حوارات وتحقيقات

الثلاثاء - 15 أكتوبر 2019 - الساعة 04:19 م بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/كتب_العميد علي ناجي عبيد

بمناسبة الذكرى ال ٥٦ لثورة الرابع عشر من اكتوبر المجيدة.
...3...

مفصرين..
كتبت ٣٧ حلقة تحت عنوان من تجارب الحياة في مواضيع مختلفة..وتحت هذا العنوان ...لماذا ثورة ١٤ أكتوبر بمناسبة ذكراها ال ٥٦ العطرة كتبت حلقتين..فأرجو اعتبارهما ال ٣٨ و٣٩ من حلقات من تجارب الحياة..

وهذه الحلقة ال 3 بهذه المناسبة العظيمة الحلقة ال 40 من تجارب الحياة.
اتفقنا على أن نتعبر كلمة مفصرين مصطلحا بحكم تداوله الكبير في عصور ما قبل الثورة والذي كان أهم ما توارثته الأجيال منذ قرون على اعتباره قدرا لا حول ولا قوة لدى الأجداد لمقاومته والخروج منه ، مع محاولات جادة هنا وهناك لم يصبها النجاح على الأقل كما ينبغي ليستمر ويشكل منطلقا لتقدم الأمة بشكل عام، كما هي حالات الإخفاق التي واجهت ثورة ١٤ من أكتوبر وما سبقها من ثورات عربية تحديدا من صنعاء إلى القاهرة والجزائر والعراق وسوريا إلخ.
إذ الناظر إلى الآمال التي عقدت عليها والحال المعاش سيرتد نظره حاسرا .
هذا ما يتطلب وقفات جادة للتحليل وشد العزائم للنضال من أجل اللحاق بالأمم المتقدمة والعيش الكريم بسلام ووئام وكرامة.
ولتكن البداية من البداية نفسها أي بداية الثورات وكيف كانت حالة الأمة...من الجزء إلى الكل .
ولا أدعي بأن كتابتي العاجلة المناسباتية جزءا من ذلك الجهد المطلوب، بل أعتبرها مسألة إحتفالية تنقل للأجيال الحالية والقادمة شيئا من مآسي عشناها ومحاولات جادة وكبيرة للخروج منها ومن الممكن اعتبارها كذلك إسهاما بسيطا من دعوة للمساهمين والمعاصرين لتلك الأحداث و للباحثين والشباب والجهات المختصة وللقارئ الكريم للتأمل أولا والمقارنة ثانيا بما هو جاري وتصور المستقبل وبالتالي استنباط سبل النضال من أجل حياة كريمة إلخ.
وعودة إلى مصطلح(مفصرين )...

حافظ الإستعمار البريطاني على الحالة التي ورثها قبل مجيئة من جهل وتخلف وبمجر تلك المحافظة زادنا تخلفا كونه جاء في عصر انتقلت فيه الإنسانية إلى حالة تقدم كبيرة لم يعرفها من قبل بدءا من الثورة البورجوازية البريطانية في القرن السادس عشر ،وجاء غزاته راكبون على منجزات العلم الحديث بمستوى ذلك الوقت وبايديهم مخرجاته .
التجهيل :
مفصرين من الطموحات وهذا أس وأساس التخلف.

تطرقت في الحلقة الثانية إلى بعض آمال الآباء وطموحات الشباب..المختصرة بأن يصبح مقاتل وشاقي قوي ليوفر كسرة خبز .أقصى المنى بمقياس ذلك العصر ولم تزل بقاياه قائمة حتى يومنا هذا.
التعليم...
كان في أحسن الأحوال معلامة..كتاب..لا يزيد الإلتحاق به عن سنة مهمته تعليم القرآن الكريم والكتابة، غالبا ما كان على يد معلمين وفقهاء لا يفقهون القراءة السليمة للقرآن الكريم ولا قواعد الكتابة والقراءة ولا تتوفر أدنى الوسائل التعليمية الضرورية .
فما يتوفر حتى ستينيات القرن الماضي من تلك الوسائل هو لوح خشبي يطلى (بالبياض )أحجار تستخرج من مكامن خاصة يصنع منها الطلاء الأبيض من خلال خلطها بالماء تطلى به الألواح وتزين جدران المنازل الداخلية ويصنع منها الجص لطلاء المباني في مناطق مثل حضرموت وغيرها.
كما توجد أقلام تتخذ احسنها من اليراع وتبرأ بالشفرات المصنوعة محليا.
أما الحبر فكان يحضر أحسنه من صمغ شجيرات الصبر بخلطه مع نسب من الماء والسخام وأحيانا يستغنى عن السخام بمسحوق الفحم ولكن على حساب الجودة.
أما المحابر فأولها مما تزرعه الأرض من القرع الذي يجفف بأحجام مختلفة لأغراض الإستخدام المنزلي ، أما أن توجد محبرة معدنية أو زجاجية فهذا غاية ومحط فخر وتكلف صاحبها الكثير من الحرص للحفاظ عليها، فإن كسرت فإنه يعلم مسبقا أن رأسه سيكسر من الفقيه قبل ولي أمره .
والكتابة على اللوح فلا دفاتر ولا....ولا...
فماذا تتصورون من مخرجات مثل هذا التعليم.
قد يختلف الحال قليلا بين منطقة وأخرى وخاصة حواضر حضرموت.

