مقالات وكتابات


الأحد - 19 مايو 2019 - الساعة 11:30 م

كُتب بواسطة : هشام الحاج - ارشيف الكاتب



القضية الواحدة .. والرؤى المتعددة

في كشفه لتفاصيل لقاءات وتفاهمات المجلسين (الثوري والإنتقالي) قال الأستاذ فؤاد راشد (رئيس المجلس الأعلى للحراك الثوري ) : (إننا تحدثنا مع الإنتقالي ) (المجلس الإنتقالي برئاسة اللواء عيدروس الزبيدي) على ثلاثة مبادئ لن نحيد عنها :

أولاً : تمسكنا الذي لا تراجع عنه في استعادة دولتنا الجنوبية كاملة السيادة على حدودها الجغرافية المتعارف عليها دولياً ما قبل عام 90م .. والا تفريط في هذا .

ثانياً : الحفاظ على العلاقة الاستراتيجية بفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي والسلطات والأجهزة التنفيذية والعسكرية والأمنية المحلية وتعزيز العلاقة معها ومساعدتها في إداء مهامها على أكمل وجه .

ثالثاً: التمسك بعلاقتنا مع دول التحالف العربي التي أيدنا تدخلها ببيان تاريخي من المجلس الأعلى للحراك الثوري بعد ساعة واحدة من تدخلها المحمود والمبارك في 26 مارس 2015م لإنقاذ شعبنا في الجنوب من حمل عسكرية بربرية تصدى لها رجالنا في المقاومة الوطنية الجنوبية بكل شجاعة .

وأوضح (راشد) : أن المبادئ لاقت قبولاً لمن تحدثنا إليهم من الأخوة الأعزاء في هيئة رئاسية الانتقالي الجنوبي ..

صحيفة عدن الغد – العدد (1808) 30 مارس 2018م

 

إذا ما صح ما جاء في أخر فقرة في كلام أ.راشد ، فإن هذا يعني أن المكونات الجنوبية (المتعددة ) ستتجه إن لم يكن نحو الاندماج الكامل في مكون واحد ، أو في أقل الأحوال تشكيل جبهة نضالية عريضة ترتكز على وحدة المبادئ المعبرة عن قضية شعب الجنوب مع الاحتفاظ بحق الاختلاف في الرؤى التفصيلية .. مما يرجع اتجاه القضية الجنوبية نحو أفق جديد قائم على القبول بالأخر والحوار البناء والديمقراطية التوافقية وصولاً لبلورة برنامج سياسي مستقبلي يحدد أفاق مستقبل الجنوب .. شعباً وقضية ودولة ...

 

وفي سبيل ذلك سنحاول وضع القراءات الموضوعية للقضية الجنوبية من منطلق المبادئ التي ذكرها راشد اتفاقاَ او اختلافاً معها .. وصولاً لوضع أرضية صلبة توحد ولا تفرق .. تركز الجهود والعمل ولا تشتته وتغرقه في الجدل !!

 

الجنوب .. توطئة تاريخية هامة :

- (الجنوبية) ، ككيان سياسي موحد ، وبذرات بذورها ، وثبتته في المحافل العربية والدولية ، الحركة الوطنية التي نشأت بداية 1948 – 1951م ، حيث كانت المنطقة المسماة (مستعمرة عدن ومحمياتها الشرقية والغربية ) مقسمة إلى مستعمرة (عدن) و 22 سلطنة وإمارة ومشيخة ، محميات بريطانية .. تعيش دون مصادر دخل تمكنها من النهوض ، وكان الازدهار والحياة المدنية مقتصرة على عدن .. وبعض التقدم في بعض السلطنات مثل (لحج – حضرموت – ثم سلطنة الفضلي)..

 

- طرحت الحركة الوطنية رؤيتها في أهمية توحيد كامل هذه المنطقة تحت مسمى (الجنوب العربي) ثم طرحت مشروعاً لاتحاد يجمعها جميعاً ويتداول حكمها رئاسية السيادية وتنشأ حكومة من خلال الانتخابات ، ورفض الإنجليز هذا المشروع بل ونفي واعتقال قيادات الحركة الوطنية التي طرحت المشروع وعطل صحفها .. ثم أقام مشروعاً بنفس الاسم ولكن على جزء من الجنوب (دون المحميات الشرقية .. ) .

