مقالات وكتابات


السبت - 12 يناير 2019 - الساعة 10:41 م

كُتب بواسطة : جمال لقم - ارشيف الكاتب



( من نعمة إلى نقمة)
هكذا تحول الحال بين الوزير احمد الميسري وصناع القرار في سلطة الشرعية ، فمن خلال المتابعة لجميع القرارات الرئاسية خلال فترة السنوات العجاف وتحديدا منذ الإطاحة ببحاح سيجد ان معظم القرارات الرئاسية تصدر وفق تخطيط مسبق وممنهج لصالح جهات معينة داخل الشرعية ، ولعل اهم المؤهلات التي يؤخذ بها عند صدور اي قرار بتعيين مسؤولي الحكومة هي مدى اختلاف المعينين مع المجلس الأنتقالي والقضية الجنوبية و السلفيين وسهولة الترويض للعمل وفق اجندات واهداف معينه وان يكون موقفه مناوئا لدولة الأمارات .

كنت قد كتبت مقالا ونشر في احدى الصحف وكان ذلك في اواخر ايام العام المنصرم وكانت تلك الأيام عصيبة على الجنوبيين والفتنة تؤجج بينهم والنافخون ينفخون في الكير ﻹشعالها وحينها صدر قرار تعيين الميسري وزيرا للداخلية و لكم تتخيلوا كم أحزنني وآلمني ذلك القرار ، ليس ذلك تنقيصا في حق الميسري او التقليل من شأنه معاذ الله ، ولكني اعلم ثباتت الرجل وشجاعته ومدى ولائه للرئيس ومع اجواء الشحن والبغضاء التي كانت تسود حينها ، أدركت حينها انما هم أرادوه النزول إلى حلبة القتال وكتبت مقالي وتمنيت فيه ان يكون الميسري هدية العام الميلادي الجديد لعدن واهلها وان لا يكن ما ارادوا له ان يكون ..

لم تمض سوى ايام وحدثت احداث يناير التي ارادوها ان تحدث ، حينها تذكرت مخاوفي من تعيين الميسري .. غادر الرعاع وأصحاب الكروش الكبيرة ورجال الورق ، وكان الميسري عند حدسي وظني به ثابتا لا يتزحزح مع ان خيارات الفرار متوفرة ، لكنها مبادئ الشجعان التي لا يعرفها الا القليل ، غادرت عدن كل ما يمت للشرعية بصلة الا هو كان الوجه الحقيقي للشرعية أن لم يكن الشرعية ذاتها ..

الميسري هم ارادوه ان يكون عصاهم التي تجلد بها اجساد الجنوبيين ... هم ارادوه ان يكون كلبهم الشرطوي يحرسهم مقابل معيشته .. هم أرادوه ان يكون رجلا بلا دولة ولا يردونه رجل دولة .. هم ارادوه ان يكون فردا من افراد القطيع الجنوبي الموالي لهم ، يقودونه حين يشآؤون وإلى اين يريدون ، ولم تراود مخيلتهم او حتى تزاور احلامهم وتوجساتهم أن يشذ الميسري خارج قطعانهم ، لهذا نرى حملاتهم ومنشوراتهم القذرة والكيدية التي يتداولونها محاولين بذلك تشويه الرجل و تمهيدا للإطاحة به ، بعدما تملكهم القنوط من محاولات زرع الفتنة بينه وبين قوى الأمن في عدن وبينه وبين كيانات وقادات جنوبية وبينه وبين الجنوبيين ككل لأن كل هؤلاء يقدرون قيمة الرجل مهما اختلفت الرؤى ، فالشجعان لا يقدرهم الأنذال والثعالب وانما يقدرهم الشجعان و تقدرهم
الأسود .

أكثر ماكان يغيض هؤلاء هو ان الميسري في باطنه يخفي جنوبيته وهويته الجنوبية وهذا كان يمثل ازعاجا لهم في نفوسهم وقد يعيق مخططاتهم واهدافهم ، فحينما يلاحظون ان الميسري يقود المؤتمر الشعبي في الجنوب ويسميه بالمؤتمر الشعبي الجنوبي فتلك نزعة انفصالية لا تتماشى مع سياساتهم ، وعندما يتابعون التنسيق الأمني قائم بينه وبين كافة القوى الامنية بمختلف مسمياتها ويشاهدون حملات امنية مشتركة بينهم وحينما يقوم الوزير بالتعزية في مقتل الشهيد فهد غرامه الذين يرونه زعيما من مليشيات الحزام وحينما الميسري يحبط الفتنة بين ابناء مودية والقائد عبداللطيف السيد وحينما يقوم الوزير بعدول السيد عن الأستقالة التي كان قد قدمها من قيادة الحزام وحينما يساهم الميسري بإخماد الفتن والمكايدات مع قيادات الحزام وحينما يظهر الميسري ويندد بإتفاق السويد حول الحديدة ويظهر مدى حزنه على تضحيات الجنوبيين في الحديدة ، وحينما يحاول الرجل بناء مؤسسات وحينما يريد وقف الفساد والعبث باموال عدن واراضيها ومرافقها ، وحينما وحينما وحينما .... من هنا ومن كل ما سبق ادرك صناع القرار في الشرعية ان الميسري شب عن الطوق وخرج من قطعانهم بل واصبح الرجل ينظر إليه بأنه الرجل الوحيد في سلطة الشرعية بل الشرعية نفسها ، كما ان احتفاظه بنزعته الجنوبية .. كل ذلك قد أغضبهم وأصبح الميسرى نقمة عليهم لا نعمة لهم .. وهنا اطلقوا كلابهم المسعورة و نعيق غربانهم كأنيس منصور وغيرهم ممن هم على أستعداد لبيع أقلامهم لتشويه الرجل والمطالبة بعزله من منصبه أن لم تكن الحكومة قد بدأت خطواتها لتنفيذ ذلك وارادوا فقط تهيئة الراي العام في عدن لتقبل الأمر ..

لم يكن ببال احدا منهم يدرك ان الميسري سيدافع عنه الحراكيون قبل غيرهم ولم يكن ببالهم ان الجنوبيين سيتوحدون حيال الميسري بمختلف توجهاتهم وتيقنوا اخيرا للأمر ولسان حالهم يقول ( هذا الذي ما حسبنا حسابه )..

الذي يحزنني في الأمر ان هناك اعلاميين جنوبيين أغبياء لازالوا يرون ان هناك كيانات وقوات جنوبية هي من تعادي الميسري وانهم من يروجون ويحدثون ذلك اللغط والأشاعات حول الرجل ..
ياهولاء اصحوا من سباتكم فالوضع قد تغير وترقى وانتم لازلتم في اقفاصكم كالبغبغاوت ترددون اولى الكلمات التي حفظتموها من معلميكم في اولى خطوات تعليمكم وتعهداتكم له ، او وكأنكم آلات (ريبورتات) تتحركون (بريموت كنترول) عن بعد .

ختاما من يحب الميسري بصدق فلا يبحث له عن عدو جنوبي فالمسألة قد باتت واضحة ، فلا مكابرة اليوم ولا منخل يحجب ضوء الشمس ..