أخبار محلية

السبت - 27 أكتوبر 2018 - الساعة 06:50 م بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية / احمد باعباد / العربي

شعار وحيد رفعته قيادات «المجلس الانتقالي الجنوبي» وأنصاره بعد تأسيسه، على منابر الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، وهو: «نحن الممثل الوحيد للقضية الجنوبية والمفوض من قبل الشعب في الجنوب»، متجاهلين كل الأصوات التي أطلقتها مكونات جنوبية مختلفة، هي الأخرى ترى أن لها الحق في تمثيل الجنوب في أي تسويات سياسية مقبلة.
اليوم يبدو أن «الانتقالي» قد رضح لتلك الأصوات، مغادراً «برجه العاجي» من خلال دعوته التي أطلقها مؤخراً إلى عقد «حوار جنوبي - جنوبي».
المجلس أعلن عن تشكيل ثلاث لجان تناط بها مهمة مراجعة وتقييم إجراءاته وفقاً والدعوة التي أطلقها، بغية استكمال عملية التواصل والحوار مع مختلف القوى الوطنية على الساحة الجنوبية.
ورغم أن «الانتقالي» يمر بظروف معقدة في الداخل ويتعرض للضغط من قبل أنصاره، خصوصاً بعد تراجعه عن بيان 3 أكتوبر، الذي دعا فيه للسيطرة على الإيرادات، مفضلاً بذل مساعي في الخارج لانتزاع اعتراف إقليمي به بدل التهور في مغامرة غير محسوبة العواقب داخلياً.
لكن مراقبين يرون أن تلك المساعي تُعدّ محاولة من المجلس لـ«الهروب» من انتقادات مكونات وقيادات في «الحراك الجنوبي»، التي توالت مواقفها الرافضة للمجلس، وما كان منه إلا أن يدعو لـ«حوار جنوبي جنوبي» يكون تحت إشرافه، وهو ما قد ترفضه مكونات عدة في الجنوب.
لجان حوارية
وبشأن الدعوة لـ«حوار جنوبي جنوبي» قال الأمين العام لـ«المجلس الانتقالي»، أحمد حامد لملس، إن الهيئة الرئاسية اتخذت قراراً بتشكيل لجان حوارية، لرص صفوف الجنوبيين، مشيراً إلى أنه «ليس بالضرورة أن يكون كل الجنوبيين بمختلف أطيافهم وألوانهم السياسية، في إطار المجلس الانتقالي، لكن المهم أن تتحد رؤاهم وأهدافهم».
وأوضح خلال تصريحات صحافية، أنه تم تشكيل لجنة على مستوى الأحزاب والتنظيمات والمكونات السياسية في إطار الجنوب، وتشكيل لجنة أخرى للمحافظات والنقابات ومنظمات المجتمع المدني، وثالثة تستهدف الحوار مع كل الجنوبيين الذين ما زالوا بالسلطة، فضلًا عن اللجنة الرابعة التي تختص بالوجاهات والسلاطين والشخصيات الاعتبارية الجنوبية.
وبيّن لملس، أن اللجان المشكلة للحوار بدأت مهامها، في حين بدأت اللجان باكورة اجتماعاتها في الجمعية الوطنية من خلال اللقاء مع الحزب الاشتراكي اليمني، وهو أول لقاء حزبي لوضع الخطوط العريضة للحزب.
لا مصداقية للدعوات
من جهته، أعتبر القيادي في «الحراك» عبدالكريم السعدي، أن «دعوات الحوار التي تطلقها بعض المكونات الجنوبية كل ماشعرت بالغربة، لا مصداقية لها لأنها دعواتها ليست بعيدة في مصداقياتها عن الدعوة لتحرير الجنوب وإسقاط الحكومة والدعوة للسيطرة على المؤسسات».
وأشار إلى أن «من يشترط أن يكون الحوار تحت رعايته وهو لا يمتلك مقومات الراعي فهو لا يريد حوار، ومن يشترط أن يكون هدف الحوار تصحيح أوضاع مكونه فهو لا يريد الحوار، ومن يشترط أن يكون الحوار على طاولة مستطيلة ويقبع هو على رأسها وليست طاولة مستديرة يكون هو جزء منها فهو لا يريد الحوار، ومن يشترط أن يكون الحضور للحوار وفقا للقياسات الخاصة له فهو لا يريد الحوار».