 

- منذ الخمسينيات قامت بعض القوى في الترويج (ليمننة الجنوب) .

- صدر قرار الامم المتحدة في مايو 1936م حول استقلال الجنوب ووحدته ومزاولة الشعب في الجنوب لحقة في اختيار نظامه وحكومته .

 

- وافقت بريطانيا وأصدرت الكتاب الأبيض وحددت موعد الاستقلال هو 9 يناير 1968م .

 

- تحركت لجان الأمم المتحدة لتصفية الاستعمار وتقصي الحقائق لدراسة كيفية تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ، وزاروا مناطق التي يتواجد بها الجنوبيين مثل اليمن والمملكة العربية السعودية ومصر ثم عدن .

 

- شب قتال في 12 و 13 أكتوبر 1936م من القوات البريطانية على الجماعات العائدة من الجهورية العربية اليمنية والذين ذهبوا لنصرة ثورة 26 سبتمبر 1962م ، وكانوا من ردفان الباسلة وجبهة التحرير ، واستشهد في المعركة في 13 اكتوبر .

 

1962م الشهيد غالب بن راجح لبوزة ، ووصل الخبر الى تعز التي كان فيها الكثير من الثوار الجنوبيين منذ الخمسينيات وأعلن انطلاق الثورة من (ردفان) في 14 أكتوبر، 1963م ، والتي استمرت الى الاستقلال.

 

- في 1964م اعلن عن قيام (الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل) وتبنت ثورة 14 أكتوبر ، وكان من أهدافها تحرير الجنوب والوحدة اليمنية.

 

في 13 يناير 1966م أعلن عن قيام (جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل) من جزء من (الجبهة القومية) وبعض (منظمة التحرير) و (حزب الشعب الاشتراكي ومستقلين) وتشكل من جبهة التحرير (التنظيم الشعبي لتحرير الجنوب اليمني المحتل) ..واستبسل الشباب الفدائيون من تلك الفصائل.

 

- في سبتمبر 1967م أوصت الجامعة العربية بأن يستلم الاستقلال حكومة وحدة وطنية من الهيئات الثلاث (الرابطة - القومية - التحرير) ، ثم تفاوضت الجبهتان (التحرير والقومية) للشراكة في السلطة ، مع استثناء الرابطة باعتبارها لن تشارك رسميا في القتال في المرحلة مابعد قرارات الامم المتحدة وتحديد موعد الاستقلال.

 

- بعد هزيمة العرب من اسرائيل في حرب الخامس من يونيو 1967م قرر البريطانيون التفاوض مع الجبهة القومية وسلموها المناطق واجبروا حكامها (سلاطين ومشايخ وامراء) على مغادرة مناطقهم بالقوة.

 

- قررت بريطانيا تقديم موعد الاستقلال 40 يوما وسلمت السلطة للجبهة القومية في 30 نوفمبر بناء على اتفاق (جنيف) بين الطرفين وأعلنت بموجبة وثيقة الاستقلال وتغير المسمى الى (جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية) والتي تم تغييرها فيما بعد بوضع (الديمقراطية) محل (الجنوبية) لتصبح (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ج.ي.د.ش) التي نص دستورها على ان : (التراب اليمني والجنسية اليمنية واحدة) كما نص بناء على ذلك على ما يسمى (تصحيح الخطأ وإعادة الوحدة) !.

 

- تأخر اعلان وتنفيذ الوحدة اليمنية انطلاقا من انه لابد (وحدة الادارة لتنفيذ الوحدة).

- داع عام 1990م في ظروف قد برز فيها تغيير دولي شامل غير المعادلات القطبية الى بداية ظهور المرحلة الجديدة والتي هي مرحلة القطب الواحد ، وتم اتفاق عدن في 30 نوفمبر 1989م على ان تتم الوحدة في 30 نوفمبر 1990م .

 

- تسارعت الاحداث وتم التعجيل بإعلان الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م ، ونصت الاتفاقية على اعادة الوحدة اليمنية وعلى (الغاء الشخصيتين الاعتباريتين لكل من الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية) وذوبانهم في شخصية اعتبارية جديدة وهي (الجمهورية اليمنية) وعلى فترة انتقالية لسنتين ونصف، ثم لاحقا تمديدها الى ستة اشهر.

