أخبار محلية

الإثنين - 10 مايو 2021 - الساعة 03:09 ص بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/وكالة عدن الإخبارية


كانت تتوفر فيها الخدمات نسبياً، وكانت تنعم ببعض الاستقرار على المستويين الاجتماعي والاقتصادي، وكان لأهلها مناخ لا بأس به من الأمن والتعايش والتآزر والمحبة.

اليوم، هي أشبه ما تكون بمدينة أشباح على حد توصيف أهلها، الذين نزحوا منها والذين نزحوا إليها وافترشوا أرصفتها.

إنها عدن، دُرَّة المدن وأيقونة الحواضر بعد مرور ستة أعوام على سيطرة قوات التحالف -بقيادة السعودية والإمارات- وحكومة “هادي” عليها.

كانت وسائل إعلام التحالف تصوِّر للجنوبيين أنها دخلت عدن لتحوِّلها إلى جنات عَدْنٍ تجري من تحتها الأنهار، ولكنها حولتها إلى خراب يطفح بمياه المجاري ويغرق في ظلام دامس.

لا خدمات، ولا أمن، ولا استقرار، ولا قيمة للعُملة فيها، كما لا قيمة للإنسان المواطن البسيط فيها.

عدن اليوم، لا تشبه عدن الأمس في شيء، لا زالت تعود بذاكرتها إلى حقب بعيدة حيث كانت مدينة عالمية، وكان لأهلها حظوة ومكانة، فأصبحت وأصبحوا هباء منثوراً، حسب توصيفات مواطنين قالوا إنهم كانوا يسمعون أن التحالف وحكومة “هادي” سيجعلون من عدن جنات وحدائق ويبنون الجسور والمنشآت والمتنزهات ولكنهم فوجئوا بالخراب الحاصل من تلك الجسور والطرقات والمنشآت والمؤسسات بل وغياب الدولة وغياب الأمن وغياب الخدمات.

وعلى الرغم من أن ناشطين جنوبيين -منهم فهد ابن الذيب الخليفي ومحمد النقيب ووضاح بن عطية- حاولوا تصوير الحال في عدن اليوم على أنه يوشك أن يتحول إلى مثال ونموذج يحتذي به العالم، إلا أن ناشطين وكُتَّاباً آخرين ردوا بسخرية على هذه التعبيرات التي عدُّوها ضرباً من الإنشاء الكلامي ولا تخلو من المغالطات، حد قولهم.

ووجَّه ناشطون تساؤلات إلى القيادات الجنوبية مفادها: أين ذهبت باخرة دعم الكهرباء؟ وأين هي المرتبات المتأخرة؟ وأين هم وزراء حكومة “هادي” والمسؤولون المباشرون عن تدهور الخدمات؟

مؤكدين، أن خذلان التحالف لعدن واضح، بحسب الناشطين محمد الحالمي، وعادل الشبحي، اللذين تساءلا عن مصير أبناء الشهداء وأسرهم ولماذا إهمالهم؟

كما استغرب ناشطون من تغريدات للناشط الجنوبي وعضو الجمعية الوطنية الجنوبية وضاح بن عطية شكر فيها الإمارات والسعودية على إرسالهما المغتربين من أبناء الجنوب إلى جبهات القتال في الحد السعودي الجنوبي، إلى جانب ما أسماه الدفاع عن محافظات الجنوب، معتبرين تغريدات كهذه تحمل دلالة على تضحيات قدمها الجنوبيون في معارك خاسرة دفاعاً عن التحالف فقط وبعيداً عن خدمة الجنوب كوطن، إضافة إلى ضياع مصادر أرزاقهم لحساب مصالح التحالف الذي نسي تلك التضحيات.

وقال الكاتب أحمد اليافعي رداً على سلسلة تغريدات بن عطية إن تضحيات الشهداء طارت وتبخرت، وكان الأولى إثبات حُسن النوايا تجاه أسرهم التي هي في وضع صعب وحالة يُرثى لها، حسب وصفه.

كما تساءل عن أسباب عدم تكريمهم ودعم أسرهم، وهي التي قدمت هؤلاء الشهداء قرباناً في المواجهات.

