مقالات وكتابات


السبت - 22 يونيو 2019 - الساعة 10:59 م

كُتب بواسطة : انور الصوفي - ارشيف الكاتب



السياسة في اليمن كالمسلسلات التركية ما أن ينتهي الجزء الأول حتى يبدأ الجزء الثاني، وكالخرط الهندي، فالحديث عن إصلاحات سياسية، وخدماتية سرعان ما تتبخر في الهواء، فالسياسي عندما يصل إلى كرسي المنصب حتى يسارع بالتصريحات سأفعل، وسأفعل، ويحدد فترة تفوق الخيال، وتظن أنك أمام بطل من أبطال الأفلام الهندية التي يكون القفز فيها من الأسفل إلى الأعلى.

سمعنا عن ترهات كثيرة، سمعنا عن الكهرباء بالطاقة النووية، وعن سكة الحديد، وعن الإصلاحات خلال شهرين، وعن حرب ستنتهي خلال أيام، وكل هذا طلع كالأفلام الهندية، فالأب يموت في بداية الفلم، وينتقم له الابن الذي كان يشاهد مقتل أبيه من خلف الستار، وها نحن اليوم نعيش هذه الأفلام، وتلك المسلسلات بكل تفاصيلها، ولكن بصورة حقيقية، فصالح يُقتل، وأحمد وإخوته، وبنو عمومته يشاهدون ذلك من على شاشات التلفزة، لعلهم ينتقمون لمقتله، ولكن انتقامهم لم يكن كالبطل الهندي، بل جعلوا انتقامهم من خلال السيطرة على الجنوب، والنيل من شعبه، وفي الحلقة الأخرى محسن الكبير يترك العاصمة شريداً طريداً، فيحاول التعويض في الجنوب، ومحسن الصغير في صنعاء يتحين الفرصة ليعيد أباه إليها من خلال دعمه، ومساندته لمن طردوا أباه، والشيخ الأحمر الثري يهرب مع إخوته، مخلفين وراءهم الأحمر العجوز رهين منزله، ويحاولون الانتقام لما أصابهم من الجنوب، هي في الحقيقة مسلسلات سياسية طويلة تتوالى أحداثها، ومتناقضاتها.

الحقيقة المُرة أن كل من يتقمص دور الوطنية، هم الذين يسلخون الوطن ليل نهار، بكتاباتهم، ومؤامرتهم، وحشودهم التي لم تغنِ عن وطنهم شيئاً.

لا ندري حقيقة متى ستكون الحلقة الأخيرة، فبطل المسلسل قد انتهى في أول حلقة من هذا المسلسل التركي الطويل، والابن مازال يتحين الفرصة للانتقام، ولكن عينه ليست على من قتل أباه، بل على شيء آخر، وبنو عمومته ينظرون نفس نظرته، فيبدو أن دم بطل القصة قد ضاع هدراً.

المسلسل السياسي في وطني ملهاة، كوميدي في بعض حلقاته، ولكن الدراما تظهر فيه بين الحين والآخر، كلاسيكي مكرر، فطيب الذكر صالح قال: إنه قبل مجيئة، وتحقيق الوحدة كان الجنوبيون يقتلون بعضهم كل خمس سنوات في دورات حرب متكررة، ولكن منذ مجيئة، وتحقيق الوحدة عشنا الحرب بفصولها المختلفة باستمرار، ودون انقطاع، مسلسل صالح لم ينتهِ بقتله، ولكن المشاهد مازال ينتطر انتقام الابن وبنو العمومة لمقتل كبيرهم، ومسلسل محسن الكبير مازال المشاهد ينتظر ماذا سيفعل محسن الصغير لعودة أبيه، والحمر مسلسلهم يبدو أنه سيطول، فالأحمر الشيخ رهين صنعاء، والبقية تفرقوا في بلاد الله الواسعة على أمل العودة إلى صنعاء، ويستمر المسلسل، فالممثلون من الداخل، وكاتب قصة المسلسل من الخارج، والمخرج من خارج الوطن، وهو من سيحدد متى ستكون الحلقة الأخيرة؟