مقالات وكتابات


الثلاثاء - 12 يونيو 2018 - الساعة 10:30 م

كُتب بواسطة : أ. صالح القطوي - ارشيف الكاتب



الغرب هو من يمتلك الإعلام, لكن من منا يقرأ ويفهم ما يحدث في بلاده, وبلاد العرب والإسلام.
من منا يعتبر مما حدث في دول أفريقية, ويبحث عن حلول ومخارج لبلده.?, من منا يعمل على تقريب وجهات النظر, لأجل حفظ وحدة الوطن وأمن المواطن.?, من منا يدرك أن ما حدث ويحدث في *الكونغو* مثلا حدث في بلادنا بشكل آخر, ويمكن أن يحدث في مكان آخر من دول العالم بآليات مختلفة ومتنوعة تنسجم مع طبيعة تلك الأماكن ومجتمعاتها البشرية وطبيعة معتقداتها وعاداتها وتقاليدها.
من منا بدأ يفكر بقول الرجل الكونغي: *(من يملك الإعلام العالمي هو من يقتل البشر)*, سواء هنا أو هناك, ولهذا لم نفهم طبيعة هذه الحروب, التي فرضت على العراق ثم سوريا, ثم ليبيا فاليمن بسبب آلة الإعلام, كم قتلت.?, كم هجرة من هذه الدول.?, ندع الإجابة للأيام تكشفها بالأرقام.
ولم نفهم حتى طبيعة هذه المنظمات الإرهابية والخيرية, التي تجوب دول العالم ومن يقف وراءها.?, ويقولون: وجدت فراغا, أو أتت لتغطي الفراغ في الدول التي فقدت سيطرتها على شعوبها.
لم نفهم مثلا من غذى إيران ومدها بالمال والسلاح والفكر والإعلام لتتحول من دولة إسلامية مسالمة إلى دولة شيعية معادية للعرب والإسلام.? ولم ترق قطرة دم في إيران, بينما صار دماؤنا هي الضمان.
لم نفهم أن من يحارب إيران عبر وسائل الإعلام من امتلاك الطاقة النووية يمدها بالتوسع والتطغيان وبالعنف والتحريض على بلاد العرب والإسلام.

ولم نفهم مثلا مغالطات الإعلام حين جعلنا نتهم العرب فيما بينهم على تسليم العراق لإيران, بينما الحقيقة تقول أن الغرب هم من قاموا بالعدوان على العراق ثم بتسليمه لشيعتهم, وسلموه لإيران بعد وضعوا الكويت له طعما, لينقض على جاراتها, أو يواجه العدوان بالعدوان من دول التحالف الغربي.

لم نفهم حتى اليوم طبيعة هذه الحروب, وطبيعة صناعتها, تارة تحت المد الطائفي فأوجدوا البعبع الشيعي رديفا للشعب في جنوب لبنان, وشجعوا التشيع في بلاد الشام وداعش ومزقوا العراق إلى جماعات متناحرة, ودمروا بنيته التحتية وترسانته العسكرية.
وهذا ما حاصل اليوم في بقية دولنا العربية, فاصبحت بعضها كما يقول المثل: (مجبر أخوك لا بطل), وهذا ما فعله عفاش باليمن كان مخطط له منذ أواخر القرن الماضي, وحتى الآن.
الغرب أجبروا المملكة على خوض الحرب أو تواجه الموت ونقل المعركة إلى قلب المملكة, مثلما عملوا مع صدام وغيره, (ونسميها أنت وأنا ما شئت - ثورة الربيع العربي, أو دولة الخلافة, أو حركة انقلاب, أو حراك, أو داعش أو قاعدة أو حشدا شعبيا, أو حشدا شعيا, أو حماسا أو إخوان), المهم أن يبقى البلد محل نهب - بلا رأس, لأن الدولة الواحدة ستحافظ على وحدة كيانها, وستبرم عقودا مع دول وشركات تلك الدول - تتنازل فيها عن جزء كبير من ثروتها لقاء حمايتها وحماية أمنها وتحديد حصتها.

وهذا فعلا ما يحصل في بلادنا تغييب الدولة العقل والمنطق, وتسارع العنف فيها والقتل بتحايل سياسي غربي, فلم نسمع بعدد القتلى العسكريين والمدنيين, وزاقرين لنا مصطلح جرئم حرب, وهم المجرمين, أو ممنوع ضرب المدنيين من الشيوخ والأطفال, وهم من يمولوا تلك الحروب ويعقدون صفقاتها, وهم من ملشنو البلاد, وحولوها إلى أوكار للعنف والإرهاب.
وبعد أن كانت بلداننا العربية موحدة على يد ظالم واحد صرنا تحت وطأة عدد من المليشيات وعرضة للتشظي والتشرذم, فرأينا في زماننا نهب الثروات سرا والمزايدات, بينما الإعلام ينعق باسم المساعدات الإنسانية, ورأينا صنوف العذاب, ونتمنى أن نسمع صراخ الموت, والموت مثل الشعب يموت وغيرها المستفيد.
خذ مثلا غيبوا التعليم بلادنا, لأنه الوعي الذي سيحفظ للأمة كرامتها ووحدتها من خلال الاهتمام بالأشياء الشكلية للمدرسة وتغييب المضمون العلمي والتاريخي عن أبنائنا.
هم يريدون منا ٲن ننسى بلاغتنا وهويتنا وأصالتنا وٲسودنا المسلمين - خالد, وعكرمة, وعمر، وهؤلاء *من يجب* تدريسهم لأبنائنا *لا* إسكندر الأكبر ولا نابليون ولا ميسي ولا كرستيانو رونالدو ولا غيره. ...
لذلك تجد اليوم رواتب المعلمين في تدني ونسيان, ورواتب المليشيات والجيش في ارتفاع وعصيان.
وتجد الباب مفتوحا على مصراعيه لأطباء بلا حدود وغيرها من المنظمات ليستلم موظفيها راتبين وثلاثة, وبينما *(ظهر المعلم وضميره)* يجلد باليوم مائة جلدة أمام احتياجاته المختلفة, لتستقر عقليته, ويستقيم أدائه في مهنته كمعلم وشمعة تنير دروب الحياة والوطن, ولا حياة لمن تنادي.

كتب: أ/ صالح القطوي
➖➖➖➖➖➖➖➖