مقالات وكتابات


الأربعاء - 09 أكتوبر 2019 - الساعة 07:20 م

كُتب بواسطة : حافظ الشجيفي - ارشيف الكاتب



ليس بمقدور اي محلل او متابع او مهتم بالشأن اليمني ان يزعم القدرة على رسم صورة دقيقة للمستقبل السياسي لليمن شمالا وجنوبا؟ لا أحد يستطيع ان يقوم بذلك فهناك فشل متعمد وممنهج في مواجهة الأزمات ودجل في توصيفها وزور في طرح اسبابها والحديث حولها ولو سكت الجميع عن التوصيف لكان الصمت ابلغ تعبير عن الحقيقة الخفية او التي يحاولون دفنها وموارتها عن اعين الشعب خدمة لاجندة خارجية ..

المصيبة الاولى ان ثمة اطراف سياسية تمثل ادوار مختلفة من الخصومة تجاه بعضها البعض امام الشعب الضحية الابدية لها والمصيبة الثانية ان هناك جيشا من الشخصيات والاتباع والانصار والمطبلين منهمكين بتوصيفات يلغي بعضها بعضا بغرض تفكيك الشعب وتحويله الى فئات متخاصمة ومتناحرة والمصيبة الثالثة ان التوصيفات زاخرة بالاكاذيب والمتناقضات السياسية واللغوية والمجازية.. والنتيجة صور قميئة تمثل معكوس الحقيقة وسيول من الكذب تتدفق كالقيء اذا سألت المسؤل عن سبب تمسكه بالكذب يقول لك : هذه سياسة يا اخي متى تتعلمون وتدركون ماذا تعني السياسة؟.. الطبيب في المستشفى يدعوك الى عيادته الخاصة ليسرقك واذا التقيت بالسياسي يهديك باقة من الاكاذيب والمبررات والحجج التي لا يستسيغها عقل ولا يقبلها منطق !.والسارق المحترف الذي سرق ولازال يسرق اموال الشعب ويحولها الى البنوك والمصارف في الخارج, يدعو البسطاء والمعدمين من الناس الى النزاهة والتقشف والالتزام بما أمر الله به من حفظ اموال الدولة وعدم المساس بها .والمنافق الذي كرس حياته في ضرب دفوف التطبيل للاوغاد والفاسدين والقتلة ينصح القوم بقول كلمة الحق والمفتن الذي يثير البلابل ويزرع النعرات في اوساط الشعب يدعو الشعب للابتعاد عن " المناطقية " وان ينبذوا المناطقية . والفاسد الدجال الذي يضحك على ذقون الناس ويأكل اموالهم بالباطل.. يتصدر المشهد ويعظ المواطنين ليتمسكوا بالاخلاق الحسنة والاعمال الطيبة وينصحهم بالنزاهة ! . الرجل النزيه في هذا البلد فاسد والرجل الفاسد نزيه..
شباب من المغرر بهم تقاتل في جبهات القتال في تمثيلية الخصومة القائمة في الظاهر بين الاطراف المتصارعة وتدفع ارواحها ثمنا لعزة وكرامة البلاد كما يقال لها فيما القادة يخططون لسرقة المشاريع والمتاجرة بدمائهم والقفز على مصالح الوطن من اجل مصالحهم الذاتية فالمهم عندهم
سرقة ممتلكات الشعب والدولة والبسط على الاراضي والحصول على اكبر قدر ممكن من المال ليضمنوا به مستقبلهم ومستقبل عوائلهم واولادهم وعلى الوطن جنوبا وشمالا السلام

المبادئ ثابتة وخالدة ويمكن لمستجدات العصر ان تجعل القريب بعيدا والصعب سهلا والحلم حقيقة ولكنها لا يمكن ان تقلب الحق باطلا والكذب صدقا ..
ازدواجية مشرعنة تبرر خطاب البعض يقولون مالا يفعلون يسمون الاشياء بعكس اسماءها وهم يعلمون ومرتاحون وسعداء واحد يصرح : على القوى السياسية ان تعمل على تحقيق رؤية موحدة لحل الازمات وادارة البلد وتوحيد الاجهزة الامنية والوحدات العسكرية والاتفاق على صيغة نهائية لمعالجة الازمات: صاحب التصريح يعلم انه هدف مستحيل ويعلم ان البلد تتقاسم ادارته قوى خارجية تسعى للنهب والهدم والتدمير وتخريب مقدرات الشعب والشعب يسعى للاستقرار والبنأ والتحديث والتطور والسلام واحد يصرح : يجب حسم.المعركة.مع الحوثي ويؤكد ان الاستقرار لن يتحقق لهذا البلد الا بهزيمة مليشيات الحوثي فيما يدعم في السر عمليات تهريب السلاح التي تتم على اعلى مستوى بين الطرفين اليها وآخر يصرح : الفساد مرض وبيل ويجب مواجهته للقضاء عليه وهو أحد الفاسدين الكبار الذين نهبوا المال العام والخاص واحد يصرح : البلاد ملغومة بالارهابيين والدواعش وهو نفسه محاط بالارهابين والدواعش من مختلف الاتجاهات ويعتمد على القتلة في حسم كثير من الملفات ..
واحد يدعو الى الحوار والتفاوض بين الاطراف المتصارعة في حين يمارس سياسات العنف.والاقصاء والالغاء ويتبنى مشاريع الضم والالحاق ..
واحد يصرح بان الفيدرالية بين الجنوب والشمال هي الحل والمخرج السحري لجميع الازمات بينما يتهرب من الحوار ويرفض الجلوس مع الاطراف المعنية بذلك بل ويتهمها بالخيانة..

هذه تقنية اعلامية وسياسية ثابتة لرسم صورة مناقضة للمشهد الواقعي ولتتويه الناس عن الحقيقة وما ورائها ..
المختلفون في هذه البلاد والخصوم حققوا التوافق والتوازن والوحدة والثقة المتبادلة والتفاهم الاخوي على نهب المال المال العام وقتل المواطنين ومحاربتهم وتعذيبهم وممارسة الضغوط المختلفة عليهم ومعاركهم العسكرية والاعلامية والكلامية الضارية بينهم لا تفسد للود قضية خلف الكواليسس يتعانقون ويضحكون ويتزاورون لابد لهذه اللعبة من ضحية وهي عادة الشعب ومن يقف الى جانب الشعب يهمش او يتم اقصائه او يقتل ويشيعونه باحترام..بينما الشعب يغط في سبات عميق من الجهل والغباء وعدم الاكتراث وكأن ما يحدث له على ايديهم لا يعنيه ولا يخصه ولا يتسبب في كل هذا الويل الذي يعيشه ويعاني منه

وحدة الصف او.وحدة المصلحة القائمة في السر بين الازدواجيين من مسؤلي هذا البلد شمالا وجنوبا غربا وشرقا شطبت اي محاولة للتوصيف الصحيح .. تشويش كامل .. اليمن بلد غامض لا هو في حالة حرب ولا هو في حالة سلم ..لا هو مقسم ولا هو موحد لا هو ديمقراطي ولا هو استبدادي لا هو جمهوري ولا هو ملكي لا هو حوثي ولا هو ارهابي لا هو اصلاحي ولا هو اشتراكي لا هو شرعي ولا هو انقلابي ..لا هو اسلامي ولا هو يهودي بلد ليس له شكل محدد ولا مضمون موحد ... ربما تتغير الامور فنحصل على بلد حقيقي وشعب يقظ وواعي وحتى ذلك الوقت نتمنى لكم اطيب الاوقات مع قتلتكم .