مقالات وكتابات


الأحد - 17 نوفمبر 2019 - الساعة 11:00 م

كُتب بواسطة : انور الصوفي - ارشيف الكاتب


عمال النظافة في أوروبا يعملون لهم التماثيل في الجولات، ويبجلونهم، ويقدرونهم، ويثنون عليهم، ويطلقون عليهم مسمى مهندسي البلدية، وتعطى لهم أعلى الحوافز، والمرتبات، لهذا ترى شوارعهم نظيفة، فالإنسان أسير الإحسان، ونحن في بلاد العرب، وبلاد المسلمين، وأخص مخصوص في اليمن، وبالأخص في عدن هذه الأيام، فإن عمال النظافة يضربون، ويهانون، ويبهذلون، وتقطع معاشاتهم التي لا تكاد تذكر، ويهددون، هذا في وطني الذي تحكمه مليشيات من هنا، وهناك، مليشيات لا تعرف عن الوطنية إلا المناطقية، ولا تعلم من العسكرية إلا لبس الدريس العسكري، والبيادة التي يدوسون بها على رقاب المساكين من عمال النظافة الذين ينظفون قاذورات أولئك البلاطجة، فلولاهم لغرقت عدن في زبالات القوم، ولتعثرت تلك المليشيات في قمامات، وزبالات عدن.

في مقطع منفر، ومقطع يدل على بلطجة، وضعف لتلك الجماعات التي تمتهن احتقار الآخر، وضربه بالرصاص الحي، والإزباد، والإرعاد في وجوه عمال النظافة، رأينا فيه احتقار الإنسانية في أبشع صورها، متى كان عامل النظافة يُهان فيك يا عدن؟! متى كانت الإنسانية تداس فيك يا فاتنة المدن؟ متى عاث القرويون فيها ببلطجتهم إلا هذه الأيام؟

عمال النظافة عملهم نظيف، وشريف، ويجب على الكبير، والصغير احترامهم، وتقديرهم، ومساعدتهم، ولكن بعض الموتورين، والمتكبرين، والمتجبرين بسياط الحكم، ظنوا أن هيانة عمال النظافة شجاعة، وما علموا أن رسولنا صلى الله عليه وسلم لم يقل لأحد خدمه أف، مجرد أف، فأف منكم يا من احتقرتم الإنسانية، وظننتم أن قوتكم تخول لكم احتقار عمال النظافة، نساءً ورجالاً.

أيها الموتورون المعتدون على عمال النظافة، ألم تروا عدن خالية من القمامات بسبب جهود هؤلاء العمال؟ ألم تروهم وهم يجوبون الشوارع بحثاً عن قرطاس هنا، وسلة هناك؟ فما أعظم ما يقومون به من أعمال، لتبدو عدن جميلة، نظيفة، فبأي حق تعتدون عليهم؟ بأي حق تضربون عليهم الرصاص الحي؟ بأي حق تهددونهم؟

أتعلمون لماذا العالم يتقدم، ونحن نتأخر، ونترنح، ونمشي على قفانا، وعلى مناخرنا، أتعلمون، لماذا هذا التأخر الذي نحن فيه؟ إنها حماقاتنا التي ركبت عقولنا، فلم نعط عامل النظافة حقه، ولم نكرم مثل هؤلاء الموظفين، بل لقد تجرأ الأقزام المتخلفون، واعتدوا عليهم، وأمام الناس، وفي وضح النهار.

كلمة أخيرة، وهمسة في أذن البلاطجة، نقول لهم فيها: في أوروبا تقام لعمال النظافة التماثيل، ويسمونهم مهندسي البلدية، لهذا ترى أوروبا نظيفة كالمرآة، ونحن بلاطجتنا يسمون عمال النظافة الأخدام، بل ويضربونهم، لهذا ترى مدننا مكبات للزبالة، فهل من مدكر؟