حوارات وتحقيقات

الثلاثاء - 02 يونيو 2020 - الساعة 11:07 ص بتوقيت اليمن ،،،

الوطن العدنية/كتب/د.سعودي علي عبيد

كثيرون هم من تعرضوا لمحنة مرض المكرفس، واشتكوا وتألموا وتوجعوا منه. ولكن من جميع هؤلاء لم نر أي فرد، يشرح لنا تجربته مع المكرفس حتى بعض التفاصيل، باستثناء تعريفهم للمكرفس وبعض أعراضه، وبعض العلاجات الخاصة به. وإلى هنا فالأمر لا يحمل أي جديد.

إذن ما هو الجديد الذي حملني على الذهاب للقول بأن لي تجربة مع"الأستاذ المكرفرس"؟:

(1)
المسألة الأولى: هل المكرفس مرض مفاجئ أو له ممهدات وزمن أطول؟

الصحيح إنه يأخذ المسارين: فهو يبدأ بالتمهيدات، التي هي عبارة آلام في أطراف اليدين والقدمين، والكتف، وأي مواقع أخرى من الجسم، ويمكن لهذه الألآم تظهر وتختفي لفترة من الزمن.

وبالنسبة لي فقد استغرقت هذه المرحلة نحو شهرين تقريبا. وبسبب ظهور وإختفاء هذه الآلام، يعتقد الشخص أنه قد نجا او سينج من المكرفس، ولكن للأسف يمكننا تشبيهه بالثعبان المتخفي في إحدى زوايا الحجرة، وعندما تحين فرصته، يقوم بالإجهاز عليك، أو أن المكرفس في هذه الحالة، ينطبق عليه المثل المصري(مي من تحت تبن).

المرحلة الثانية لمرض المكرفس، هي الحالة الهجومية المفاجئة، التي يباغت فيها أعداءه المفترضين الذين هم نحن. وهو ما حدث معي فعلا. فبعد أن أعتقدت أنني قد زوغت عن طريق وخطر المكرفس، إذ به يهجم علي بكل قواه، ويطرحني أرضا. ويتذكر أصدقائي في الفيس، عندما اشتكيت من وعكة صحية، وبعد عدة أيام، شعرت ببعض الراحة، وحمدت الله، وشكرت الأصدقاء الذين تعاطفوا معي، وواسوني. ولكن للأسف لم يكن ذلك سوى الوهم، أما الحقيقة فقد كانت مؤلمة جدا. وهي سقوطي تحت حوافر خيل المغول والتتار(الجديد) المشهور بـ(المكرفس).

(2)
المسألة الثانية: لحظة الانهيار أو السقوط.

أنا لا أعرف ما هي تجربة الآخرين مع المكرفس في هذه اللحظة بالذات؟ لكن تجربتي الشخصية في مرحلة الهجوم المباغت للمكرفس علي، كانت مزعجة ومخيفة ومرعبة.فقد شعرت بالانهيار الجسماني الكلاني، ولم تعد قدماي على حملي مطلقا. فقد تحطمت كل أجزاء جسمي، ومن بعد هذه اللحظة، فقد تولى ولدي أوسان زمام حملي ومساعدتي على التنقل للعيادات لإجراء الفحوصات والمعالجة، كما تولى عملية تركيب المغذيات والحقن، ليس فقط لي، ولكن أيضا لوالدته التي من المؤسف مرضت في فترة مرضي.

لكن الشيئ العجيب أن هذا الانهيار الجسماني، كانت له سمتان: الأولى هو الانهيار أو السقوط الخارجي، وهو ما تحدثنا عنه سابقا. أما السمة الأخرى فهو الانهيار أو التجريف من الداخل، أي الانهيار الذي يصيب روح الإنسان المصاب. وهذا النوع من الانهيار يستمر لفترة طويلة، حتى بعد شفاء الشخص من المظاهر والتجليات الخارجية للمرض.

فبقدر ما تجد أن حالتك الصحية الخارجية قد تحسنت، بقدر ما تجد أنك ما زلت متعبا من الداخل، وأنك بحاجة إلى وقت كاف من أجل أن تتعافى تماما، او أن الانتكاسة مرة أخرى شيئ لا بد منها. والعياذ بالله.
(3)
المسألة الثالثة: المظاهر الأساسية للمكرفس.

توجد عدد من المظاهر والتجليات لمرض المكرفس، منها: (1) التعب الجسماني العام، وهذا التعب يتلاشى ويخفت تدريجيا بواسطة العلاج، ويحتاج وقتا كافيا حتى يتعافى الشخص منه. (2) الدوخة المصاحبة خلال فترة المرض وذلك بحسب حدة وقوة المرض. (3) فقدان حاستي الطعم والشم وفقدان الشهية، وهذه أخطر عارض أو مضاعف لمرض المكرفس، ومشكلة ذلك أن فقدان الشهية والطعم والذوق والشم تستمر لفترة حتى بعد تعافي الشخص من المظاهر الخارجية للمرض.
(4)
المسألة الرابعة: العلاج.

العلاجات تنقسم إلى علاجات طبية، وعلاجات غير طبية. أما العلاجات الطبية، فهي المضادات الحيوية، والمحاليل، والمغذيات والحقن، والبراشيم(الحبوب). اما العلاجات غير الطبية، فهي التغذية والإكثار من أكل الفواكه الطازجة، وعصير التمر الهندي(الحمر) والعسل الأصلي النقي.

أخيرا، هل التعافي من الأستاذ المكرفس يعتبر نهائيا وبدون رجعة؟ الحقيقة المحزنة إن الإجابة هي بالنفي. بمعنى أن عودة المرض ممكنة، خاصة إذا نظرنا إلى حالة عدن الصحية والبيئية الكارثية.

أما بالنسبة لي، فإن التعافي ما زال جزئيا، وبحاجة إلى وقت أطول.