أخبار محلية

الأحد - 27 مايو 2018 - الساعة 11:54 م بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/كتب_وليد الماس

المتأمل لطبيعة الصراع الجاري في اليمن، يلاحظ إن هناك صراعا سياسيا بامتياز، ولا يوجد هناك أي مؤشر لصراع مذهبي أو ديني سوى من خلال الآلة الإعلامية السعودية والأدوات الأخرى التابعة لها.

حيث ساد في الشمال الأعلى المذهب الزيدي منذ أكثر من عشرة قرون، فكان الهم الأول والأكبر للحوثيين بعد سيطرتهم على العاصمة صنعاء، العمل بقوة على إحياء السلطة الدينية للمذهب الزيدي والتي سقطت بعد قيام ثورة 26سبتمبر 1962م، الأمر الذي جعل شريحة واسعة من أتباع هذا المذهب، تدين لهم بالولاء، وتلتف حول سلطتهم.

وفيما يتعلق ببعض المناسبات الدينية التي عمل الحوثيون على إحيائها والاحتفال بها في الفترة الأخيرة، فهي ليست وليدة اللحظة الحالية، بل قد كان يجري الاحتفال بها وتعظيمها وذلك إبان حكم الأئمة الزيديين.
كما إن انتفاضة الرئيس الراحل صالح على الحوثيين، لم تحمل في طياتها أي مضامين دينية مناهضة للحوثيين، فلم يتهم الحوثيين حينها بمحاولة تغيير المذهب الزيدي، أو فرض توجهات دينية جديدة، بل أخذت طابعا ثوريا تحرريا رافضا لهيمنة الأخير على السلطة، الأمر الذي يعزز من صحة ماذهبنا إليه.

كما توجد في نفس الوقت ضمن التحالف العسكري الذي تقوده السعودية على الحوثيين، أنظمة علمانية راديكالية كالنظام المصري والنظام الإماراتي، وتعادي في الوقت ذاته جماعة الإخوان المسلمين السنية الخصم اللدود للحوثيين، وهو ما يفسر عدم رغبة تلك الأطراف في التوظيف الديني لهذا الصراع، لعدم توفر مؤهلات كافية لحرب من هذا النوع، وفي هذا دليل آخر على عدم وجود صراع مذهبي في البلد على أي مستوى كان.

إلا إنه يمكن القول إن هناك نزاعا إقليميا على مختلف الأصعدة، بين كلا من الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة السعودية، وقد تم توظيف الورقة الطائفية فيه، لحشد المزيد من الانصار والأعوان لكل منهما في مواجهة الخصم الآخر.

وقد انعكس هذا الصدام المحتدم على صعيد القضايا الداخلية في البلد، كالقضية الجنوبية مثلا، والتي نرى يقينا بعدم جواز إن يكون هناك أي تحالف بين الحراك الجنوبي وبين انصار الله الحوثيين، كما يرغب البعض إن يحدث، وذلك لعدم وجود أرضية مشتركة بين الطرفين.
فلو تتبعنا خريطة الصراع الجاري منذ انطلاقته الأولى، فسنرى كيف انخرط الجنوبيون في هذا التحالف منذ أيامه الأولى، وسخروا كافة مقدراتهم وإمكاناتهم المختلفة في مواجهة النفوذ الحوثي في الجنوب خدمة للمشروع السعودي في اليمن دون أي شروط مسبقة، ولم يكتف الجنوبيون بهذا الفعل، بل ذهبوا إلى الشمال حيث يوجد الحوثيون لقتالهم.

وخلاصة القول فالمرحلة الراهنة اليوم وفقا لطبيعة تلك التحالفات والتكتلات هي مرحلة إعادة الشرعية وإسقاط سلطة الانقلاب، لذلك تتطلب المزيد من التلاحم والتآلف والتعاون، ولا مجال فيها لأي مشاريع أخرى بديلة عن المشروع الرئيسي المتمثل بالقضاء على التمرد.

ووفقا للمعطيات سالفة الذكر، يتعين على الجنوبيين في هذه اللحظة، الوقوف صفا واحدا في مواجهة المشروع الحوثي، ونسج التحالفات في الوقت نفسه مع كل القوى والتيارات المناهضة له، سواء في الداخل الجنوبي أو حتى تلك القوى الموجودة في الشمال، گالتجمع اليمني للإصلاح والتيار السلفي والجهاديين ومؤتمر الرئيس الراحل، وبقايا الحرس الجمهوري، كما ينبغي فتح المناطق المحررة للنازحين خوفا من بطش المليشيات الحوثية، واستقبال العسكريين المنشقين منهم عن جماعة الحوثي أو الرافضين لأوامرها، وتوفير كل أشكال الدعم والتدريب اللازم لهم، وتجهيزهم ضمن الجيش الوطني المناوى بما يسهم في إجهاض المشروع الحوثي والقضاء عليه تماما، وقطع الذراع الايرانية.

وعليه فإن أي تشظي داخل التكتل المناوى للمشروع الانقلابي في هذه المرحلة الحساسة، سيصب بالضرورة في خدمة بقاء هذا المشروع الآثم، ويساعد على تباطى جهود الحسم، ويفاقم من الأوضاع الإنسانية والمعيشية الصعبة أصلا لليمنيين.

ما يثير الاستغراب اليوم هو ما يتردد في بعض المحافظات المحررة من دعوات غير محسوبة العواقب، تنادي بالتمرد على الشرعية المعترف بها دوليا، والاعتراف بالنفوذ الحوثي على المحافظات الشمالية والتعاطي مع ذلك الواقع الغريب.

إن مثل تلك التوجهات تعمل وبكل بساطة على نسف كل مقومات التحالف القائم بين السعودية والجنوبيين من أساسها، والتي قامت لتحيقيق هدفها الإستراتيجي المتمثل في إسقاط مشروع الانقلاب وإعادة الشرعية، وتمهد في نفس الوقت لانقلاب وتمرد جديد على الشرعية والداعمين لها، ورديفا آخرا للانقلاب الحوثي، ورافدا قويا للمشروع الإيراني في اليمن.

كلمة أخيرة، يجب إن تبقى جميع الملفات اليمنية المختلفة في حالة إستاتيكية، ريثما يتم إعادة الشرعية المخطوفة من قبل الانقلاب الحوثي، ثم يجري بعدها التطرق لجميع تلك القضايا الساخنة، ووفقا لآليات مشروعة وواضحة ومتفق عليها، وبرعاية إقليمية، وتحت مظلة حكومة وطنية تحظى بالدعم الإقليمي والدولي.

والله على ما نقول شهيد.