مقالات وكتابات


الثلاثاء - 27 مارس 2018 - الساعة 10:33 م

كُتب بواسطة : سالم الفراص - ارشيف الكاتب


لقد بات من الواضح ان من بين أهم القضايا التي لا يركن في معالجتها إلى الجهات الرسمية (الحكومية) وحدها، ولا تحتمل الانتظار للتصدي لها أكثر من مجرد ظهورها على السطح،
الا وهي قضية حمل السلاح وتفشي انتشاره وحرية استخدامه والانتقال والتحرك به من قبل جماعات أو أفراد خارج مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية.
إذ ان الاتكال على هذه المؤسسات الأمنية والعسكرية من قبل المجتمع بمختلف أطيافه لإنهاء هذه الظاهرة إنما هو تواكل لابد أن يفضي - وقد أفضى - بالمجتمع إلى مزالق مهلكة ونهايات مؤلمة تصيبه قبل غيره من جهات وتكتلات ومليشيات مسلحة خارج اطار القانون.
إن انتشار مظاهر التسلح يستحيل أن يحمل في طيات وجوده وانتشاره أية نتائج سليمة أو صحيحة على المجتمع، بل لا بد ان يقوم ويتمدد على حساب عدم استقرار المجتمع والوقوف ضد تحقق أية مشاريع مستقبلية وعرقلتها والمباعدة بينه وبين أي نزوع يخدم استقراره وتقدمه ايجابياً نحو الأفضل على المستويين القريب والبعيد.
فمظاهر التسلح العشوائي والمنفلت الشائع اليوم بيننا في قرانا ومدننا لا يدلل على استمرار تراجع دور وقوة الأجهزة الأمنية والعسكرية وحسب، بل ويعمل على مزيد من تحجيم دورها وتهميشه وإضعافه، بحيث اصبح يوماً بعد يوم يبحث عن مبررات لوهنه وضعفه ذاك، وجعله يختفي وراء كثير من الاساليب التي يحاول بها تجنب الاحتكاك المباشر والمستمر مع خروقات هذه الجماعات والأفراد والتكتلات المسلحة مانحاً إياهم مزيداً من المساحة لإثارة الرعب والخوف في أوساط المواطنين والتجرؤ على ارتكاب كثير من المظالم بحقهم وبحق حقوقهم ومصالحهم.
لذا فإنه - كما سبق الذكر- أولاً يجب على المجتمع ألاّ ينأى بنفسه عن أن يكون له دور وحضور فاعل في مواجهة هذه الكارثة، وذلك من خلال ايجاد منابر تحمل رأيهم وتبلور حقوقهم القانونية في العيش وسط بيئة آمنة مستقرة وتحولهم إلى قوى مجتمعية ضاغطة قادرة على أن تشكل أرضية خصبة لاستعادة القوى الأمنية الرسمية دورها وثقتها بنفسها وتضعها أيضاً أمام واجباتها المسؤولة عنها في حماية القوانين وفرض احترامها، ووقف ومطاردة المخالفين، وخصوصاً منهم المسلحين الذين باتوا يفرضون انفسهم كقوة بديلة للأجهزة الرسمية وغيرها من المؤسسات المدنية الاخرى، مثبتين اقدامهم بقوة ومنطق السلاح في حسم خلافاتهم مع أي جهة كانت وفي وضع شروطهم الخاصة بهم المنافية لأي أعراف وقيم ومُثل، ولأي أنظمة وقوانين نافذة.