إليكم لمحة سريعة عن ثقافة التعليم أي نظرة المجتمع إلى أهمية العلم والتعليم الحديث:
(المتخلف في الحقيقة )
ذهبنا وإخواني وجماعة آخرين من منطقتنا حالمين إلى قعطبة..حيث بنيت مدرسة بمبادرة شيخ يافع النقيب بالاتفاق مع الإمام لإستقبال الرهائن وتعليمهم وطورت إلى مدرسة للمناطق المجاورة لقعطبة ومن ثم لأبناء يافع والضالع ورباعيات ردفان الحالية بحكم ما كانت تجري من انتفاضات هذه المناطق تؤدي إلى نزوح شبه تام لقرى وقبائل إلى مناطق مجاورة ومنها قعطبة...سميت المدرسة بمدرسة الفتح المتوكلية وفي عصر الجمهورية بمدرسة الفتح الجهورية.
السكن والصفوف مزدحمة بشكل لا يصدق الآن.
سنعود لإستكمال وصف حالة المدرسة في حلقة خاصة إن شاء الله.
عدنا في السنة الأولى كل أهل القرية يسألوننا ختمكم أي أنهيت الدراسة؟ نجيب بعفوية ب لا وأننا بادئين....نواجه بإستغراب بل وباللمز أننا فدمين أي بلداء لا نحفظ القرآن .
طبعا كان الوالد رحمة الله تغشاه يفهم سلم التعليم الحديث بل وأهمية العلم ، إذ كان يقابل التحذيرات من إصابتنا بمكروه نتيجة الفتن والحروب أي الثورة في الشمال والجنوب بقوله إما أن يتعلموا أو يموتوا أحسن من العيش شقاة وابتال .
في السنة الثانية تتكرر نفس الأسئلة والاستغراب حد الحزن والأسى لدى أقاربنا كوننا لم نختم القراءة في الوقت الذي ختموا لداتنا ومن بعدنا ولادة .
في السنة الثالثة فتحنا حلقة في مسجد القرية لتعليم من يريد من طلبة المعلامة الإملاء والحساب .
وكان يوم الحساب. يوم جمعة يدخل إلى المسجد المبكرين من رجال القرية ؟
ماذا تعلمون ؟
نعلم الحساب.
الحساب عند الله!
لا هذا جمع وطرح وقسمة وضرب .
إيش هذه البدع ؟
زايد وناقص .
الزايد والناقص من الله .
والقسمة خلقها الله يقصد الجزء السفلي من العمود الفقري .!!
والضرب قا كل واحد داري كيف يضارب ويضرب والمثل يقول من ضارب ضرب .!!
صحيح بس هذا علم وحاولت أن أشرح مهمة وأهمية ..القسمة...
وهنا كانت ثالثة الأثافي !!!

بشكل حازم يوجه إلي الكلام.....بطل لا تخدع أي لا تعطل عيال خلق الله من المهرة والعمل كل واحد معه شغلة لا أنتم مفاسيح أي عاطلين بإرادتكم خلوا عيال الناس كلا على شغله..
والقسام روحو اشقأوا وهاتوا البيس والقسام علينا.!!
هكذا كانت نظرة المجتمع للتعليم لا يوازيه إلا نظرة الأنظمة العربية بشكل عام وحكومة الشرعية إلى أهمية البحث العلمي والدراسات الإستراتيجية .
صدقوا أو لا تصدقوا شخصيات مسؤولة تقول حرب وتشتون بحث علمي وكمان دراسات إستراتيجية..وتضيف بعد الحرب وتكرر بعد الحرب..
فما الفارق بينها وهي في عصر العلم والمعلوماتية وذلك القبيلي الجاهل الذي كان يرزح تحت جبال الجهل والمنقطع في قريته عن العالم إلا تعمدها بإطالة أمد الحرب لتربح على حساب المجتمع الذي تستغفله.

وإلى حلقة قادمة بإذنه تعالى