حوارات وتحقيقات

الإثنين - 23 يوليه 2018 - الساعة 11:06 ص بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/كتب_سالم عوتق

ودعتُ أستاذي الغالي د. يحيى الريوي أستاذ المعلوماتية ورئيس المركز الوطني للمعلومات السابق والمقال حديثاً بحجة إستياء فخامة رئيس الجمهورية منه، لكن على ما الإستياء وهو الذي لم يحظى بشرف مقابلته ولو لمرة واحده في حياته خلال فترة تربعه لخمس سنوات على رأس المركز الوطني للمعلومات بدرجة وزير - والذي من المفترض أن يكون قريبا على الدوام من رئيس الجمهورية- حيث ان لم تكن هذه الدرجة والمسؤولية المعلوماتية والتكنولوجية الرفيعة شفيعا لهذه الهامة العلمية في علوم تكنولوجيا المعلومات ليحضى بشرف مقابلة فخامته، فهذا يعني أن التقارير التي ترفع لفخامته عن استاذنا والتعبئة ضده كانت مسيئة لدرجة الخوف من إنكشافها حين تتم المقابلة.
غادرنا د. الريوي بعد زيارة قصيرة لدولة تونس التي زهت به كما زهى بها، شارك خلالها في فعاليتين هامتين أحدهما المؤتمر الخامس لشبكة الحاضنات العربية والأخرى القمة العربية الإفريقية للتكنلوجيا وريادة الأعمال كخبير دولي معتمد من قبل لجنة الأمم المتحدة للتنمية الإقتصادية والإجتماعية لدول غرب آسيا والمعروفة ب(الاسكوا)...
حاولت أن أصوغ كلمات وداع مقتضبة، لكن مثله لا تواتيه الاختصارات، لأن مسيرته العلمية والمعرفية ومنعطفاته النضالية طويلة وكثيرة.. كان أستاذا محاضرا في قسم الإحصاء والمعلوماتية- كلية العلوم الإدارية، وقد تشرفت بالتتلمذ على يديه في مرحلة البكالوريوس، ثم عين نائبا للعميد للدراسات العليا والبحث العلمي، لديه العديد من الأبحاث والمشاركات العلمية. يكفي أن نعلم أن د. الريوي هو مؤسس ومدير أول حاضنة تكنولوجية في اليمن وهي حاضنة عدن التكنولوجية التي فازت بالمرتبة الأولى من حيث حصدها لجوائز مسابقة تطوير المحتوى الرقمي العربي التي نظمتها إدارة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بلجنة الأمم المتحدة للتنمية الإقتصادية والإجتماعية لدول غرب آسيا (الأسكوا) من بين خمس حاضنات تكنولوجية عربية.. ليتم حينها مكافأته بقرار تعسفي تمثل في إقالته وفصله كليا من عمله لأسباب سياسية، في عملية هدر ممنهجة لكوادر الجامعة وخسارة إحدى الهامات العلمية الهامة في مجال تكنولوجيا المعلومات، لكن مثل هذا الإناء الناضح بالمعرفة كالمطر حيث ما وقع نفع، إذ استقطبته إحدى الدول الخليجية وساهم في تطوير العديد من مشاريعها البحثية في إطار تخصصه.. تدرج الدكتور الريوي في المناصب العلمية في منظمة (الأسكوا) ليصبح أحد الخبراء الدوليين الذين يشار إليهم بالبنان، ولبى نداء الواجب ليكون رئيسا للمركز الوطني اليمني للمعلومات بدرجة وزير بعد قرار تعيينه عام2013.وهو قرار لم يكن يستهويه أو يرغب به، وعاد خصيصا إلى العاصمة صنعاء للإعتذار عن ذلك التكليف ولشكر فخامة الرئيس على منحة تلك الثقة، لكن الأبواب الموصدة حالت بينه وبين رؤية ومقابلة الرئيس فعاد من حيث أتى بعد تفويضه لنائبه بكل صلاحياته حتى لاتتعطل الحياة في المركز ولا الأمور المالية والإدارية ل 180 موظفا هم طاقم المركز ،وعاد أدراجه ليستمر على رأس عمله في الدولة الخليجية وتم الضغط عليه ليقبل شغل المنصب ولو بصورة مؤقتة؛ فقبل بذلك ليداوم بعد مرور عدة أشهر على إعتذاره وأستمر في إدارة المركز بإقتدار إلى أن اندلعت أحداث 2014،و 2015م وسيطر الحوثيون على صنعاء.
