مقالات وكتابات


الأربعاء - 11 سبتمبر 2019 - الساعة 12:04 ص

كُتب بواسطة : علي عسكر - ارشيف الكاتب



عام بعد أخر تدخل الحرب اليمنية في سيناريوهات غريبة وعجيبة لا تخطر على البال ، هذا التحول غير المنطقي يزيد من ضبابية المشهد فكل ما يحدث الآن في الجنوب من تصعيد هو في حقيقة الأمر بعيد كل البُعد عن الأهداف المُعلنة التي من أجلها أندلعت الحرب في اليمن، إن المتغيرات الكثيرة في سير المعارك تقضي على أي بصيص من الأمل للخروج من النفق المُظلم والمتاهة التي جعلت البلد ومن عليها في مهب الريح!! 

أستطيع القول إن التحالف العربي يلعب بالمشهد اليمني كيفما يشاء عسكرياً وسياسياً، فماذا يمكن أن نُفسر سكوت التحالف العربي والحرب تتحول إلى المناطق الجنوبية المحررة والمستقرة أصلاً، وما هو هدف التحالف من ترك حلفائه يتناحرون "قوات الشرعية - قوات المجلس الإنتقالي" أليس تفجير الحرب جنوباً يخدم وبصورة كبيرة ومباشرة العدو المفترض الحوثي!!

أعتقد من وجهة نظري المتواضعة إن التحالف العربي يتعمد ضرب الأطراف اليمنية الموالية له بعضعها ببعض حتى لا يكون هناك طرف قوي ومسيطر محتفظ بقوته وعتاده!!
على الشعب اليمني معرفة إن الحرب التي تدخل عامها الخامس هدفها الوحيد تقسيم اليمن وتشرذمه حتى يصل في نهاية المطاف إلى مرحلة الحضيض والتي تعني الإنهيار الكامل للدولة فتصبح بذلك اليمن دولة هشه وسهلة الإنقياد، إن إنحراف بوصلة الحرب يعتبر إنقلاب صارخ على أهداف التحالف العربي المتمثلة بعودة الشرعية وإيقاف التوسع والتمدد الإيراني من خلال القضاء التام على مليشيات الحوثي الذراع الإيراني في اليمن، لذلك أقول للتحالف العربي إن الانقلابيون الحوثة موجودون في الشمال وليس بالجنوب!!

الحرب الدائرة في اليمن هي حرب أجندات ومصالح لدول عديدة وتأخر الحسم يعني إن مصالح تلك الدول لم تصل إلى توافق ،على كل مواطن يمني أن يعرف إن هذه الحرب ليس من أهدافها الحقيقية العمل الجاد والصادق لكي تنعم اليمن بالأمن والإستقرار!!
إذا أستعدنا شريط ووقائع هذه الحرب سنلاحظ الغرائب والعجائب فيها فمثلاً بالله عليكم إيهما أقرب وأسرع لسقوط صنعاء إشعال جبهة نهم ومأرب أم فتح جبهة في الساحل الغربي..أي حرب هذه وهنالك أكثر من مائتان ألف جندي في مأرب لم يخوضوا أي معركة مع إنهم على خطوط الالتماس المباشرة مع عدوهم الحوثي ولكننا نتفاجئ عندما تحركت قوات الانتقالي للسيطرة على شبوة المحافظة النفطية رأينا تلك القوات الجرارة تقاتل بكل إستماتة ليس من أجل الحفاظ على الوطن بل لحماية المصالح النفطية للمتنفذون الكبار الذين يستحوذون على نصيب الأسد من العائدات النفطية!!

لقد أفتقد الجيش الوطني معنى الوطنية وأثبت أنه جيش هُلامي يتحكم به أشخاص حسب رغباتهم ونزواتهم الطائشة ، والله شيء مُخجل ومُعيب بأن يظل الوطن تحت هيمنة مليشيات بينما نشاهد الجيش الوطني يقطع مسافة 700 كيلو متر للسيطرة على العاصمة عدن بينما لا يبعد عنه الحوثي سوى بضعة كيلو مترات فكانت النهاية الدراماتيكية لتلك الجحافل الغازية على تخوم مدينة عدن عندما تم قصفها وهي متجهة لإسقاط عدن وليس لإسقاط العاصمة صنعاء !!
أي معركة جانبية لا تستهدف الحوثي مباشرة هي حرب عبثية بما تعنيها الكلمة من معنى، إن يتم التضحية بمئات الأرواح من الجنود الغلابى من الطرفين وخسائر ضخمة من العتاد العسكري في المعارك بالجنوب هي معارك ليس فيها منتصر بل الكل فيها خسران وكان بالامكان الإستفادة منها لمقارعة الحوثي!!
جميعنا يعرف إن الشرعية والانتقالي بمثابة قطع من الشطرنج يحركهما التحالف العربي كيفما يشاء ولا داعي للزعل منّي والمكابرة فهذه حقيقة لا يستطيع أحد أن ينكرها وما شهدناه مؤخراً من معارك كر وفر من شبوة إلى عدن ثم العودة هو سيناريو تم تنفيذه حسب رغبة المخرج ، لقد كان من المفترض بالمقاتلون من الجانبين بأن يكونوا في خندق واحد ضد الحوثي وليس أن يقاتل بعضهم ببعض!!

لا نصدق إن السعودية لا تستطيع إرغام الحكومة الشرعية للحوار مع الانتقالي مع علمنا إن الرئيس وحكومته يعيشون في فنادق الرياض منذ اكثر من اربع سنوات وإن السعودية هي من تتكفل بمصاريفهم ونثرياتهم!!
أقولها وبكل صراحة إن ما يحدث الآن في الجنوب من إحتقان وحشود عسكرية تُنذر بإنفجار الوضع في أي لحظة لايوجد لها أي تفسير عقلاني ومنطقي سوى نشر الفتنة وإذكاء الأحقاد وإحياء المناطقية والعصبية بين أبناء الجنوب وجعلها ساحة مُشتعلة للإنتقام والثأر!!