وفي حين وصف المتحدث باسم القوات الجنوبية “محمد النقيب”، ما اسماه “تحرير عدن” بيوم الصمود الأسطوري، ردَّ ناشطون جنوبيون بأن الجنوب اليوم وليس عدن فقط في أسوأ حال، وأن السلطات التابعة للتحالف لا تهتم إلا ببناء أمجادها الشخصية على حساب المواطن العادي، وقال الناشط والكاتب ناصر الثقفي إن الصمود الذي يتحدث عنه البعض لا يمكن أن يُلغي فكرة أن عدن صارت زريبة مواشٍ، حسب توصيفه.

من جهة أخرى دشن بعض الجنوبيين ما أسماها حملات دعم وقوافل إسناد المقاتلين الجنوبيين في الجبهات استكمالاً لمعركة التحرير حسب قولهم، وهو ما أثار سخرية مواطنين جنوبيين، اعتبروا أن هذه الحملات تعكس عدم تحقيق انتصارات حقيقية في السابق، وأنها سبيل لاستغلال المواطن في الجنوب وابتزازه أكثر وأكثر في ظل معاناة يعيشها، فجاءت الحملات لتضيف إلى معاناته معاناة جديدة.

ورد ناشطون على دعوة المحامي يحيى غالب -القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي- إلى إطلاق قوافل من محافظات الجنوب وخاصة حضرموت، لدعم الجبهات القتالية بسخرية لاذعة وعدم تجاوب، معتبرين أن هذه التفافات من قِبل الموالين لسلطات حكومة “هادي” على مطالب الخدمات التي ينادي بها الجنوبيون منذ عودة الحكومة إلى عدن أواخر ديسمبر 2020 وما بعد مغادرتها عدن في 16 مارس من العام الحالي، على خلفية احتجاجات شعبية غاضبة.

ولم يكن كُتَّاب الجنوب من محسوبي المكونات المختلفة متباينين في طرحهم على الرغم من تعدد انتماءاتهم، إزاء الوضع العام في عدن خاصة والجنوب عامة اليوم، وكان للكاتب محسن اليافعي طرح في إطار الموضوع سطره تزامناً مع ذكرى دخول التحالف عدن ومرور ستة أعوام على ذلك قال فيه: تحررت عدن، وانعدم الأمن، وتوقفت الرواتب، وانطفأت الكهرباء، وانقطعت المياه، وطفحت المجاري، وزادت الأسعار، وتدهورت العُملة… وهو ما لقي تجاوباً واسعاً من ناشطي وكُتاب الجنوب الذين دعوا حكومة “هادي” والمكونات الجنوبية جميعها إلى إعادة النظر في التصريحات المطاطية بالذات مع عدم توافر أي مقومات للحياة في عدن والمحافظات الجنوبية.

وعلق الناشط ياسر العولقي على تغريدات وتصريحات مسؤولين في المكونات السياسية الجنوبية حول المناسبة، بالقول ساخراً: إن الصور التي ظهرت مع تلك التغريدات لعدن كلها مظلمة، وهو ما علق عليه آخرون بأنه يتناقض مع حقيقة ما يسوِّقه إعلام التحالف وحكومة “هادي” بأن عدن خرجت بدخول التحالف من الظلمات إلى النور، وأن هذه عدن اليوم بين يدي المتابع وأمام عيني المشاهد، مدينة غارقة في الظلم والظلمات.

مراقبون ومحللون سياسيون اعتبروا أن عدن منذ سيطرة التحالف عليها، صارت محل تجاذبات سياسية بين القوى الإقليمية وأولها السعودية والإمارات، اللتان توقفتا عند مصالحهما منذ دخولهما المدينة، وعلى الجانب الآخر ما تزالان تتنافسان على السيطرة على بقية محافظات الجنوب وأبرزها المهرة وسقطرى وحضرموت، وهو ما يعني عدم إيلائهما أي اهتمام للمطالب الشعبية في الجنوب، واكتفاءهما بتثبيت أقدامهما والتواجد في المحافظات الجنوبية والشرقية لمدى طويل، ونهب ثروات الجنوب وخيراته، التي يقول بعض الجنوبيين إنها انتقلت من أيدي السارقين المحليين إلى أيدي السارقين الخارجيين عبر صفقات بيع تمّت بتنسيق مع قياديين حكوميين ومسؤولين نافذين فاسدين!!