مقالات وكتابات


الثلاثاء - 15 مايو 2018 - الساعة 09:14 م

كُتب بواسطة : سالم الفراص - ارشيف الكاتب


لم أكن أتوقع وأنا اتسلم النسخة الأولية بعد التصحيح لرواية (وقش) من كاتبها الأخ الأديب والروائي وليد أحمد دماج، بأنني سأفوز بقراءة رواية من أهم وأمتع الروايات التي قرأتها في حياتي حتى الآن، إذ ما ان وضعت بصري على أولى كلمات سطورها حتى وجدتني مدعواً لأن ارتحل عبر صفحاتها. وعلى الرغم من فروغي من قراءتها للمرة الثانية إلا انني مازلت اشعر بظمأ لإعادة قراءتها للمرة الثالثة والرابعة حتى أتمكن من سبر عوالمها الفنية الجمالية التاريخية، والإحاطة بكل إشارة أو معنى أو دلالة تضمنتها؛ لسعة مواضيعها وتعدد شخوصها وتنامي أحداثها كرواية تاريخية استطاع كاتبها بأسلوبه العميق والسلس ان يخرج الأحداث التاريخية من دائرة تقوقعها وجمودها من بين رفات الكتب ليبعث فيها الحياة، مبيناً ما تنطوي عليه تلك الأحداث من مشاعر ومواقف ورؤى ومن نوازع تعصب حذر، متنكباً بواطن شخصياته العميقة وتجليات أشكال وأساليب الخلق والإبداع والتغيير في حياتها وإثبات وجودها من مختلف الزوايا الإنسانية والفكرية، الظاهرة منها والمخبوءة، المعلنة والمستورة.
(وقش) رواية تدور أحداثها حول مرحلة طويلة من تاريخ الانسان والأرض اليمنية، ذي الصلة الواسعة التأثير والتأثر بمختلف مراحل التاريخ العربي الإسلامي، وانسحاب آثار تلك الأزمنة بعُقدها وتعقيداتها والصراعات والانشقاقات والاختلافات السياسية والمذهبية التي مازالت تلقي بظلالها الكثيفة على واقع الحاضر اليمني.
فهي رواية تقوم على الاطلاع الملم لكاتبها بكل مراحل التاريخ اليمني القديم والحديث والمعاصر وتحديداً منه التاريخ الإسلامي منذ البعثة وإلى اليوم.. عهود استطاع الكاتب من خلال اتباعه تكنيكاً سردياً أدبياً روائياً مدهشاً أن يجعل احداثها تقوم على موضوع الهجرات التي اتبعت في جملة المذاهب الإسلامية وتحديداً منها المذهب الزيدي والتي قامت على الانشقاقات والاختلافات والصراعات وأشهرها هجرة (وقش) التي سميت الرواية باسمها إلى جانب سناع، قاعة، والجبجب، والمقيليد وشوحط...إلخ.
متخذاً من هذه الهجرات مجالاً خصباً لعرض وبلورة كثير من الآراء والافكار والقناعات وتأثيرها، ودور ومكانة الامامة، وكذا تتبع تاريخ وتأثير وحياة شخوص الرواية من خلال الوقوف على مجمل تفاريع حياتهم وانتماءاتهم وتأثيراتهم وعلاقاتهم بحيث يمكن ان تكون كل شخصية مشروع رواية لوحدها.
إنني وأنا أسوق هذه الكلمات السريعة عن هذه الرواية الاستثناء انما أحاول ان اقدمها للقارئ ولفت انتباهه لها وليس أكثر.