مقالات وكتابات


الجمعة - 18 يناير 2019 - الساعة 10:37 م

كُتب بواسطة : حافظ الشجيفي - ارشيف الكاتب



تشرئب رقابنا للموت يباغتنا بالزيارة على حين غفلة وتتهلف حواسنا لمقدمه الينا دون موعد ..تستشعره خلجات نفوسنا آجلا غير عاجل يحتضرنا بالرحيل فينقذنا من مواجع اسواط الحياة التي يجلدنا بها الجلادون...نتشوق لهبوط عزرائيل بالنعش ليحملنا في صندوق رحيلنا الابدي وكفن ارتفاعنا السرمدي ويخلصنا من عفن اجسادنا المعوقة ويحررنا من اسمال جلودنا الممزقة .. فنغادر كوكب الحقد والشر والاستبداد هذا الذي لم نخلق لنحيا فيه مع مخلوقات ليست من جنسنا ولا تنتمي لفصيلتنا وسط بيئة لم نتمكن من التأقلم والتعايش فيها معهم . . ننتظر عزرائيل بشغف ليعيدنا بنفسه الى العالم الذي جئنا منه عن طريق الخطأ...عالم الموت الذي لايتمناه الادنيا...والقتلة وسفاكي الدماء واعداء الحياة..عالم الموت الذي يطردونا اليه عنوة بكل ما اوتوا من قوة وعتاد.
قد نحتمل سيف الشقاء اذ يذبح رقابنا بالجوع والعذاب...لكن ان يشقيك الوعي وانت تنسح خيوط الموت في خضم اللحظة التي تتجرع فيها مرارة الزيف لتعيش عبدا مملوكا لمن انتصبوا ونصبوا انفسهم قادة علينا تحيا بالكلمات الزائفة المستعارة ترددها من اجلهم و تشهد بها لهم بانهم قادة وزعماء وقياصرة واهل حكمة وبصيرة وحشد كبير لا متناهي من الالقاب المزيفة..
انا المواطن المطيع الذي اعيش بزيف شهادتي اليك بأنك انت القائد المتوج بتاج الحكمة والمكلل باكليل البصيرة علينا وانت في الحقيقة لست اكثر من تافه وفاقد للغيرة والشهامة والنخوة والرجولة لم يجد اعداء شعوبنا من هو اتفه واحقر منك بيننا ليقوم بمهمة تدمير شعوبنا وتمزيق اوطاننا نيابة عنهم سواك فصنعوا منك قائدا من العدم .. فذلك امر لا تطيقه نفوسنا و لا تحتمله كرامتنا البشرية . ونفضل الموت على ان نكون من اهله ودعاته..
ولانني خلقت حرا طليقا ولأن قيمة الحرية ليست ربما إلا قولا نستجره على الستنا وكلاما نلوكه في افواهنا كلما ضاق علينا الخناق ...
فان اشرعة الحلم التي نحمل عليها عناء الحاضر في مشقة السفر الى المستقبل القادم بحيث يظل هذا الحلم مؤجلا إلى زمن آخر هو قدرنا .. هل كتب علينا أن نحيا هذه الحياة الظالمة عنوة .. كيف للعمر ان ينتظرنا..وكيف لنا ان نجتاز الحاجز العتيق الذي بناه العتاة بيننا وبين احلامنا... . كلما انتفضنا طوقتنا الجيوش و كلما استسلمنا طوقتنا الدموع ودماء القتلى...ان توحدنا مزقونا وان تجمعنا شتتوا جمعنا.وان تظافرنا فتتوا خريطتنا...
نأتي الى هذا الوجود قدرا و ننتظر عودتنا الى مسقط جثثنا قضاء و بين الذهاب والاياب نقضي حياة زائفة مليئة بالكذب والدجل والبهتان ونعيش كالطفيليات على الرمم وجثث الاخرين.. الزيف ليس قدرا و لاقضاء بل فإنه ارادة حريصة على ان تسقطنا في مستنقعات الرداءة والميوعة كي يستقيم لها الباطل . ارادة تمعن في ازهاق الارواح ونسف حياة الناس.. ارادة تتامر على الشعوب وتحاول ان تدفن كل ذلك تحت ما تبديه امامنا في الظاهر من الكلام الذي تسرده علينا عبر كل وسائط الدجل والتطبيل ..في حين تعجز كل العجز عن التدبير لحل خلاف بسيط اذ ينشب بين زوج وزوجته على المسرح الاجتماعي للحياة فتجعل منه مأثرة تاريخية شبيهة بداحس والغبراء..وتستنفر طاقة المجتمع كله لتاييدها على الخطاء الذي تقترفه كي يصبح صوابا بالقوة ...
تثير حربا و يموت الالاف منا ثم تطل اشباحها بصور تنبعث منها روائح الدسيسة ونتانة المكيدة لتعبر لنا عن ادانتها لتلك الجرائم الجماعية لتي ترتكبها بحقنا كشعوب ــ افرادا وجماعات ــ يمكن أن ندرك من هذا التناقض الواضح في المنطق الذي يتعاملون به معنا بين اقوالهم المسموعة وافعالهم الخفية الظاهرة امامنا بالاثر بانه السر الجامع بينهم . لكن لماذا لا يموتون هم لنحيا نحن ام ان قدر المواطن المسكين يقتصر فقط على طاعة قائده حتى في اعطية لا ترتوي إلا بالدم و التراب.
يؤولون القيم كما أرادوا و يقولون بسم الله انت العبد عليك ان تنصاع و لا تجادل .. بسم الله عطل كل قدرة فيك على الفهم و الفعل والحواس والا حلت عليك اللعنة التي لن تمحى إلا بشرائك لصك المغفرة و الرضوان منه او بالحصار والاذى والامعان في تعذيبك حتى تستسلم له. و في السياسة حيث تعوي حناجرهم من اعناق صدئة بالاخلاق وبالخير يعم البلاد يقضى على الجوع و البطالة والفقر والارهاب..كلاما نسمعه منهم في محافل الكلام والاعلام.. اما اعيننا فلا ترى من حقيقته على الواقع الا الخراب ومزيدا من الدمار ومزيدا من الدمار ..
و في الاعلام معقل الحقيقة والكلمة الصادقة ومنبع التاثير يعشعش زناة المسخ والكذب والحذف والتحريف .. يسربون تفاهاتهم الى مداركنا عبر حواسنا الشقية وينفثون سموم زيفهم في عقولنا عبر عواطفنا النقية ويكتبون عقود مآسينا بايدينا فنرتكبها بايدينا ايضا .. فليس اخطر علي الاوطان والشعوب من السياسيين سوى الاعلاميين والمثقفين وقادة الفكر وحاملي مشاعلي التنوير الذين يبيعون ضمائرهم لمن يدفع اكثر او اقل لا يهم وطز في كل شئ..فهم الذين يقبحون الجميل ويجملون القبيح ويعبثون بوعي الشعب مقابل حفنة من المال واحيانا دون مقابل.
وصمتنا لن يطول وصبرنا له حدود.