع كل حاج لاخبرك -أنه عاش مع الحجيج طيلة الأيام الخمسة لحظات جميلة، بل هي افضل ايام عمره،وكان يؤدي المناسك في سعادة غامرة و انشراح هائل رغم العناء والتعب الذي يصاحب أداء بعض المناسك.
شكرا ياملك الخير والإنسانية. شكرا ياملك العزم والحزم.
شكرا سلمان وولي عهده.
شكرا ﻷمير منطقة مكة على متابعته وتحمله لمسئولية كبيرة تجاه الحجيج..وكان اهل لها...
شكرا للاسرة الحاكمة.. شكرا لرجال المواقف من امراء وضباط ورجال أعمال..
شكرا للعلماء والمرشدين،الذين تدوي اصواتهم في كل ارجاء المناسك معلمين ومرشدين ومفتين..
ذاك واعظا وآخر مفتيا وذاك موجها…
شكرا للجنود البواسل من كل الاطياف الامنية على ماقدموا من خدمات جليلة تفوق الوصف..
شكرا لرجال المرور على تنظيمهم لعشرات الالاف من الحافلات في المشاعر... وتنظيم حركة السير
شكرا للشركات والوكالات..
وشكرا لرجال البذل العطاء والمحسنين على حسن ضيافتهم،وكبير كرمهم،فلا تمشي قليلا الا والخير سبقك من كل المطعومات والمشروبات والفاكهة بأنواعها واشكالها.
شكرا ﻷهل السقاية وخدام الحجاج.على شربات الماء الباردة في اﻷجواء الحارة.
شكرا للحجاج المنتظمين والملتزمين بضوابط الامن والسلامة والسير والتفويج…
شكرا لوزارة الاوقاف اليمنية المتمثلة في الاشراف على الحج على جهودهم وخدمتهم ومتابعتهم الدائمةللحجاج اليمنيين..وماحصل من قصور نرجو تداركه في اﻷعوام المقبلة...
شكرا للجميع..
وماحصل من قصور ونقص غير مقصود مغمور في بحر النجاح ..
..والكمال لله سبحانه الكبير المتعال..
شكر خاص لوكالتنا الموقرة وكالة بامطرف للحج والعمرة.. اليمن م/حضرموت على كل ماقدموه من عناية وخدمات للحجاج..
(والكمال لله سبحانه الكبير المتعال)
يعجز قلمي عن وصف مشاعري.. وهذا غيض من فيض.
اللهم تقبل منا انك انت السميع العليم ،وتب علينا انك انت التواب الرحيم…
كتبه الفقير لرحمةالرحمن الرحيم.
الشيخ/بوسعد عبدالله بن حسين بانجوة.
مرشد وكالة بامطرف
صبيحة يوم الجمعة اخر ايام التشريق 13/12/1439 هجري
من مشعر منى.. مدينة الايام الخمسة.