وقال السعدي إن «أهم شروط نجاح أي حوار، تكمن في التخلي عن البابوية التي يدعيها البعض والقبول بحقيقة أن الجنوب لكل أبنائه باختلاف أهدافهم ومشاربهم».
طرف ثالث
من جهته، رحّب القيادي في «حركة 16 فبراير» عبدالرحيم العولقي، بدعوة« المجلس الانتقالي» إلى إقامة حوار جنوبي جنوبي، بين مختلف الفصائل الجنوبية، لكن بشرط أن «يرعى الحوار طرف ثالث على أسس واضحة وليس صاحب الدعوة للحوار».
وأرجح العولقي خلال حديثه لـ«العربي» سبب تراجع «المجلس الانتقالي» عن دعواته السابقة في احتكار تمثيل الجنوب، إلى «تماسك قيادات الحراك الجنوبي، التي أعادت نشاطها على الأرض»، مؤكداً على أن «الدعوة للحوار التي أطلقها الانتقالي، اعتراف رسمي بأنه مكون مثله مثل أي مكون جنوبي آخر».
حوار شكلي
بدوره، إعتبر الصحافي نبيل عبدالله، الذي قدم استقالته مؤخراً من الجمعية العمومية، أن «الانتقالي لم يتراجع حتى اللحظة عن إدعاء التمثيل الشرعي للجنوب، في تناقض صريح مع الدعوة التي أطلقها لعقد حوار جنوبي جنوبي».
ولفت، في حديثه لـ«العربي» إلى أن «المجلس الانتقالي» أصبح «بين خيارين لا ثالث لهما، إما أن يفرض سلطته في الجنوب، أو يتحول لكيان كبقية مكونات الجنوب ثم يكون جزء من الحوار»، معتبراً أنه «يبحث عن مخرج من هذه الخيارات الصعبة من خلال الدعوة لحوار شكلي، لن يكون إلا مادة اخبارية مؤقتة وباعتقادي انه لن يقدم للانتقالي شيء يذكر».
أسس وأهداف
وقال الصحافي سامي الكاف، أن «السير في حوار واضح ينبغي أن يكون مرتكزاً على أسس وأهداف واضحة من البداية، فضلاً عن ذلك كان وما زال المجلس يتصرف على الأرض بقوة السلاح، وكأنه بديل عن الشرعية، وهذا أمر يضعه ويضع من يموّله في خانة مليشيا مسلحة يدينها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216».
ولفت الكاف في حديثه لـ«العربي»، إلى أنه «ليس هناك سبب جوهري يدعو إليه الانتقالي لتبني حوار جنوبي جنوبي، عدا أن من عمل على تأسيسه وهي دولة الإمارات ما زال موقفها في إطار القنوات الدبلوماسية وعلى مستوى الأمم المتحدة ومجلس الأمن، مع وحدة اليمن وسلامة أراضيه»، معتبراً أن «هذا الأمر هو الذي هو سيتم السير فيه لاحقاً بضغط من دول أكبر وأقوى حتى من الإمارات نفسها؟»
صدام محتمل
وأشار الكاف إلى أن «الانتقالي لا يعترف أنه يمني، وهذا الأمر واضح بما يكفي ليكون نقطة صدام محتملة في المستقبل المنظور بين هذين الموقفين المتناقضين، وليس كل الأطراف الجنوبية تدعي انها غير يمنية».
وبيّن أن «أي حوار جنوبي جنوبي، يتعين أن يحدث نداً لند بين كافة المكونات، وهذا لا يسعى إليه المجلس، بدليل أنه روّج على أن ما تسمى جمعيته الوطنية هي برلمان جنوبي لدولته التي أعلن عن اسمها: جمهورية الجنوب العربي الفيدرالية، ويدعون رئيس مجلسهم بسيادة الرئيس، وهذا عمل أقل ما يمكن وصفه بالطائش الذي لا يصدر إلا من مجموعة سياسيين مراهقين».
وخلص الكاف في حديثه لـ«العربي»، إلى أن «أي دولة لها رئيس واحد فقط، وفي اليمن ليس هناك رئيس شرعي غير الرئيس عبدربه منصور هادي، وتأسيس أي برلمان في أي بلد في العالم يستند إلى طرق وأسس قانونية ودستورية وتشريعية معروفة، وبالتالي فإن السير في هكذا حوار جنوبي جنوبي، وفق ما يحدث الآن سوف يفضي إلى طريق مسدود».