مقالات وكتابات


الأربعاء - 16 يناير 2019 - الساعة 12:12 ص

كُتب بواسطة : محمد سالم بارمادة - ارشيف الكاتب



في كل عصر من العصور حاول الفلاسفة أن يوضحوا ويبينوا الطرق المختلفة التي ينبغي أن يتبعها العقل الإنساني لمعالجة مشكلة من المشكلات ولعل أبرزها البحث عن الحقيقة وعن معيار يميز بين "ما هو حقيقي" True "وما هو زائف" False , وعليه يمكن القول إن كل الفلسفات تنظر إلى الحقيقة بوصفها كياناً ثابتاً, أما القفز على الحقيقة الواضحة للعيان في حل مشكلة من المشاكل يبقى معياراً ثانوياً ولا يعتمد عليها اعتماداً كلياً .


وعطفاً على ما قلت سلفاً أقول, لا ادري لماذا الإصرار من قبل مارتين جريفيت اعتبار الحالة الإنسانية التي يطرحها بقوة هي جوهر المشكلة في اليمن, ولماذا يُصر على أن يطرح حلها قبل كل شئ؟ صحيح نعاني ما نعانيه من مشكلة إنسانية وغيرها, لكن .. أليس سبب هذه المشكلة أولاً وأخيراً انقلاب مليشيات حوثية إيرانية على الشرعية الدستورية للبلد؟ أليس الشعب اليمني في كل اليمن وفي كل مكان يتواجد فيه داخل الوطن وخارجة يعاني من أوضاع إنسانية سببها هذا الانقلاب الحوثي؟


إن طرح الحل للقضية اليمنية على أساس إنساني من خلال المؤسسات الدولية المختلفة, وان حل المشكلة اليمنية يكمن من خلال أكياس الدقيق والأرز ومساعدات الإغاثة الإنسانية العاجلة, إنما هو ذر الرماد على العيون, وحل يتم تغليفه تحت بوابة الإنسانية والمساعدات, والهدف من وراء ذلك بالتأكيد هو شرعنه انقلاب الانقلابيين الحوثيين الإيرانيين, وإقناعنا بالقبول بهذا الانقلاب كأمر واقع .


الحقيقة التي لا جدال فيها إن قضيتنا لم تكون في يوم من الأيام قضية إنسانية, مع إدراكي التام والواضح للوضع الإنساني في بعض المناطق, وإنما قضيتنا كانت وستبقى سياسية بامتياز, وقضية حقوق سياسية وطنية مشروعة تتمثل في استعادة الشرعية اليمنية التي انقلبت عليها المليشيات الانقلابية الحوثية, وتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة وعلى رأسها القرار 2216 والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني .


السيد جريفت ... الحقيقة الثابتة والتي لا تقبل أي نقاش هي إن لدينا القرار ألأممي رقم 2216 والمرجعيات الوطنية الثلاث التي لا ينبغي لأحد أياً كان القفز عليها, لذا فالسلام في اليمن يمر بالقبول والاعتراف والالتزام الصريح بتنفيذ القرارات الدولية، وأن التعاطي بمصداقية مع القرار ٢٢١٦ يبدأ بالانسحاب من العاصمة صنعاء والمدن الأخرى، وتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، لإفساح الطريق أمام الحلول السياسية اللاحقة، وأنه من الصعب العودة إلى نقطة البداية مع كل مرحلة من مراحل التفاوض، وأن إطلاق سراح جميع المعتقلين دون استثناء واجب وطني وإنساني، وخطوة نحو السلام .


أخيرا أقول ... إن القفز على الحقيقة وفرض خيارات وأطروحات تجزيئية للحلول لا تستوعب عمق المشكلة، ولا تقدم حلولا ناجعة لها، إنما تسعى إلى تأجيلها لصالح حسابات ضيقة وذات مصالح أنانية تتقاطع مع مصلحة الوطن ومصلحة شعبنا اليمني وترتبط بأجندات إقليمية ودولية.. ويا غريفت وباتريك .. الحقيقة إن قضيتنا انقلاب وليست إنسانية, والله من وراء القصد .

حفظ الله اليمن وشعبها وقيادتها ممثلة في فخامة الرئيس القائد عبدربه منصور هادي من كل سوء وجعلها دوما بلد الأمن والاستقرار والازدهار.