حوارات وتحقيقات

الثلاثاء - 18 سبتمبر 2018 - الساعة 10:56 م بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/كتب_هند العزاني


إن الحديث عن وضع المعلم في محافظة البيضاء وغيرها من المحافظات الواقعة تحت سلطة الحوثي حديث يُدمي القلب ،قصة تحكي ثلاث سنوات من المعاناة ، والفقر ، والحاجة ، والمرض ،والتشتت ، لهذا المعلم الذي لطالما اعطى ، ولطالما تخرجت من تحت يديه أجيال وأجيال ، منها من أصبح ذو سلطة فحرم معلمه من راتبه ، هكذا يكون رد الجميل لدى البعض .
معلمٌ بلا راتب ، قصة حزينة تحتها ألاف القصص التي تحكي كيف أصبح واقع هذا المعلم الذي كان يعاني الأمرين وهو يستلم تلك الريالات التي لم تكن تفي باحتياجاته الأساسية ، فكيف وقد قُطعت عنه أيضاً ؟!
ربما تختلط هنا الأوراق ، فلا يعد بالإمكان معرفة من هو الضحية الحق ، هل هو ذلك المعلم الواقع بين سندان الفقر والحاجة والعوز ، ومطرقة إتهامه بالتقصير في عمله إن هو طالب براتبه ورفض العمل دون راتب .
أو هو ذلك الطالب الذي هو بين أمرين ، إما التعليم الخاص الذي يُكبد ولي أمره مبالغ طائلة ربما تكون على حساب قوت يومه . وإما الشارع ، فتجهيله ، ثم تجهيله ، ثم تجهيله حتى القضاء التام على أي تعليم تلقاه مسبقا بغرض تلقينه تعليم خاص ينتهي به إلى الجبهات مع أحد طرفي النزاع ، وهذا هو الغرض الذي تسعى إليه الأطراف المتنازعة في ظل صمتها أمام ما يعاني منه المعلم والطالب .
إذن ، هما طرفا العملية التعليمية ، المعلم ، والمتعلم . كلاهما متضرر ، كلاهما ضحية ، كلاهما خاسر .
وبالمقابل هناك كفتان رابحتان في هذه القضية وهما : -
أرباب التعليم الخاص الذين أصيبوا بالهوس الربحي وتاجروا بالعلم دون رقابة ولا قيد من أي سلطة للحد من الأرتفاع الجنوني لرسوم هذه المدارس واستغلال الوضع المأساوي وزيادة معاناة المواطن .
والطرف الآخر الرابح هو الحرب ، نعم الحرب الرابح الكبير في مسألة توقف العملية التعليمية ، فقد أصبح الطالب رافدا لميادينها ووقودا لها .
وقد يكون الطالب متضرر مرتين ؛ مرة كونه بلا تعليم ، ومرة أخرى قد يكون فيها هذا الطالب ابن لأحد هؤلاء المعلمين الذين أصبحوا بلا راتب فيتضاعف عليه الضرر .
والجميع يتفرج ، والجميع يشاهد. الأحداث من خارج الدائرة وكأن الأمر لا يعنيه ؛ والجميع معنٍ بالأمر ، الجميع ، من السلطة الحاكمة لهذه المحافظات إلى حكومة بن دغر إلى تجار المحافظات المعنية إلى المنظمات والمؤسسات والجمعيات التي تنادي بأهمية العلم وتدعو إليه ، لكن أيا منهم لم يقم بواجبه ، وكلٌ يرمي الأمر على غيره .
والنتيجة ... ثلاث سنوات بلا تعليم لأطفال البيضاء ..ثلاث سنوات والمعلم يعاني ، ذلك الذي لطالما احرق أيامه وسنينه ليستنير العالم أصبح اليوم ورقة تحرق بأيدي من أحرق نفسه لينير دروبهم ، ذلك العطاء الذي لا يدانيه عطاء أصبح اليوم غير قادر على العطاء فقد جفت روافده.

*بقلم /الاستاذه هند العزاني
رئيس دائرة المرآه
بالحراك البيضاني