مقالات وكتابات


الثلاثاء - 26 فبراير 2019 - الساعة 08:25 م

كُتب بواسطة : وليد ناصر الماس - ارشيف الكاتب



ما من شك فالكل قد سمع بالحكم الأخير المثير للاهتمام، والذي أصدرته محكمة جنوب غرب العاصمة صنعاء التابعة لانصار الله، والقاضي بإنزال حكم الإعدام في حق الناشطة أسماء العميسي.
هذا الحكم يعتبر بادرة خطيرة من نوعها، وتبعث على القلق وتعزز المخاوف لدى الجميع.

فعندما تتعرض الأصوات الحرة والجريئة للكبت والقمع، فهذا مؤشر سلبي يبشر بعودة حقبة محاكم التفتيش، حقبة عنوانها الاستبداد والظلم والقهر.

والمصيبة العظمى إن تصبح السلطة القضائية التي يعول عليها الفصل بين الناس في المظالم، أداة خاضعة للكتلة المهيمنة على السلطة.
فبعد اندلاع ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر من العام 2014م، والتي رافقها السقوط المدوي لأمبراطورية الأحمر التي جثمت على صدور اليمنيين ردحا من الزمن، صعدت على إثرها حركة انصار الله للسلطة في البلاد كاستحاق ثوري، وسيطرت على مقاليد الحكم، كونها أكبر حركة مناوئة تعرضت للبطش والقهر إبان حكم نظام صالح والقوى المتحالفة معه، وهي القوة الوحيدة في الشارع التي لم يتلطخ تاريخها السياسي بالفساد والارتماء في أحضان الخارج، وأصبح أفراد الشعب جميعا متلهفين لإدارتها لأمور البلد داخليا وخارجيا، وهو ذاته ما دفع بالمملكة السعودية أكثر بلد تربطه علاقات سياسية وجغرافية باليمن، بالتدخل لإجهاض الثورة الوليدة، وإسقاط حكومة انصار الله.

ولقد شعرت المملكة السعودية حقا بسقوط أدواتها بالداخل اليمني، وأدركت للتو ما يترتب على ذلك من فقدانها للتحكم بقرارات اليمنيين ومصائرهم.
فقد سارعت وبقوة لتشكيل تحالف عسكري يستهدف بالدرجة الأولى القوى الفتية في السلطة، على أمل تمكين حلفاءها التقليديين من الحكم مجددا، وخلق حالة توازن استراتيجي تضمن لها استمرارية بقاء وتدفق مصالحها في المستقبل بعيدا عن أية تهديدات مفترضة.

وببساطة فقد كانت الحرب كارثية على اليمنيين بكل معنى للكلمة، ولقد خلفت تبعات بالغة للغاية ومآسي خطيرة على المستويين الاقتصادي والإنساني.

فعلى الصعيد الإنساني فهناك أصوات كثيرة تتعالى كل يوم في الداخل والخارج رافضة للعمل العسكري الذي تقوم به الجارة الشمالية، والذي خلف آلاف الضحايا من المدنيين، ولكن خيار وقف الحرب من عدمه يبقى في النهاية قرارا سياسيا بامتياز، عملية اتخاذه حكرا على كبار الساسة وصناع القرار الدولي، وتضل تقارير المنظمات الحقوقية والملفات الإنسانية شماعة يُرجع إليها متى اقتضت مصالح الأقويا ذلك.

الناشطون والحقوقيون في أي بلد ظاهرة صحية تعكس مستوى هامش الحريات والمواطنة والتعددية التي يشهدها هذا المجتمع أو ذاك، وغياب ذلك يعطي انطباعا سيئا عن جحم حالة الاستبداد والدكتاتورية والاستعلاء السائدة.

ومن المعروف فظروف الحروب والصراعات تخلق بيئات خصبة لنشاط منظمات المجتمع المدني المختلفة، كنتيجة لما يصاحب تلك النزاعات من ظروف استثنائية بالغة الصعوبة، تصبح محل اهتمام وعناية.

ورغم إيماننا العميق بضرورة احترام سيادة أي بلد، ويقيننا بحجم المؤامرات التي تحاك على بلد مهم كاليمن، إلا إننا نؤكد على ضرورة التمييز بين العملاء والخونة ممن يسارعون لبيع الوطن وكشف أسراره مقابل حفنة من المال المدنس، وهؤلاء معروفون بسيماهم، وبين من يعارض بالكلمة ويطرح رأيه للنقاش دون تفريطه بمقدرات الوطن.

ومن نافلة القول فالناشطة أسماء العميسي لم تمس السيادة الوطنية أو تساهم بالتفريط بمقدرات بلدها بالقول أو الفعل، ولم تكن يوما ما مساندة وبأي شكل للعمل العدواني الذي يتعرض له الوطن، وعليه نناشد السييد عبد الملك بدر الدين الحوثي قائد الثورة المباركة بضرورة الالتفات لوضع الأخت أسماء المآساوي والعفو عند المقدرة، وإصدار توجيهاته الكريمة والمباركة لإسقاط حكم الإعدام الأخير بحقها، ففضلا عن كونها بعيدة عن موضوع التآمر على الوطن، فهي أمرأت وأم لطفلين.
نناشد سماحتكم وكلنا أمل وثقة بتفانيكم وصفحكم وعفوكم.

والله على ما نقول شهيد.