مقالات وكتابات


الأحد - 18 مارس 2018 - الساعة 10:14 م

كُتب بواسطة : سالم الفراص - ارشيف الكاتب


أماط الاعتداء الأخير على صهاريح عدن التاريخية اللثام عن غياب مؤسسات الدولة وفي مقدمتها الهيئة العامة للآثار، التي بتفريطها عن القيام بدورها تجاه المعالم الآثارية في مدينة عدن (كريتر) سهلت طرق واساليب السطو والتدمير للآثار التاريخية بدءاً من سدود هضبة عدن بصهاريجها، ومروراً بقلعة صيرة وانتهاءً بالأسوار والبوابات والقلاع المنتشرة على طول قمم جبل العُر (شمسان) وجبل التعكر (جبل حديد) وجبل الخساف (المنصوري) وما عليها من حصون على رؤوس الجبال المحيطة بعدن، والتي كان الاستعمار البريطاني قد استخدم بعضها قاطعاً صلتها بالانسان من حولها ومنها البُغد الثلاث الكامنة أسفل جبل حديد، وهو فصل ظل قائماً حتى بعد خروجه وجلائه، لتبقى سنّته في تدمير الآثار (كبوابة عقبة عدن) وعزلها وسوء استخدامها قائمة إلى اليوم.
ولو أن ما يجري اليوم من تدمير لكافة الآثار والسطو عليها يفوق بكثير ما كان قائماً من قبل.
ومع ان الناس في عدن ما يزالون يحلمون أن يأتي اليوم الذي يتمكنون فيه من زيارة هذه المواقع ومعرفة علاقتها بتاريخ المدينة والتاريخ اليمني والهوية اليمنية.. إلاَّ ان واقع الحال يقول بما يكذب تلك الأماني وما يعمل على استغفالها واستفراغها من أية علاقة تربطها بتاريخ المدينة (عدن) تمهيداً لطمسها واخفاء ملامحها وقيمتها التاريخية كما هو حاصل تحديداً في جبل حديد، الذي تحولت قلاعه وأسواره إلى نقاط محظور الوصول إليها، فإضافة إلى ما تعانيه من اهمال وعدم رعاية وتجديد اصبحت نهباً لغزو البناء العشوائي الذي طال منافذ الرؤية لها عن بعد، كما باتت تخضع لزيارات عشوائية تتمادى في قلع بعض حجارتها وتسجيل عبارات نابية على جدرانها، فضلاً عما تعانيه سدود هضبة عدن من اقتلاع احجارها وتشويه وطمس جمالها المعماري التاريخي وإخضاع المساحات من حولها للاقتطاع والسطو العشوائي، كما هو الحال في الصهاريج وحولها من بناء عشوائي مدمر مقصود وموجه.
وعلى ما تقدم لنا من استعراض سريع لواقع آثار مدينة عدن التاريخية، وما تعانيه، وما آلت إليه، لا نعتقد بوجود حجج أو معاذير تستطيع أن تبرر به الجهات الرسمية المعنية اسباب عجزها وصمتها المشبوه.
كما ان وضعاً كذلك لا يعفي كل الجهات الأكاديمية والبحثية والمنظمات الأهلية من القيام بدورها في المحافظة على الآثار، وحمايتها من الهجمات الموجهة ضدها، والسعي بشتى السبل والطرق الممكنة لاطلاق سراح المواقع الأثرية المحذور الوصول إليها، وتسهيل طرق بلوغها بكل حرية ويسر للجميع، وخصوصاً القلاع والحصون الواقعة على جبل حديد، وسدود هضبة عدن وقلعة صيرة وغيرها.