حوارات وتحقيقات

الجمعة - 17 أغسطس 2018 - الساعة 01:27 م بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية - كتب/الشيخ احمد المريسي

آآه يا صديقي،كم أنا غريب!!! ليس لأنني بعيد عن بلدي الحبيب،بل أنا أنافيها و منه قريب،لكنني محروما من حضنه الدافئ،محروما من حنان الأوطان...
أتعرف يا صديقي معنى الغربة؟؟؟ ليست الغربة غربة الجسد،ليست الغربة تلك الهجرة التي نهاجر عن أوطاننا لنبحث عن مصدر رزقنا،أو ما يسد جوعنا،الغربة هي غربة الروح،غربة الحب والسلام...
آآه لو تعرف كم مقدار ألمي،أو تلك النار التي تصطلي في أحشائي،أو ذلك الأسى الذي أوهن عظمي،أتعرف يا حبيبي عذاب ومعاناة طفلا رضيع فطم من حليبه قبل فطامه؟؟؟ ذاك هو ألمي،وتلك هي معاناتي، تحطمت أحلامي،وعلى أول منعطف هوت أمالي...
عندما أحسست بأننا نتزق نتقسم ونتفرق،صرت كنار تضطرم وتحترق،عندما أبتسم فخلف أبتسامتي أنهار من الدموع،جنوبي يموت كل ساعة من الفقر والجوع،وشعبي أما أن يموت،أو يعيش في ذل وخنوع...
الموت يطاردنا،يمزق أجسادنا،فتتطاير أشلاؤنا،فترتوي الأرض بدمائنا،الوقت لا يمضي إلا حبوا،تشرق شمسنا وهي تتثائب،فيأتي النهار حاملا للبارود،فمضي يومنا كألف عام،وبعد صبرا طويل،يأتي الليل وهي يتكأ على عصا اليأس...
آآه يا صديقي،ما أتعس أحلامنا،فلا تظن بأن تلك الأوطان التي نحلم بها ستجدها على الواقع،أنها ليست إلا أوهام،أو أنها أضغاث أحلام،فقط ستجدها في الخيال،أما الوطنية،فشيئ آخر،ليست إلا حروف نكتبها،وكلمات ننطقها،لم تكن الوطنية فينا كغريزة ربانية،كل شيء موجود في العالم المثالي،أما الواقع فلا يحمل إلا الخراب،ولا يوجد فيه إلا الدمار،والقتل هو البطل،نعم... أنه المسيطر،تجده يعانقك وأنت في المسجد،يحتضنك في الجامعة،يزورك إلى بيتك،ما أكرمه!!! لقد صار متيما بنا،ومغرما لأجسادنا...
إياك يا صديقي أن تظن بأنني للقلم عاشقا،أو بالحرف متيما،أو بزخرفة اللفظ مغرما،أو أنني بالشخبطة مولعا،لست كذلك،بل أن حرفي خلفه رغيف الجائعين،خلفه أنات المظلومين،خلفه جرح ياعدن...
يا صديقي لا يغرك حرفي بمظهره،ولا تتعجب من نعومه ملمسه،فأن الألم يفتت جوهره،ولا تستأنس لرقصته،فالطير يرقص من الألم...
لا أكتب كي أسعد الآخرين،ولا أكتب كي أبهر القراء،ولا أكتب كي أمتع عشاق الحروف،لست شاذا مع الحرف،لا أكتب كي أتلذذ بالكلمات،لا أغتصب الجمل والعبارات،لست منحرفا مع اللفظ،أكتب ألم وجراح،أكتب حزن وأسى،فليقولوا مشعوذ أومجنون،أو زنديق أو ملعون،ما يهمني هو أن أكون لعدن وجنوبي حنون.