اقتصاد

الخميس - 20 يونيو 2019 - الساعة 09:17 ص بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/متابعات


ذكرت مصادر مطلعة الأربعاء، أن شركة "تويوتا" اليابانية أعرضت عن إنشاء مصنع كبير للسيارات في السعودية، رغم مساعي سلطات الرياض منذ عامين لتحقيق ذلك ضمن خطة ولي العهد محمد بن سلمان، لتخليص المملكة من الاعتماد على إيرادات النفط، وخلق فرص عمل للشباب.


وأشارت أربعة مصادر تحدثت معها "رويترز"، إلى أن رفض الشركة اليابانية يعود إلى "ارتفاع كلفة العمالة، وصغر حجم السوق المحلية، وعدم وجود صناعة محلية لمكونات السيارات في السعودية".


ويمثل التوصل لاتفاق مع إحدى شركات صناعة السيارات الكبرى بحلول 2020 لإقامة مصنع للسيارات هدفا رئيسيا في الاستراتيجية الصناعية السعودية، التي تمثل جزءا من برنامج أوسع نطاقا لتنويع موارد الاقتصاد في أكبر دول العالم المصدرة للنفط.


وسيمثل الإخفاق في تحقيق ذلك انتكاسة لابن سلمان، بعد أن ألقى تأجيل طرح أسهم شركة النفط السعودية العملاقة أرامكو ومقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي بظلاله، على صورة المملكة.



وقال مصدر بقطاع الصناعة مطلع على المحادثات مع تويوتا: "لا أحد سيقول لا وحسب (..)، لكنهم عبروا بشكل مهذب عن عدم اهتمامهم بالأمر".


وأوضحت تويوتا أنها "لا تعقب على المباحثات الداخلية الجارية وعلى الاتصالات مع الحكومة السعودية".


ولم تستجب وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودية ومركز التواصل الحكومي، لطلبات للتعليق على الأمر.


وفي إطار الإجراءات الرامية لخلق 1.6 مليون فرصة عمل في قطاعي التصنيع واللوجيستيات بحلول العام 2030، يريد ابن سلمان أن يمثل المحتوى المحلي إنتاج نصف السيارات والأسلحة المستوردة، التي يُتوقع أن تمثل ما يصل إلى مئة مليار دولار من إنفاق الهيئات الحكومية السعودية والمستهلكين في المملكة بحلول 2030.





وبمقتضى اتفاق وقعته تويوتا في آذار/ مارس 2017، وافقت الشركة اليابانية على إجراء دراسة جدوى لمشروع لتصنيع السيارات ومكوناتها في المملكة.


وقال مصدران مطلعان على المسألة إن "تويوتا خلُصت بعد الدراسة والمفاوضات إلى أن السعودية ستحتاج لتقديم دعم هائل للمشروع لكي يحقق النجاح".


وتابع مصدر مطلع على المفاوضات: "وجدوا أن تكاليف الإنتاج لن تكون مماثلة لدول أخرى، إلا إذا كان هناك حافز حكومي بنسبة 50 بالمئة، ولكن حتى في تلك الحالة لم يكونوا واثقين أن المشروع سيدر الربح".


مهمة صعبة


فيما يتعلق بإقامة صناعات تحويلية، فإن الرياض تأمل أن تكرر ما حققته في الثمانينات في قطاع البتروكيماويات الذي يمثل حجر الزاوية في حملة صناعية، حولت الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) إلى رابع أكبر شركة للبتروكيماويات على مستوى العالم.


ويعمل مئات الآلاف من السعوديين في صناعة البتروكيماويات التي تعد ثاني أكبر الروافد للاقتصاد السعودي بعد النفط، لكن قيام هذه الصناعة استغرق عشرات السنين بتمويل ضخم من الحكومة مع توفر المواد الخام الرخيصة.


وتقود الشركة السعودية للصناعات العسكرية المملوكة لصندوق الثروة السيادية في المملكة حملة لتوطين الإنفاق العسكري، وهي تهدف إلى تحقيق إيرادات قدرها عشرة مليارات دولار على مدار السنوات الخمس المقبلة وتأمل تحقيق 30 بالمئة من الإيرادات من التصدير لأسواق في الخارج بحلول 2030.


أما بالنسبة للسيارات، فإن برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، يريد أن يمثل المحتوى المحلي إنتاج نصف السيارات المشتراة في المملكة كل عام والتي يبلغ عددها نحو 400 ألف سيارة.


