مقالات وكتابات


الأحد - 15 ديسمبر 2019 - الساعة 07:05 م

كُتب بواسطة : علي بن شنظور - ارشيف الكاتب




في البداية أود الإشارة إلى أن هذا المقال التنويري ليس موجها لأي شخص أو حاكم ولكنه ضمن بعض المتفرقات التنويرية أنوي نشرها في كتاب قادم مازلت اكتبه عن السياسة والساسة والأخلاق المطلوبة.

مهما بلغ حرص الحاكم أو المسؤول على عدم التعلق بالسلطة والتواضع والزهد فيها وبلغت اخلاقه الفاضلة، عليه أن لايكتفي بذلك لأن السلطة ليست كما يراها المرء من خارجها بعدما يدخل إلى أعماقها.

السلطة بطبيعتها جذابة وأكثر مايغري المرء فيها بعد الوصول إليها البطانة  والإعلام والحرسات المحيطة به وسماع المدح والتعظيم الذي يتردد على مسامعه فيمقته ويراه غريبا في البداية، ثم بعد أشهر يصبح محبب إلى قلبه وهنا أول مداخل الشيطان للنفس الطماعة.

بعد أن يجلس على الكرسي تستهويه تلك المظاهر البراقة التي تحيط به، فيجد نفسه صاحب سلطة ومال وقوة وجاه وقرار يمكن له من خلالها أن يفعل أي شي في رأسه وعلى قدر منصبه تكون السلطة في يده قد تكون سلطة نافعة وقد تكون مفسدة لمن تضعف نفسه وليس لكل من يدخلها ونفسه كبيرة ولديه مناعة من أي ضرر يصيبه.

مع مرور السنوات يبدأ المرء المسؤول الذي لم يحسن البطانة الطيبة من حوله يصاب بشي من الفتور في عمله ويهتم برسم الخطط لكيفية استمراره لأنه يصعب عليه ترك تلك الألقاب.

انت السلطان انت الزعيم انت الرئيس القائد انت صاحب الفخامة الذي لم تنجنب الأمهات مثله,انت معالي البطل وصاحب السيادة والسعادة الخ..من الألقاب التي تصيب النفس في مقتل.

يطربه سماع صوت الأغاني والأناشيد التي تتغنى بمجده والموسيقى العسكرية التي تعزف الألحان عند دخوله أوخروجه أوسفره وعودته.

 فتوسوس له نفسه..لقد أصبحت ذو شأن عظيم فانظر لصورك وتعظيم الناس لك...؟!أنت فعلا المنقذ للبلاد وبدونك الجميع لايمكن لهم العيش بكرامة الخ..من العبارات الجذابة المغرية له والتي ترددها الألسن والقنوات والإذاعات وتنشرها الصحف عنه.

توسوس له بطانته بتعيين هذا أو ذاك ولو لم يكن يستحق ذلك التعيين أو يحلم به ويستحقه بجدارته،ويبعد عنه البعض وربما يؤذي البعض، ويهمل الشرفاء، وتاتي له بطانته بمن هم في نفس الطابور الموالي لها، وليس الموالي له وللوطن والدين والأمة.

يزداد مع مرور الوقت  رجاله الذين يحيطون به ممن لايجيدون العمل ويحسنون القال والقيل والجدل، فيخسر الأبرار ويكثر من حوله السفهاء ويبدؤون بخلق المبررات  عن أسباب فشلهم حتى يجد نفسه يتخذ قرارات تعود بالفشل عليه وعلى وطنه وينتهي به المقام:

أما بثورة تطيح به، أو باستقالته لحفظ ماء وجهه، أو انقلاب عسكري و اعتقاله ومحاكمته، أو مقتله، أو نفيه. وحينها لايجد ممن كانوا يزينون له عمله مخلوقا منهم غير من كانوا يتصفون بالصدق معه وينصحونه ولم يأخذ بنصحهم.

قد ينجو البعض من القادة من ذلك السقوط ويستمرون في مواقعهم حتى يتوفاهم الله ،ولكنه استمرار عقوبته مؤجلة. لانهم سيجدون أنفسهم كبقية البشر يدافعون عن اعمالهم لوحدهم يوم العرض على ربهم.

هكذا هي سنن الحياة علينا ان نتعلم منها ومن تاريخ الكثير من الشعوب والسلطات فإذا لم يتعلم المرء ممن كانوا قبله فمصيره يقع في نفس الفشل.

وعلى قدر نيات المرء وعمله في الواقع تكون النتائج بإذن الله ويكون الابتلاء بالخير أو الشر.

والله الهادي لسبل السلام

علي بن شنظور (ابوخالد)