 

- تم الاستفتاء على الدستور بعد الوحدة في 1991م مع ورقة مرفقة به تقول: (ان الاستفتاء على الدستور هو استفتاء على الوحدة) وكان حزب رابطة ابناء اليمن، حينها) و(حزب التجمع اليمني للإصلاح) هم من عارض الاستفتاء وقاطعاه !.

 

- وتمت مناظرات علنية حول مقاطعة الاستفتاء شارك فيها الحزبان المقاطعان امام مؤيدي الاستفتاء من المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني! وكان يدير الحوار الزميل الاعلامي المتألق سعيد علي نور وآخرين.

 

- تصاعدت الخلافات في اطار احزاب السلطة (المؤتمر - الاشتراكي - الاصلاح) بعد انتخابات 1993م تشكلت لجنة الحوار الوطني وشارك فيها الجميع .. وتم التوقيع على (وثيقة العهد والاتفاق) تمت في فبراير 1994م في الاردن بحضور دولي وعربي وبرعاية الملك حسين ملك الاردن رحمة الله عليه.

 

- في 28 ابريل 1994م وقعت معركة عمران بين اللواء الثالث مدرع (جنوبي) واللواء الاول مدرع (شمالي).

 

- تلى خطاب الرئيس السابق علي عبدالله صالح يوم 27 ابريل في ميدان السبعين بـ (صنعاء) .. وفي مساء 4 مايو 1994م بدأت قوات صالح بشن هجوم شامل على الجنوب على خمسة محاور ، بدأت في بمحور قعطبة - الضالع - تعز كرش - خرز - ثم لحقها محور البيضاء مكيراس - مأرب شبوة).

 

- واصل الحزب الاشتراكي اليمني اجتماعات مكتبه السياسي وقيادته في (عدن) بصفته حزب في السلطة وادار الجنوب اساسا بيده حتى بعد الوحدة ..ووصلوا الى قرار ينص على اعلان قيام دولة باسم (جمهورية اليمن الديمقراطية) مع عملها في الدستور الساري (دستور الجمهورية اليمنية) ويبقى العلم والنشيد الوطني والتمسك بوثيقة العهد والاتفاق لبناء الدولة اليمنية الحديثة والعمل على اعادة بناء الوحدة على اسس صحيحة.

 

- في 22 مايو 1994م تم اعلان مجلس الرئاسة ثم حكومة ائتلاف وجمعية وطنية ولم يعلن شئ اسمه فك الارتباط ، وشمل الاعلان الابقاء على دستور الجمهورية اليمنية ونشيدها الوطني وعلمها وانه سيتم العمل على اعادة الوحدة بأسس صحيحة مع التمسك بوثيقة العهد والاتفاق.

 

- في يوم الخميس 7/7/1994م دخلت القوات الغازية مطار عدن وكريتر ، حيث بدأت مرحلة جديدة من الداخل حيث تصرف المنتصر بعنجهية المحتل الغازي نهب نهبا منظما الممتلكات العامة وفككوا المؤسسات العامة واستباحوا المزارع التابعة للدولة واستباحوا الوظيفة العامة عسكريا وامنيا ومدنيا واقصوا وهمشوا الجنوبيين ، فاستأثرت هذه التصرفات نفوس الناس وكرامتها واعتزازها بجنوبيتها .. ومنذ عام 1994م ولاول مرة منذ الاستقلال، بدأت المشاعر الجنوبية بالظهور من مكامن النفوس الى السطح بأشكال مختلفة ووسائل تعبير متعددة ، بما في ذلك بعض الجنوبيين المنتمين لبعض الاحزاب غير جنوبية المنشأ.

 

- برزت في الخارج الجبهة الوطنية للمعارضة (موج) وكذا حركة تقرير المصير (حتم) ثم جاء التجمع الديمقراطي الجنوبي (تاج) وعلى المستوى السياسي تمت محاولات للإصلاح ، فجاءت دعوة تصحيح مسار الوحدة في اطار الحزب الاشتراكي اليمني التاي قادها الدكتور محمد حيدرة مسدوس وحسن احمد باعوم ، وجاء مشروع اعادة بناء الدولة التي اطلقها حزب (الرابطة) عام 1997م ومشروع الاصلاحات الشاملة عام 2005م والذي نص على الدول المركبة وتصاعد الى (الفيدرالية) بين اقليمين وشعار تقرير (المصير).