غير أن مصدر قطاع الصناعة والمصدر المطلع على سير المحادثات قالا إن "تويوتا، التي تبلغ حصتها من السوق المحلية 30 بالمئة، لم تقترح سوى إقامة مصنع صغير لإنتاج عشرة آلاف سيارة باستخدام مكونات مستوردة في حين كان السعوديون يريدون مصنعا أكبر".





وتضمنت وثيقة عن الاستراتيجية منشورة على موقع برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية اعترافا، بأن السعودية لديها عائق رئيسي في القدرة التنافسية، وأنه سيكون من الضروري إيجاد مبررات تجارية كبيرة لجذب شركات صناعة السيارات.


ولم توضح الوثيقة تفاصيل عن هذا العائق أو حجم الحوافز الحكومية المطلوبة ونوعها.


ولدى إطلاق برنامج تطوير الصناعة الوطنية في كانون الثاني/ يناير اعتمدت الدولة حوافز قدرها 45 مليار ريال (12 مليار دولار)، لتطوير قطاع السيارات بما في ذلك تخفيضات في الرسوم ودعم للموارد البشرية وإعفاءات ضريبية لكن مصدر قطاع الصناعة قال إن ذلك لم يكن كافيا.


ولم يستجب البرنامج لطلبات للتعليق على الأمر.


وردا على سؤال عما إذا كانت شركة تويوتا ستنظر في هذا المشروع إذا تغيرت الظروف الاقتصادية، قالت الشركة: "نحن لا نعلق على افتراضات عن الأوضاع الحالية أو المستقبلية".


حملة الوظائف


يهدف برنامج تطوير الصناعة الوطنية لخلق 27 ألف فرصة عمل في قطاع السيارات بحلول عام 2030 وذلك بجذب مصنعي المعدات الأصلية.


غير أن ثلاثة مديرين بصناعة السيارات قالوا إن "أحد العوائق يتمثل في غياب سلسلة إمداد محلية لمكونات السيارات".


وقال مدير كبير بشركة غربية للسيارات إن "الرياض ستحتاج إلى بناء مناطق اقتصادية متكاملة، تنتج مكونات مثل زجاج السيارات والبطاريات والدواليب (العجلات) لخفض التكاليف".


وأضاف: "إذا كان علي أن أبدأ عملية تصنيع في السعودية ثم استورد كل مكون من الخارج، فليس لدي أي ميزة اقتصادية (..)، المشكلة ليست حقا في إقامة المصنع بل في امتلاك سلسلة القيمة بكاملها".


كذلك فإن السوق المحلية صغيرة نسبيا، فقد قال سوباش جوشي المدير بشركة فروست آند سوليفان للأبحاث إن "الطلب على السيارات في السعودية انخفض بنحو 50 بالمئة على مدار ثلاث سنوات، ليصل إلى نحو 450 سيارة في 2018 إذ كان لانخفاض أسعار النفط ورحيل أعداد من الوافدين أثره على الاستهلاك".






وقال جاستن كوكس مدير الإنتاج العالمي بشركة إل.إم.سي أوتوموتيف: "السعودية والدول (الخليجية) كانت مخيبة للآمال على الدوام من حيث المبيعات في السنوات الأخيرة لذا فليس الأمر وكأن مصنعي المعدات الأصلية سيدخلون سوقا مزدهرة".


وقال كوكس إن "دولا مثل مصر وتركيا لديها مزايا أكبر لشركات السيارات".


ولشركة تويوتا مصنع باستثمارات تبلغ 1.2 مليار يورو تبلغ طاقته الإنتاجية السنوية 150 ألف سيارة في تركيا التي يربطها اتحاد جمركي بأوروبا، وسينتج مصنع أقامته نيسان في مصر عام 2005 باستثمارات قدرها 200 مليون دولار 28 ألف سيارة هذا العام.


وتخضع السيارات المستوردة في دول مجلس التعاون الخليجي، التي يربطها اتحاد جمركي، لرسوم نسبتها خمسة في المئة الأمر الذي لا يوفر حماية تُذكر من الواردات الرخيصة من دول تحاول دفع إنتاجها المحلي من السيارات.


تحفظ شركات صناعة السيارات


توفر تركيا ومصر أيضا الأيدي العاملة الرخيصة ذات الخبرة في الوقت الذي عمدت فيه الرياض إلى تقليص عدد العاملين الوافدين، من أجل إتاحة فرص العمل للسعوديين الذين يفضلون الوظائف العامة ذات الرواتب المرتفعة.


