حوارات وتحقيقات

الأربعاء - 11 سبتمبر 2019 - الساعة 02:05 م بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/كتب/عمر الرخم

اليوم وانا بالمستشفى منتظر انا ووالدتي دورنا للدخول عند الطبيب رأيت موقفين لامسوا قلبي وأحسست من خلالهم أن الدنيا مازالت بخير برغم أزمة الأخلاق التي أصبحنا نعاني منها وكذا الحروب وويلاتها التي تطحن وطننا الحزين ولم تبقي فيه شيء جميل.

رأيت موقفين في بر الوالدين يجب أن يدرسوا للأجيال فبهذا الزمن الذي أصبحنا نرى فيه الأبناء يرمون بوالديهم في دار العجزة مرضاةً للزوج او الزوجة ومن لم يجروا على إرسالهم لدار العجزة يعاملهم أسوء معاملة من شتم وتجريح وتصل ببعض الأبناء الى مد اليد عليهم إلا من رحم ربي وأصبحت عادات مثل هذه منتشرة في مجتمعنا رغم أنها دخيلة علينا وعلى عاداتنا وتقاليدنا وأخلاقنا وديننا الحنيف الذي أوصانا ببر الوالدين لقوله تعالى : *"۞ وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)"*.

فالموقف الأول الرائع الذي صادفته اليوم في صالة الإنتظار للطبيب رجل شائب كهل يقعد على كرسي متحرك ومن الواضح أنه لايستطيع الحركة وبجانبه ثلاثة شباب واحد يمسك له الكرسي والثاني يعطيه الماء ليشرب والثالث كان يشرب شاهي فأشر له والده لكوب الشاهي بمعنى اعطيني شاهي قال ابنه هذا فيه سكر والسكر ممنوع عليك فقال الابن الثاني بااروح اجيب لك شاهي الان من دون سكر فقال الثالث لا لاتروح ابي وانا اعرفه اعطوه يشرب قليل من هذا بس هو يشتي يبعد الخرمه "يطيب نفسه" فأعطوه الكوب شرب قليل ورد لهم الكوب ونادت الممرضة بأسم والدهم فأسرعوا بإدخال والدهم لغرفة الطبيب بكل حب وعناية.

اما الموقف الثاني فكان لإمرأة كبيرة في السن تقعد على الكرسي في إنتظار دورها للدخول عند الطبيب وبجانبها إبنتها فجاء شاب إلى جانبهم وقال ياأمي بعد قليل ستجهز نتيجة الفحص وسندخل الى عند الطبيب واذا طلب أشعة مقطعية سنعملها هنا سألت إستعلامات المستشفى وقالوا لي أن معهم جهاز الأشعة المقطعية قالت أمه يا ابني مافي داعي للأشعة الله يعلم كم سعرها خلينا نروح قاطعها أبنها ياأمي حتى اذا كان سعرها مليون بانعملها أهم شيء مانخرج من المستشفى الا وانت بخير أهم شيء انت ياامي تقومي لنا بصحة وعافية وتفداك فلوس الدنيا كلها.

رغم الحزن الذي كان يسكن قلبي نتيجة مايحصل في وطني من قتل وتشريد ودمار وأزمات الا أنني وبعد رؤيتي اليوم لهذه المواقف أيقنت أن الدنيا مازالت بخير وأن الخير قادم لامحال وإن بعد العسر يسرا فما زال فينا من يبر بوالديه ويخفض لهما جناح الذل من الرحمة.

أسأل الله أن يصلح الحال ويعود وطننا بخير فوطن مازال فيه أبناء يبرون بوالديهم فكيف له أن يبقى مكسور ومجروح وحزين سيعود قوياً معافى بعزيمة أبنائه البارين فيه كالعنقاء عندما تنهض من تحت الرماد.

*#عمر_الرخم*