 

- في 13 يناير 2006م انطلقت من جمعية ردفان دعوة التصالح والتسامح وفي مارس 2007م تم اعلان حركة المتقاعدين العسكريين من (الضالع) ، ثم جاء اليوم الفاصل لبلورة مطالب الجنوب وشعبه عندما اعلن قادة المتقاعدين العسكريين الابطال في ساحة الحرية (ساحة العروض - خورمكسر) في 7/7/2007م هتف شعبهم رفعت سقف مطالبهم في التحرير والاستقلال وتقدمهم العميد ناصر النوبة الذي أعلن بكل شجاعة هدف الشعب في التحرير والاستقلال، وكان من ابرز القادة لذلك الموقف العمداء (علي السعدي - عبده المعطري - الداعري - علي الشيبة - محمد طماح - علي مقبل صالح - ناصر الطويل - سيف البقري - صالح محمود - محمد باراس - وآخرون) ويعذروني الآخرين اذا لم اذكر اسمائهم، وبرزت كيانات شبابية مثل (شباب ثورة 16 فبراير - اتحاد شباب الجنوب - حركة شباب عدن - الحركة الشبابية الطلابية - شباب الكرامة - رابطة الشباب الديمقراطي رشد - تكتل شباب عدن - شباب ساحة المعلا - المجلس التنسيقي لشباب الثورة في عدن ) وتكتلات اخرى لا تسعفني الذاكرة لذكرها.


- تشكل ايضا تحالف التكتل الوطني الديمقراطي الجنوبي من عدة مكونات وشخصيات مستقلة هامة ومن مكونات هي (التكتل الشبابي المتحد لتحرير الجنوب - التكتل الوطني للتغير والتصحيح - المجلس الاعلى لشباب عدن - المجلس الوطني الاعلى للنضال السلمي - وتكتل شباب حضرموت الجامعي - حركة شباب عدن - حركة نشطاء من اجل القضية "وفاق" - حزب الخضر الجنوبي - حزب رابطة الجنوب العربي الحر "الرابطة" - ساحة الحرية والكرامة في شبوة) كما برز دور الشيخ المناضل "عبدالرب النقيب" وبعض حكام الجنوب في فترة ما قبل الاستقلال امثال السلطان غالب القعيطي والشيخ المناضل صالح بن فريد والسلطان عبدالله بن عيسى بن عفرير ، كما برز دور (حركة النهضة) السلفي ودور علماء الدين ومنهم (الهيئة الشرعية الجنوبية للدعوة والارشاد) وابرز رموزها الشيخ حسين بن شعيب والشيخ بن مشدود والشيخ محمد رمزو والشيخ هاني اليزيدي وآخرين.


- من كل ماسبق يتضح ان القضية الجنوبية قد خطت خطوات رائعة ووصلت الى مرحلة تقترب من تحقيق اهدافها وآن الأوان للقوى التي ثبتت تلك الاهداف ان تقيم اصطفافها الوطني وتوحد جهودها وحركتها السياسية .. ان هذه القضية تمتلك كل اسباب النجاح سياسي وجماهيريا وقانونيا ، وسيحاسبنا التاريخ اذا لم يتحقق هذا الاصطفاف المطلوب والضروري وان على الجميع ان يترجل من على ظهر القضية الجنوبية وآن الأوان ان نتحمل القضية على الظهور وفي القلوب وحدقات الاعين للسباق فيها من اجل قضيتنا الجنوبية، وعلى الجميع ان يعمل للأجندة الوطنية الجنوبية وليس لأجندات خارجية .


3 كلمة لابد منها: مع احترامي وتقديري لبعض وزراء الشرعية والقيادات الجنوبية لسوء فهم سردنا لمراحل التاريخ السياسي في اليمن وعدم فهمهم للإعلام المكتوب والمرئي والمسموع وسوء فهم الكتابات التاريخية .

- قريبا سيصدر كتابي الاول بعنوان (نفحات الكملة الحرة) وهو على وشك الطباعة، ونشكر الخيرين والشرفاء من ابناء الوطن الذين شاركوا في دعمنا ليرئ هذا الكتاب النور.

،،، والله من وراء القصد ،،،