د. يحيى الريوي تلك الهامة الجنوبية الشامخة، صاحب الرأس المثقل بالمعرفة التخصصية والذي لا تراه يرفع رأسه أبدا متفاخرا فهو مثالاً للتواضع الجم مع الروح المرحة والبسمة الصافية، تواضع مع اتزان وثقة بالنفس فلا تتطاول رقابها الإ السنابل الفارغة، رجل الصفح في زمن القبح.. أُقيل د. الريوي برسالة عبر الواتس أب ، ولعلها ذات الأسباب التي أطاحت برأس الرجل بعدما أيقن أعدائه أنه من الصعب ترويضه، أقيل لأنه قال لا لهدر المال العام وتمرير صفقات مشبوهه. أُقيل د. الريوي ومنتسبو الصحافة غاضي الطرف وآخرون ممن دخلوا لعبة السياسة من الجنوبيين عاضين على ألسنتهم إما جبناً أو لإعتبارات ومصالح فئوية وحزبية، أين الصحافة الاستقصائية التي تعد صلب العمل المهني الصحفي ؟؟؟، أين هم مدعي النزاهة من الساسة؟!. أُقيل وهو يشارك في القمة الدولية للمعلوماتية المقامة في جنيف والتي دعي إليها بصفته الشخصية فأبى إلا أن تكون راية وطنه الذي يحب حاضرة، حضر وحيدا ليمثل بلده خير تمثيل وليلقي محاضرته أمام ممثلي وسفراء 149 دولة المشاركة، بينما ظلت مقاعد الوفد اليمني خالية من تمثيلاً ولو رمزياً من سفارتنا في جنيف. هكذا تكرم دولتنا الشرفاء والمتميزين. ألم يقدم الدكتور الريوي نموذجا إنسانيا ووطنيا مشرفا للأكاديمي وللمسؤول ؟؟ ألسنا بحاجة ماسة لمثل هذه النماذج النادرة في حياتنا ووطننا ؟؟ وأين تطبيق مبدأ الثواب والعقاب؟؟
أُقيل الدكتور والخبير والغير متحزب ليحل محله مهندس كهرباء كل مؤهلاته أنه مقرب منمدير مكتب الرئيس،أو لأنه ينتمي إلى نفس المربع المقدس او التيار الحزبي، لطالما قالوا أن فخامة الرئيس وقراراته مختطفة ولعله كذلك فعلاً، ولا داعي أن نُعرِّف بمن يختطف قراراته أو يبقيه خلف الأبواب الموصدة، لقد أقيل الريوي ولم يستلم أيا من مستحقاته المالية لخمس سنوات ، لم تصرف له سيارة أو إيجار منزل ولم تغمره الهبات والعطايا التي يتمتع بها ممن هم دونه، بل ما كان ليقبلها، كان يصرف من حر ماله متنقلا بين أصقاع الأرض لتمثيل اليمن خير تمثيل في المحافل الدولية.. لقد أقيل الريوي وفي جوفه غصة لن تسمعها منه لكنك ستقرأها في عينيه- ليست على منصب فمثله لا تستهويهم المناصب- بل غصة وحسرة نتشاركها معه يرافقها تساؤل للمولى: ياالله تُرى ما الذي إقترفته أيدينا ليوكل أمرنا إلى سلطة تنفر عنها الرجال الحقيقيين؟؟. تُرك الريوي وحيدا حتى ممن ظنهم زملاء وأصدقاء، لكن مثله لا يمكن أن يكون وحيدا وهو الزاخر بهذا الكم الهائل من الإنجازات وتتعالى هامة الريوي عالياً وتخطو بثقة في جسر النجاح بينما يتساقط الأقزام من على جنباته.
#دمت_بخير_أيها_العالم_ الريوي
-نسخة دون تحية لمن كنا نظن فيهم الخير...