ويعمل حوالي عشرة ملايين أجنبي في الوظائف الشاقة ذات الأجور المنخفضة، التي يتجنبها إلى حد كبير المواطنون السعوديون البالغ عددهم 20 مليون نسمة.


وقال خالد السالم الذي يشرف على تطوير المدن الصناعية إن "السلطات تعمل على منح حوافز لجذب السعوديين للوظائف بقطاع الصناعة، بدلا من قطاع تجارة التجزئة حيث المؤهلات المطلوبة أيسر والأجور أعلى"، ولم يخض في التفاصيل.


وليست هذه هي المرة الأولى التي تحاول فيها السعودية استمالة شركات صناعة السيارات.


ففي 2012، وقعت شركة جاجوار لاند روفر اتفاقا لاستكشاف إمكانية إنتاج 50 ألف سيارة لاند روفر كل عام في المملكة بكلفة تبلغ 4.5 مليار ريال (1.2 مليار دولار) لكن هذا المشروع لم يحرز أي تقدم.





وقال المصدر بقطاع الصناعة إن جاجوار لاند روفر، الاسم التجاري البريطاني في عالم السيارات الفارهة والمملوكة لشركة تاتا موتورز الهندية، تلقت عرضا أفضل من دولة أوروبية.


وقالت جاجوار لاند روفر في رد عبر البريد الإلكتروني على سؤال عن المشروع السعودي: "نحن نراجع باستمرار حضورنا التصنيعي العالمي. وفي الوقت الحالي لا يزال تركيزنا على وجودنا التصنيعي في بريطانيا والصين والبرازيل والبر الأوروبي".


وقال مصدران إن الرياض أجرت اتصالات مع شركة نيسان موتور في السنوات الأخيرة.


وأضافا أن الشركة اليابانية بحثت إمكانية التصنيع بالتعاقد من خلال مشروع مشترك تمثل الملكية السعودية فيه نسبة 75 في المئة دون أن يحمل اسم نيسان غير أن القبض على رئيس نيسان السابق كارلوس غصن في العام الماضي أدى إلى استبعاد المشروع في الوقت الراهن.


وامتنعت نيسان عن التعليق.


التعدين والأدوية


في حين، تواجه المملكة صعوبات في جذب شركات السيارات فإن لديها صناعة لتجميع الشاحنات. لكن محللين يقولون إن تجميع السيارات التي تُستورد أجزاؤها من الخارج يتطلب استثمارات أقل ولا يؤدي إلى إتاحة فرص عمل كثيرة مثل تصنيع السيارات بالكامل.


غير أن اقتصاديين يقولون إن السعودية تملك إمكانيات لإقامة صناعات تتمتع بالقدرة على المنافسة وخلق فرص العمل في قطاعي التعدين والأدوية.


وتتطلع الدولة لزيادة مساهمة قطاع التعدين في الناتج المحلي الإجمالي لثلاثة أمثاله بحلول عام 2030 بالتركيز على الاحتياطيات غير المستغلة من البوكسيت والفوسفات والذهب والنحاس واليورانيوم.


وتقدر السلطات السعودية أن البلاد يوجد بها 500 مليون طن من خام الفوسفات أي حوالي سبعة في المئة من الاحتياطيات العالمية المؤكدة ويجري صياغة قانون جديد للتعدين لزيادة الاستثمارات الأجنبية.
وقالت مونيكا مالك كبيرة الاقتصاديين ببنك أبو ظبي التجاري إن من المرجح أن يكون للاستثمار في البنية التحتية التعدينية أكبر أثر مباشر في تطوير الصناعات التحويلية الجديدة.


وصناعة الأدوية هي قطاع استراتيجي آخر لبرنامج تطوير الصناعة الوطنية. وينتج نحو 25 مصنعا محليا 30 بالمئة من الأدوية التي تُباع بوصفة طبية والتي تُستهلك حاليا، وترغب الحكومة في زيادة مساهمة القطاع إلى مثليها في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي إلى 1.97 بالمئة بحلول 2020.


وقالت سهاسيني مولكوفان مديرة البرامج بشركة فروست آند سوليفان إن الهدف قريب من الوضع الحالي وذلك رغم أن نقص الاستثمارات في الأبحاث والتطوير والملكية الفكرية جعل الشركات المحلية معتمدة على الشركات متعددة الجنسيات.


وقال مصرفي كبير في الرياض: "تنويع (الاقتصاد) أسهل قولا من الفعل (..)، ربما يكون من الممكن تحقيقه خلال فترة من 15 إلى 20 عاما إذا واصلوا الحملة".