حوارات وتحقيقات

الإثنين - 14 أكتوبر 2019 - الساعة 05:24 م بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية /عدن


مرة أخرى أكرر التهاني بهذه المناسبة العظيمة
ومرة أخرى أيضا أعود لمحاولة الإجابة على لماذا هذه الثورة ؟ولماذا هي عظيمة ومجيدة ؟
من الممكن إختصار المسألة بالقول لقد قامت الثورة بسبب الإستعمار البريطاني ؟ وبسبب التخلف والفقر الذي وجد كنتيجة للإستعمار ؟
لكن أعتقد أن الصورة لن تكتمل في ذهن الأجيال إذا لم تصلهم التفاصيل التي قد لا يتصورها البعض بل الكثير منهم .
لذا سأعود إلى نفس الأسلوب الذي بدأته بالكتابة عن نفس الموضوع يوم أمس وبنفس العنوان..بدءا من إعادة بل وتكرار كلمة (مفصرين ) التي كانت سائدة على أرض وسماء كل قرية ومدينة من قرى ومدن الجنوب .

أهل فلان اليوم مفصرين واهل فلان لهم كذا يوم مفصرين..أي لا توجد في بيتهم لقمة عيش وكلما يمت إلى الحياة بصلة عدى الماء إن لم تكن منطقته مصابة بالجفاف وطبعا الهواء وبالحقيقة الهواء كان متوافرا بكثرة وكمان بنقاوة شديدة .
قد تكون هناك كلمة أو مصطلح آخر في هذه المنطقة أو تلك مقابل ال (مفصرين )حقنا التي تعني فاقدين كل شيء يبقي على الحياة لكن السيادة لها هي أيضا المهيمنة في كل مكان من أرض الجنوب.
ولتأكيد سيادتها وهيمنتها فقد كانت تطلق على التفصير الجزئي..مثل إن يكون مفصر يعني فاقد للحب لوحده أو السمن أو البن....ولا أزيد فقد كانت العناصر الثلاثة هي معيار الحياة بل وكل وسائل الرفاهية. أما ما تبقى مما تعرفه الأجيال الحالية فخارج نطاق المعرفة حينها.
هل تعتقدون أن الأسواق (السوبر ماركت إلخ ) كانت تعج بها البلاد وحتى البقالات والدكاكين الصغيرة ؟ !
هل تعتقدون أن التعامل بالعملة الورقية كان لا يعرف حتى يوم الإستقلال في العام ١٩٦٧م بل كانت غير متوافرة حتى قبل ذلك بسنوات قليلة عندما طبعت عملة حكمومة إتحاد الجنوب العربي .
هل تعلمون أن العملة المتداولة هي الدولار الفضي ماريا تريزا الملغي في بلاده منذ القرن الثامن عشر .وكسوره الهندية من العانة والروبية والبيسة ؟

وإن حاجة الناس كانت تلبى عبر أسواق أسبوعية هنا وهناك ترد إليها ذكورا وإناث و وإن السفر إليها وكأنه السفر اليوم إلى بلدان أجنبية .من الإعداد والشنطحة ووسيلة التنقل الأقدام والحمير والجمال .
هل تعلمون إن شحة العملات وإنعدام سبل الحصول عليها أبقى على طرق المقايضة التي اندثرت منذ قرون في كل العالم حتى بعيد الإستقلال بقليل في معظم الأرياف والمقايضة هي (تبادل البضائع أي أن أعطيك حبوبا لتعطيني زيتا على سبيل المثال ).
عودة إلى مصطلح(مفصر ، مفصرين ) دعونا نطلق عليه مصطلح بدلا من كلمة فهو يرقى إلى ذاك المستوى بجدارة .

لقد كانت البلاد بسلطناتها وإماراتها ومشيخاتها مفصرة أي فاقدة للإستقلال أي مفصرة أي فاقدة للكرامة وهم مش دارين. اقول لكم مثال علة ذلك...في معظم مناطق الإمارات والسلطنات لا توجد قواعد عسكرية مباشرة للإستعمار إما لوعورتها أو لعدم حاجة الإستعمار إلى ذلك البتة ، لهذا سكان هذه المناطق يدعون بأنهم أحرارا كما ولدوا من بطون أمهاتهم ، والأنكى من ذلك يعايرون وبتعال واضح سكان المناطق التي تتواجد بها ليس قواعد عسكرية بل شبه معسكرات بائسة أو علامات أكثر بؤسا منها لحياة أفضل.

أيضا الكل مفصر أي فاقد للآمال بحياة أفضل لإنعدام حتى مسامات وليس كوى للآمال وعلى رأس كل ذلك انعدام التعليم وسيطرة الجهل بشكل تام أكرر بشكل تام. لذا كانت الآمال تنحصر في أن يصبح الطفل شابا ورجلا(بندقاني )أي حاملا بندقيته على عاتقيه ويلف جذعه حزاما مليء بالرصاص ويئتزر بمعوز إن وجد مثل فلان الفلاني ويحمل الثقيل من الحجارة وما يحمل على الظهر وحارثا ماهرا للأرض وشاقي ماشي مثله أي لا له مثيل يبكر من صبح الله لما يغلس وهو يحرث ولا يكل ولا يمل والكل يتمنى أن يكون الشاقي حقه. مثل هذه الآمال تصور أيها الجيل الحاضر إنها كانت تجول في أدمغة الآباء والأمهات كأحلام ربما يصبح بعضها ضربا من الخيال .

بإختصار كان شعب مفصر أي فاقد ليس لسبل العيش الكريمة بل وحتى للحلم بها .
والآن وبعد ٥٦ عاما من إنطلاق تلك الثورة المجيدة هناك من يسعى لجعلنا مفصرين أي فاقدين لكل شيء وعلى رأسه الإستقلال أي الحرية والتي بفقدانها تفقد حتى صفتك البشرية عبر سياسة (فرق تسد )أي من شان تتحكم بالقطيع فرقه شذر مذر كي يرتضيك بل يركزك سيدا عليه .فتنبهوا فذلك الزمن زمن الإستعمار الذي جثم بحسب تلك القاعدة قاعدة فرق تسد ولى دون رجعة.
تنبهوا إنتبهوا تنبهوا إنتبهوا .
وكل عام وأنتم بخير وصحة وسلامة وحرية تامة.
👍🏻👍🏻🌹🌴👋💐🌲🌷