مقالات وكتابات


الجمعة - 10 مايو 2019 - الساعة 11:10 م

كُتب بواسطة : وليد ناصر الماس - ارشيف الكاتب


عائض القرني أحد المشائخ المحسوبين على التيار الديني المتطرف بالسعودية, لكن يبدو أنه قد عزم على التخلي عن ظاهرة التطرف إلى غير رجعة.
ففي آخر ظهور تلفزيوني له يقدم الشيخ عائض اعتذارا صريحا عن ما بدر منه من تحريض على التطرف والغلو والتشدد, وعن ما فعله في غسل أدمغة الشباب السعودي وشحنها بالأفكار الغريبة طيلة عقود مضت.

لقد أيقنت حينها أن نشر التطرف والغلو عملية مقصودة وممنهجة وترمي لتحقيق أجندات ومقاصد سياسية.
ولأن الاعتذار يمثل شرطا أساسيا من شروط التوبة, فالشيخ عائض لا شك أنه قد شعر بذنبه وما اقترفه من لعب بأفكار الشباب السعودي والتغرير بهم خلال العقود الماضية, وأدرك للتو وزر ما اقترفه.

ومن نافلة القول فاعتراف ولي العهد السعودي أمام وسائل إعلام عالمية معروفة بإن الفكر الوهابي المتشدد تمت صناعته إبان الحرب العالمية الباردة بالتنسيق مع الشريك الأمريكي لخدمة المشروع الرأسمالي, حيث تعهد في سياق حديثه بالعمل بقوة على إعادت هذا الفكر المتطرف لنقطة البداية التي انطلق منها, حديث ولي العهد كان جريئا وشجاعا, فهو أول أمير سعودي يتعرض للفكر الديني ببلده بالنقد والتعليق بعد أن أُحيط بسياج قوي وهالة من القداسة طوال العقود الماضية.
حديث بن سلمان في حد ذاته يعتبر برهانا قويا على الدور الذي تلعبه السلطات الحاكمة في هذا البلد, في تطويع الأفكار الدينية وتوجيهها الوجهة التي ترغبها.

وبالعودة للوراء قليلا وبالتحديد إلى مطلع عام2012م في بدايات الحرب على سوريا, فقد كان حينها العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله من المتحمسين لفكرة إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد, وعمل على تقديم مختلف أشكال الدعم للجماعات المسلحة, وطلب من السلطات الدينية في بلده العمل على التحريض على الدولة السورية وإطلاق الفتاوى التكفيرية ضد نظام الحكم والجيش.
ففي حين تم رصد مبالغ مالية هائلة للضباط والجنود المنشقين عن الجيش السوري, كانت السلطات السعودية تمنح مليون ريال لكل مواطن سعودي يوافق على إرسال ابنه للقتال في صفوف المعارضة المسلحة.

وعندما تقرر الولايات المتحدة تشكيل تحالف دولي للحرب على داعش, نرى الأمور تنقلب فجأة بزاوية مستقيمة, حيث عملت السلطات السعودية على اعتقال كل شاب سعودي عائد من سوريا وتوجيه تهم الإرهاب لهم, وإطلاق الفتاوى التكفيرية المنددة بهم, ذلك ما يجعل المتابع للسياسة السعودية المتقلبة في حالة من الارتباك والحيرة من أمره.
ختاما لا يمكنني إعطاء توصيف واضح ودقيق لما يجري, غير القول بأن هناك استخدام سلبي للدين, وتوظيفه لأغراض سياسية رخيصة.

وعليه نقول إذا كانت القيادة السعودية بقيادة الأمير محمد بن سلمان قد عقدت المضي قدما في طريق الوسطية والاعتدال, فإتمتى على هؤلاء عدم تحويل الساحة اليمنية إلى معقل لصناعة التطرف والإرهاب.

والله على ما نقول شهيد.