أخبار محلية

الجمعة - 14 مايو 2021 - الساعة 11:45 م بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/قناة بلقيس_هشام سرحام


يتلمس الستيني علي قائد فرحة عيد الفطر فيجدها منقوصة، يتطلّع حوله ويرْقب مُجريات الحياة ومظاهر الاحتفال وحركة الناس والشارع، فتنتابه الحيرة والصمت، ويذهب في تفكيره بعيداً، محاولاً إيجاد تفسير متواضع لسرّ غياب نكهة ولون ومذاق وروحانية وأجواء عيد الفطر، التي عاشها وألفها على مدى عقود.

يتتبع الأسباب التي تقف وراء إحساسه بالفراغ والنّقص، ويُفتش في أعماقه عن مواطن الخَلل التي جعلت الأعياد تمرّ -خلال السنوات الأخيرة- بشكل عابر، وتمضي بإيقاع مختلف عن سابقاتها من المواسم، فيقوده تفكيره إلى بعض التفاصيل التي صنعت ذلك الفارق، فينتابه
الحنين والشوق إلى عادات وتقاليد متوارثة، كان يحييها مع غيره خلال أيام العيد، وتوارت تدريجياً بفعل الحرب وفيروس 'كورونا'، وذلك بعد أن ترسّخت في نفسه وتصرّفاته والذاكرة المجتمعية طويلاً، وشكّلت جزءاً من ماضيها وثقافتها وموروثها الشعبي.  

بدا كالعاشق المُفارق وهو يستعرض لموقع "بلقيس" بعض تلك المظاهر العالقة في ذاكرته، بما فيها ارتداء الملابس الجديدة ذات الطابع الشعبي، والترديد الجماعي للتكبيرات، وأداء صلاة العيد، وتبادل التهاني مع المصلين، وكل من يُصادفهم في طريق العودة إلى منزله، لتناول وجبة إفطار مكوّنة من "العصيد" و"السمن البلدي"، ثم يُلقي سلام العيد على جميع أفراد أسرته، ويُوزّع عليهم مبالغ مالية تحت مسمّى "العِيدية"، وبعد ذلك يقوم بزيارة الجيران والأقارب بمن فيهم: أعمامه، وأخواله، وبناته المتزوجات، وعمّاته، وخالاته، اللاتي يصافحهن وفي يديه مبالغ مالية.

كان قائد وغيره من المواطنين في تعز يمرون بالعديد من القرى والمناطق والأحياء المجاورة لأحيائهم، ويوزّع الحلوى و'عسب العيد' على الأطفال، ويتبادل الزيارات مع الأهل والجيران والأصدقاء، ويُواسي الفقراء والعجَزة، ويُنهي خصوماته ومشاعر العِداء، ويُسامح مَنْ أخطأ في حقه، ويَنسي الماضي والأحقاد، ويبدأ صفحة جديدة.

* مقارنة

ويذكر لموقع "بلقيس": "كانت السعادة تغمر الجميع، والبَسمة مُرتسمة على وجوههم في العيد، الذي كُنا ننبذُ فيه كلّ ما يعكِّر صفو الفرحة، ونتّخذ منه فرصة للبهجة والسرور، كما نُحييه بالرّقص الجماعي على إيقاع الطبول والمزامير".
وتختلف العادات والتقاليد العِيدية من منطقة إلى أخرى في المدينة الواقعة جنوب غرب البلاد، التي تشهد حرباً وحصاراً من قِبل مليشيا الحوثيين للعام السابع على التوالي، إلى جانب تفشي "كوفيد 19"، ما خلّف تردياً مهولاً في أوضاع السّكان المادية والمعيشية والصحية والإنسانية، وجعلهم ينصرفون عن مُمارسة العديد من الطّقوس العِيدية.

ورفعت الأوضاع الراهنة منسوب الحزن والبُؤس والشقاء وشدّة الحاجة، وأسفرت عن انقطاع رواتب الكثيرين وفقدانهم وظائفهم وأعمالهم ومصادر دخلهم، كما زادت من أعداد الفقراء والعاطلين، وضاعفت مستوى عجْزهم عن إطعام أسرهم، واقتصرت اهتماماتهم وأحلامهم على توفير متطلبات الحياة الضرورية، وصرَفتهم عن توفير مستلزمات العِيد وممارسة تقاليده الأصيلة.

يشير المواطن عمر غالب (40 عاماً) إلى أن غياب الأمن والاستقرار وصعوبة الظروف الاقتصادية وتوقف الرواتب وافتقار المواطنين للمال غيّب تقاليد العيد، موضحاً بأنه "يصعب اليوم على الكثير من الأسر توفير العِيدية، ومصاريف العِيد، وشراء الملابس والحلويات والمشروبات والمأكولات، ومختلف الأشياء اللازمة لإحياء تلك العادات العِيدية القديمة".